أفادت الأنباء الواردة من ليبيا بأن قوات العقيد معمر القذافي استعادت السيطرة على مدينة رأس لانوف النفطية الساحلية مما دفع بقوات المعارضة للانسحاب باتجاه مدينة البريقة. ويفيد المراسلون العائدون من الخطوط الأمامية بأن قوات القذافي المهاجمة تعتمد في تقدمها على السيارات المدنية والشاحنات المتوسطة الحجم، مما يصعب على القوات المعارضة المسلحة والقوات الدولية التمييز بين المجموعات المسلحة المتنازعة. وقال موفدنا ناهد أبو زيد إنه لا يشاهد الكثير من الآليات العسكرية الثقيلة أو المدرعات التي كانت في السابق هدفاً لغارات مركزة من قبل طائرات حلف شمال الأطلسي. ويحاول المعارضون الحفاظ على مواقعهم الأمامية بعد أن استطاعت قوات القذافي استعادة عدة مدن ساحلية. وقال مراسلنا إنه رأى مسلحي المعارضون يرسلون تعزيزات إلى خطوط المواجهة مع قوات القذافي بينها أربعة أنظمة لإطلاق صواريخ الكاتيوشا.هذا وأفادت تقارير من مدينة مصراتة غرب ليبيا أن قوات المعارضة تتعرض لهجوم شديد تشنه قوات القذافي. ونسبت وكالة أنباء فرانس برس لمقاتلين معارضين أن قوات القذافي أمطرتهم بوابل من نيران الدبابات والمدفعية، مما دفعهم للفرار بالمئات.وطلب المعارضون من قوات التحالف شن غارات على قوات القذافي لاضعافها. وقال مراسل لوكالة أنباء رويترز إنه سمع أزيز طائرات وأصوات انفجارات، وأكد له أحد المقاتلين العائدين من راس لانوف أن طائرات فرنسية شنت غارات على قوات القذافي. وقال أحد شهود العيان لوكالة رويترز إنه رأى رتلا من عربات الدفع الرباعي التابعة للمعارضين تتجه شرقا، مبتعدة عن راس لانوف. وقال أحد المقاتلين لرويترز هذه معركة كر وفر، ولا تزال الاشتباكات حول راس لانوف مستمرة. وفوجئ المعارضون المسلحون بأسلحة خفيفية بقوة النيران التي تعرضوا لها، وتميزة عملية انسحابهم بشيء من الفوضى والهلع. وكانت القوات الامريكية هاجمت الليلة الماضية ثلاث سفن ليبية بما فيها سفينة تابعة لحرس الحدود، لمنعها من استهداف سفن تجارية في ميناء مصراتة. وفي تلك الأثناء ثار الجدل بشأن قضية تسليح المعارضة الليبية، فقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن حكومته لا تستبعد الفكرة لكنها لم تتخذ قرارا نهائيا في هذا الشأن. وفي المقابل صرح وزير الخارجية الروسي سرجي لافروف الأربعاء في موسكو ان قرار مجلس الأمن الدولى لا يخول الدول الكبرى بتسليح المعارضين. كما اعلن متحدث باسم الخارجية الإيطالية رفض بلاده إرسال أسلحة إلى مقاتلي المعارضة. ولم تستبعد الحكومة الفرنسية تسليح المعارضين، وقال رئيس الوزراء ألان جوبيه في مؤتمر لندن أمس الثلاثاء إن فرنسا مستعدة لمناقشة الأمر. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون انه بالرغم من وجود حظر على توريد الأسلحة لليبيا الا أن هذا الحظر لم يعد قائما بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1973. وصرح المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي مصطفى غورياني لصحفيين في بنغازي قائلا انه من السذاجة الاعتقاد بأن المعارضين لا يقومون بتسليح أنفسهم لمواجهة مستوى التسليح الذي تتحلى به قوات القذافي. ورفض المتحدث أن يؤكد أو ينفي أن تكون فرنسا هي مصدر التسليح، ولكنه قال ان دولا صديقة تدعم الثوار. وفي نفس الموضوع قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه واثق من أن العقيد الليبي معمر القذافي سيرحل في نهاية المطاف عن السلطة، ولم يستبعد أن تسلح الولاياتالمتحدة الثوار الليبيين الساعين لإسقاطه، لكنه شدد في تصريحات أخرى على أن بلاده لن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في حربها على العراق. وأضاف أوباما -في مقابلة مع شبكة أن بي سي- أن هدف قوات التحالف هو ممارسة ضغط مستمر على القذافي لحمله على التنحي في نهاية المطاف. وبحسب الرئيس الأميركي فإن الضغط العسكري والعقوبات الدولية أضعفا إلى حد بعيد العقيد الليبي، وتابع هو ليست له سيطرة على معظم ليبيا في هذه المرحلة، لكنه لم يلاحظ سعيا من جانب القذافي حتى الآن للتفاوض على خروجه من ليبيا. ولم يستبعد أوباما إمداد المعارضة المسلحة في ليبيا بمعدات عسكرية، قائلا هذا شيء لا أؤكده ولا أستبعده، مشيرا إلى أنه وافق بالفعل على تقديم مساعدات للثوار غير مميتة، مثل معدات للاتصالات وإمدادات طبية ومساعدات أخرى. وتابع سندرس كافة الخيارات لتقديم الدعم للشعب الليبي حتى يمكننا الانتقال نحو ليبيا أكثر سلاما وأكثر استقرارا. وذكر أوباما أن استخدام القوة العسكرية في ليبيا ليس إشارة إلى أن واشنطن ستعتمد هذا النوع من السياسات في صراعات أخرى. وفي كلمة ألقاها من جامعة الدفاع القومي في واشنطن أمس الثلاثاء، قال أوباما إن بلاده لن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في حربها على العراق بمحاولتها الإطاحة عسكريا بالزعيم الليبي معمر القذافي، لكنه شدد على أن العالم سيكون أفضل في غيابه. وقال إذا حاولنا الإطاحة بالقذافي بالقوة فإن تحالفنا سينهار. وأضاف يجب علينا عندها على الأرجح إرسال قوات أميركية على الأرض. وأوضح أن المخاطر التي سيواجهها جنودنا وقتها ستكون كبيرة جدا، وكذلك التكاليف، ومسؤوليتنا عما سيحصل بعد ذلك في ليبيا. وقال أوباما لقد سلكنا هذا الطريق في العراق، ولكن تغيير النظام استوجب ثماني سنوات، وكلف آلاف الأرواح من الأميركيين والعراقيين، ونحو ألف مليار دولار.. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن يتكرر هذا الأمر في ليبيا. وبرر الرئيس الأميركي التدخل العسكري في ليبيا بأنه من واجب الولاياتالمتحدة أن تتحرك عندما تكون مصالحها وقيمها مهددة.