*قرابة الواد ,ذاكرة منطقة بمجرد أن تطأ قدماك مدينة باطنها مياه معدنية وظاهرها أصالة وعراقة عندما تشعر بوساعة الصدر وطيبة القلب موغلة في تفاصيل التاريخ بجمر الأيام الماضية عندها تدرك أنك في مدينة العقبان، التي شهدت كباقي ولايات الأرض الطيبة محطات مهمة في تاريخ الاستعمار الغاشم مدينة سعيدة المعروفة بمظاهرات 3 ماي و18 ماي حرق مقر البلدية 1945 وشهد ترابها العديد من المعارك معركة المرجة، معركة جبل بوعتروس ،هونت ، عين المانعة ،تامسنة ،ميمونة ...و أحياء تشهد كل زاوية من زواياها آثار تركت جراحا ستبقى في ذاكرتنا ،وأحياء شهدت الثورة بسعيدة حي فيلاج بودية و عمروس فيلاج الدالية المحطة ... قرابى الوادي **أزقته الضيقة تحكي قصصا وحكايات لا تنتهي عند دخولنا الى حي داودي موسى للوهلة الأولى لم يخطر ببالنا أن المباني التي كانت قرابى لازال بعضها موجودا خاصة مع العمارات والمباني الجديدة، ونحن نجول عبر الأزقة الضيقة في قلب هذا الحي العتيق و بحويشات المشيدة بالحجر التي لا تزال تحكي جدرانها عن أيام بمرها و حلوها عاشها السكان و لو تتكلم لحكت قصصا و حكايات لا تنتهي هناك ،خاصة إبان الوجود الاستعماري الذي حاول بكل ما أتيح له من قوة أن يسلخ الجزائري عن هويته، و أصالته ، ودينه، ولغته ، كان هذا المدخل من الزمن المر ذلك الزمن الذي عاش فيه آباؤنا و أجدادنا كل ما تعرفه وحشية وبشاعة المستعمر من معنى. " فيلاج ناقر دوي ثابت الذي كان يضم مختف العروش و هذا الاسم "ناقر"الذي أطلقه الاستعمار قديما على هذه المنطقة لأن السود كانوا فيه بكثرة يأتون من مختلف المناطق بدون مأوى للعمل تجمعوا في تلك المنطقة و أصبحت تعرف بعد الاستقلال بقرابة الوادي وحاليا الشهيد داودي موسى ابن الحي هذا الحي التاريخي الرمز الذي يفصله واد ي القرابة بوسط المدينة . **شعب أيقن أن فرنسا في بلادنا زائلة لا محالة
العديد من الشيوخ الذين وجدناهم يتجاذبون أطراف الحديث في إحدى زوايا حي داودي موسى الذين عايشوا فترات تاريخ العقبان فرحوا خاصة لما سألناهم عن التاريخ حكوا لنا كثيرا عما في خاطرهم وكأنهم كانوا ينتظروننا لكي يعبروا ما في قلوبهم من جراح الماضي على ما فعله الاستعمار بآبائنا و أجدادنا ، ولازالت جراحهم عميقة ، فرنسا لم تترك شيئا بشعا لم تفعله في بلادنا كانت هذه المنطقة لا توصف التهميش و التجهيل وجوع وفقر و عراء و قرابى و أكواخ هم من فرضوا على هذا الشعب الضعيف هذه الأوضاع ، رغم كل هذا سياستهم فشلت مع شعب أراد الحياة و استرجاع أرض لأصحابها الاصليين شعب أيقن رغم تجدر الاستعمار الغاشم و النهب و السطو على أموالهم و أراضيهم ، سياسة التجويع التي كانت تنتهجها فرنسا للضغط علينا وشردت معظم الفلاحين من أراضيهم إلى المدينة كان هدفهم تثبيت أقدامهم في هذه المنطقة ، وما كنا متأكدين منه أن فرنسا في بلادنا زائلة لا محال ولا بد لها أن تسقط يوما ما ولما اندلعت الثورة المباركة الكل الذي أحب و آمن بحرية بلاده ساعد بمال قليل أو كثير أو ثياب أو قدم سرا وهناك من انخرط مباشرة ، هذا الحي العريق الذي تفرعت منه الأحياء كان ملاذا آمنا للمجاهدين حيث كانوا يفرون اليه و يختبئون فيه أيام قيامهم بعمليات نضالية أو اثناء الوشاية بهم ، هذه المنطقة كانت مكانا للفقراء منهم من استولوا المعمرين على أملاكهم وجردوهم منها والذي همشهم الاستدمار وتعرضوا الى سياسية التفقير و التهميش والإقصاء الاجتماعي التي ظلت تحت وطأتها لمدة عقود من الزمن كما عانى منها الجزائريون في كل منطقة وكان هذا المكان الذي ترونه ليس كبيرا كما ترونه اليوم كان عدد سكان القرابة محدود مقارنة على ما أصبحت عليه الآن بعد أن رحل منها العديد من السكان الأصليين وسكنه العديد من السكان الجدد من أحياء ومناطق أخرى والقرابة هي من القربي أي البيت الذي شيده السكان الذي لم يجدوا مأوى لهم المحاذية للواد
**مركز لتنفيذ العمليات الفدائية فأزقته الضيقة و سطوحه المتلاصقة تحكي قصة في عهد الاستعمار من الأحياء القديمة التي تجمع صفات حي القرابة كحي عمروس و فيلاج بودية وفيلاج الدالية وحي لقار...كلها أحياء فجرت الثورة بسعيدة قرابى الوادي كان مركزا للمجاهدين او بالأحرى مركز مرور لتنفيذ العمليات الفدائية وعليه استعمل قادة المستعمر الغاشم بقيادة بيجار كل الوسائل المتاحة لصد عمليات المجاهدين للوصول الى مراكزها المنتشرة بوسط مدينة سعيدة حي القرابة الشعبي أو حي الشهيد داودي موسى ينقسم على اثنين القرابة السفلى التي كانت تضم قربي الجماعة بالمكان المسمى ...سيق...حيث كانت فرقة الديوان التابعة لمولاي الطيب تنشط بذات القربي للجماعة ومن الجهة الثانية القرابة العليا وبقرب الجبل المكان المسمى الشارة قديما لأن الفرنسيين كانوا يتدربون على تصويب الرصاص ، هذه الجهة والتي لازالت لحد الساعة قائمة تضم بصمة عائلات سعيدية باعتبار أن هذا الحي جزء لا يتجزأ من تاريخ مدينة سعيدة ونحن نعبر مسالكه ذكر لنا أحد سكانه أن هذا الحي الذي توسع كثيرا وانه يعتبر أقدم الأحياء الشعبية التي شهدت التاريخ لازال مهشما إلى يومنا رغم التنمية البطيئة التي يشهدها منذ سنوات ، كنا عائلة واحدة ولكن سرعان ما بدا يفقد صفات ذات الحي الشعبي ايام زمان القرابة وسعيدة بصفة عامة .