يجلس الشاب السوري رافا أبو الهوى في شرفة المنزل المطلة على ساحة ديدوش مراد بقلب العاصمة الجزائر، يتأمّل المتظاهرين وهم يردّدون شعارات مطالبة بالتغيير، هو وآخرون وجدوا أنفسهم في خضم حراك أراد البعض ربطه بما حدث في سوريا، فهل تصح المقارنة؟ أبو الهوى يتابع دراسته في جامعة الجزائر، يروي في لقائه مع الجزيرة نت شعوره أثناء انطلاق المظاهرة الأولى التي شهدتها الجزائر يوم 22 فبراير الماضي، والتي لم تكن قد اتّضحت ملامحها إن كانت سلمية أم لا، ويقول “حين سمعت أصوات الناس تتعالى بالهتافات تسلّل الرعب إلى داخلي، تساءلت عن مصير الجزائر، وهل سأفقد هذا البلد بعدما فقدت وطني الحبيب؟”. يرى الشاب السوري أن الحراك الذي تشهده الجزائر لا يشبه “أبدا بدايات الثورة في سوريا”، ويقول إن “أجمل ما في حراك الجزائر أنه سلمي، وهذا يدل على وعي الشّعب بمخاطر الانزلاق”. عايش أبو الهوى سنتين من الحرب في سوريا “التي اتجهت بسرعة نحو التعبير بغضب من قبل الشارع والعنف المبالغ فيه من جهة النظام”، ومن تجربته تلك يؤكد أن “حراك الجزائر ربيع حقيقي”. .. حراك الابتسامة التاجر السوري الشاب زيد أسعد لاحظ أن الحراك في الجزائر وعلى عكس ما كانت الحال عليه في سوريا، شهد حضور النساء منذ أول يوم بين المتظاهرين. وكان رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى قد أثار ضجة بتصريحاته في بداية الحراك حين قال إن الثورة في سوريا أيضا بدأت بالورود، حيث رد أسعد (35 عاما) وهو يتذكّر ما وصفه بالانقسام الذي شهدته بلاده، قائلا “لا مجال للمقارنة بين ما يحصل هنا وبدايات الثورة في بلدي، هنا الجميع واع، كما أن المظاهرات في الجزائر انطلقت في وقت واحد وبعفوية”. تقف الجزيرة نت عند أحد النّقاشات التي تدور بين الشابة السورية سلمى بايزيد طالبة الحقوق بجامعة الجزائر وزملائها المتظاهرين بحراك 22 فبراير، حيث تقول سلمى “رغم أنه لا توجد أي مؤشرات للخوف، لكن الحذر أولوية خاصة في منطقة الشرق الأوسط لأن مطامع الغرب فينا لا تفنى”. يرد زميل سلمى الجزائري كمال حركات قائلا “الخوف هو من جعلنا نصمت لعشريتين وحان الوقت لنُسمع صوتنا”، في حين ترى الشابة السورية أن الحوار أداة مهمة في مثل هذه الحقب الفاصلة التي تعيشها الشعوب لأن “أمن الوطن هو الأولوية الأولى”. لا تهدأ النقاشات بين الشباب الجزائريين والسوريين المقيمين في الجزائر، في محاولات للمقارنة بين الحراك هنا وبداية الثّورة هناك، تقول سلمى إن أهلها يمنعونها من الخروج يوم الجمعة مع زملائها حتى من منطلق الفضول ورغم سلمية الاحتجاج. .. الشعب يريد تقول سلمى إنها تخاف من سماع عبارة “الشعب يريد تغيير النّظام”، حين يردّدها جمع غفير من الناس، لأنها ارتبطت بذكرى أليمة لم تتجاوزها رغم وجودها في الجزائر منذ خمس سنوات، وتتمنى أن “يغلّب الجزائريون بعد مسيراتهم الناجحة صوت العقل على العاطفة”. وتلفت إلى أنه وفي مسيرات الجزائر “الجميع مبتسم الشرطي والمتظاهر، هو حراك بعيد عن التّشنج، لا يوجد انقسام هنا، الكل مجمع على كلمة واحدة، ما يحصل في الجزائر لمّة وطنية حقيقية”. وعن الشعارات التي يرفعها المتظاهرون الجزائريون في احتجاجاتهم، خاصة التي تقول “الجزائر ليست سوريا”، قالت سلمى “على قدر ما آلمتني هذه العبارة، دعمتها بعدما فهمت معناها، وفعلا الجزائر ليست سوريا، والمقارنة بين الوضعين غير واقعية”. كل المتحدثين في هذا التقرير لم يوافقوا على التقاط صور لهم لأن تخوفاتهم مضاعفة، فهم يخشون على أهلهم في سوريا إن تم التعرف عليهم، كما لا يريدون أن يكونوا طرفا في الحراك ومنح فرصة لأعداء الحرية لادعاء وجود أجانب في مسيرات الجزائريين.