يعود الروائي الجزائري محمد مفلاح في روايته الجديدة "شبح الكليدوني"، الصادرة عن دار المتهى إلى حكايات الجزائريين الذين نفاهم الاستعمار الفرنسي إلى جزيرة كاليدونيا في المحيط الهادي، بالقرب من أستراليا، ويرحل بالقارئ في سرد يات المنفى ليكتب التاريخ الفني للمنفى الاستعماري كما يقترب من أسئلة جزائر اليوم، تنطلق الرواية من تتبع السارد ليوميات الشخصية السردية "امحمد شعبان" وهو موظف في قطاع الثقافة يعاني من مشاكل اجتماعية كثيرة ، يضيف الروائي لها الصراعات النفسية الفكرية التاريخية ومحاصرة الماضي له، فكل يوم وعبر كل فكرة أو خاطرة نجده محاصرا بصور والد جده الشيخ محمد الكاليدوني، بخاصة في ظل حرص والده على السعي للوصول إلى قبر الجد الذي نفته فرنسا في ستينات القرن التاسع عشر ، حيث كان الاستعمار ينفي المقاومين والمعارضين لسياساته وممارساته القمعية والوحشية ، وتتساءل الرواية عن أسباب إهمال المؤرخين للمنفيين في كاليدونيا. ويلتفت السارد إلى الراهن الجزائري ، ويقترح مشاهد من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وكذلك بعض الممارسات السياسية المحلية والوطنية ، كما لا ينسى الشأن العربي والدولي وتأثيرات الربيع العربي والخراب القيمي والمادي الذي تشهده الخارطة العربية، ليرغم القارئ على التفاعل الفكري مع نصه، والانتقال الفني والدلالي بين الأزمنة والملامح الاجتماعية و القناعات السياسة القيم التاريخية، وهو ما قد يتعب القاري الكسول الباحث عن الدلالة من القراءة الأولى فقط .. إن الرواية صرخة فنية في وجه كل سياسي جزائري بل في وجه كل مواطن ، تدعوه للعودة إلى دراسة التاريخ المحلي وحفظه وصيانه ، والابتعاد عن الطرح الأيديولوجي الضيق و الموقف السياسي المنغلق ، قبل فوات الأوان ، وقبل أن يجد الوطن نفسه امام ابناء من غير ذاكرة ومن غير قيم. وربما هذه الرؤى التي حضرت سردا تفسر الحنين الكبير لتراث و أزمة الأجداد في كاليدونيا ..يتبع