عاشت بلدية تيانت بولاية تلمسان أمس يوما تاريخيا بكل إمتياز من خلال وعدة مولاي إدريس ، هذا الاسم الذي يقترن بأحد المعالم الدينية المهمة ألا و هو مسجد قرية تيانت القديمة الذي يزيد عمره عن 950 سنة ، و الوعدة كانت بمبادرة من الأهالي و السكان بالتنسيق مع المجلس البلدي الذي وفر و جند جميع الوسائل البشرية و المادية، و قد عرفت حضورا شعبيا خارقا للعادة من عائلات و أسر من كل صوب وحدب ، و العديد من الشخصيات و المسؤولين ، المثقفين و مختلف شرائح المجتمع، حيث بدأت الحركة منذ الصباح الباكر من طرف النسوة اللائي شرعن في طهي الكسكسي و تم نصب الخيام كاستعداد لاستقبال الضيوف الذين أبوا إلا أن يكونوا حاضرين في هذا العرس السنوي. عندما دقت عقارب الساعة 11 صباحا، انطلقت عملية تقديم الوجبات للوافدين بقوة و استمرت لغاية الخامسة مساءا من كثرة الحاضرين من مختلف الأماكن و البلديات و الدوائر ، و حسب المنظمين فإنه تم توزيع 1200 وجبة كسكسي ،إلى جانب التمر و الحليب ، كما اتسمت وعدة مسجد مولاي إدريس بروح التآخي والتصالح و التعارف بالتقاء مختلف شيوخ المناطق من شتى الأعراش ، حيث بدت حاضرة ملامح الفرحة التي رسمت لوحاتها الفرق الفلكلورية أو ما يعرفون بالخيالة التي أمتعت المئات من الزوار الذين قدموا من مختلف بلديات الولاية والولايات المجاورة. لقد عادت الوعدة بعد أن غابت قرابة عشرية كاملة ، ويعرف سكان المنطقة بأنهم أهل جود وكرم وضيافة، فمنذ الوهلة الأولى تأسرك الأجواء التي تضفي على المكان هيبة خاصة بوجود السلطات المحلية التي كانت تستقبل الوافدين على رأسهم رئيس البلدية ، وتعد وعدة مولاي إدريس تظاهرة ضاربة في عمق التاريخ و لها دلالات تاريخية منذ القدم خاصة و أنها تتعلق بأحد الشواهد الدينية الناذرة على مستوى الوطن ،و قد اتخذ منها سكان المنطقة هذه السنة موعدا للتلاقي والتصالح و تسليط الضوء على هذا المسجد العتيق الذي يرمز لعدة قرون خلت. 80 فارسا في لوحات الفلكلور و العاب الفانتازيا و لقد استمتع الحاضرون بألعاب الفانتازيا و الفروسية، حيث طلقات البارود المدوية في أرجاء القرية والمرفقة بصيحة الخيّالة وإيعاز القائد الموحد لسيمفونية طلقة البارود والغبار المتطاير من حوافر الخيل يملأ الأجواء بهجة، ويضفي على المكان هيبة، فيرتدي فرسان كل قبيلة ألبستهم التقليدية كالبرانيس والعمامة، فيما تزين الخيول بسروج متنوعة الأشكال والألوان، وبمجرد إعطاء إشارة الانطلاق تصطف مجموعات الفرسان المتواجدين على خط واحد، قبل أن يهبوا بعد أمر قائد المجموعة في سرعة كبيرة وهم يطلقون البارود، وتعتبر أحسن عملية تلك التي تتمكّن من تحقيق الانسجام حتى يبدو للجمهور وكأن الأمر يتعلق بطلقة بارود واحدة مشتركة، وفي نهاية الاستعراض تظهر على فرسانها ملامح الفخر والاعتزاز بخيولهم المعتادة على مثل هذه التمرينات، وهم راضون عمّا قدموه في سباقهم ، و قد شارك في هذه الوعدة أكثر من 80 فارسا يمثلون مختلف جهات الولاية كفلاوسن و جبالة و سيدي بوجنان و مرسى بن مهيدي و مغنية و دار بن طاطا و ندرومة و سيدي بولنوار بالرمشي ومسيردة، كما تميزت الوعدة بتوفير كل شروط الراحة للزائرين والتكفل بهم كالأمن و الخيم و فضاء خاص بالنساء، وتشكل «الوعدة» التي جمعت أزيد من 05 آلاف زائر فضاء مميزا لإبراز قيم الكرم وحسن الضيافة، و التعريف بالمنطقة و بمعالمها ، و دامت هذه الأخيرة إلى وقت متأخر ما بعد المغرب ليكون الاختتام بتوزيع شهادات تكريمية من طرف السلطات على مجموع الفرسان المشاركة و المنظمين و المساهمين في إنجاح وعدة مسجد مولاي إدريس بتيانت.