أعلنت الرئاسة الجزائرية صباح أمس وفاة الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري عن عمر ناهز 80 عاما. وقرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إعلان الحداد لمدة 3 أيام في مؤسسات الدولة، ولمدة 7 أيام في المؤسسات العسكرية كما قرر تبون تعيين اللواء سعيد شنقريحة رئيسا للأركان بالإنابة. ورحل الفريق قايد صالح في ذكرى وفاة أحد قادة الثورة التحريرية، متمثلا في حسين آيت أحمد الذي وافته المنية منذ 4 سنوات، بعد مساري ثوري ونضالي وسياسي مميز على جميع الأصعدة. كما يستعيد الجزائريون ذكرى وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين الذي وفاته المنية يوم 27 ديسمبر 1978، حيث يعد محمد إبراهيم بوخروبة الرئيس الثالث للجزائر منذ التكوين والرئيس الثاني منذ الاستقلال. وشهد يوم 23 ديسمبر 1985 وفاة فرحات عباس، الذين يعد من أبرز السياسيين الجزائريين، أسس الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، وكان عضوا في جبهة التحرير الوطني إبان حرب التحرير الجزائرية، وعين أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة للجمهورية الجزائرية من 1958 إلى 1961، وتم انتخابه عند استقلال الجزائر رئيسا للمجلس الوطني التشريعي. وفي 25 ديسمبر 1916 ولد أحمد بن بلة الذي يعد أول رئيس للجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال، حيث تولى المهمة من 15 أكتوبر 1963 إلى 19 جوان 1965، وساهم في تأسيس جبهة التحرير الوطني عام 1954 واندلاع الثورة التحريرية. وفي 31 ديسمبر 1980 شهد وفاة عبد الحفيظ بوصوف الذي يعد مؤسس المخابرات الجزائرية، وكان له دور قيادي كبير أثناء الثورة التحريرية. الشرق الأوسط الجزائر تودّع قائد الجيش في مرحلة دقيقة من أزمتها السياسية أجمع مراقبون بالجزائر على أن وفاة رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الرجل القوي في النظام، الفريق أحمد قايد صالح، أمس، تشكل منعطفا حاسما في الأحداث والأزمات السياسية، التي تعيشها البلاد منذ اندلاع ثورة الشارع ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ومباشرة بعد ذلك عين الرئيس عبد المجيد تبون قائد القوات البرية اللواء سعيد شنقريحة رئيسا لأركان الجيش الوطني بالنيابة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين استمرارا لنفس سياسة الراحل، أي الحرص على تسيير شؤون البلاد في المرحلة المقبلة، وذلك بالاشتراك مع الرئيس الجديد عبد المجيد تبون. وبمجرد إعلان خبر وفاته، أعلنت تنظيمات طلاب الجامعات تعليق مظاهراتها، التي درجت على تنظيمها كل يوم ثلاثاء بهدف «تجنيب البلاد أي انزلاق محتمل»، بحسب تصريحات لقادة هذه التنظيمات. كما تعالت دعوات في شبكة التواصل الاجتماعي إلى عدم التظاهر يوم الجمعة المقبل، استثناء، بعكس ما جرت عليه العادة منذ عشرة أشهر. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية صباح أمس، وفاة رئيس أركان الجيش «إثر سكتة قلبية» عن عمر ناهز 79 عاما. ونعت رئاسة الجمهورية في بيان الراحل، مشيدة بمسيرته الوطنية الحافلة. وأصدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بيانا ينعى فيه الراحل، جاء فيه «يعلنُ رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، السيّد عبد المجيد تبون، ببالغ الحسرة والأسى عن وفاة المجاهد الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي فاجأه الأجل المحتوم صباح هذا اليوم (الاثنين) على الساعة السادسة صباحاً، بسكتة قلبية ألمت به في بيته، ونُقل على أثرها إلى المستشفى المركزي للجيش بعين النعجة». كما أعلن عن حداد لمدة ثلاثة أيام. ونقلت مصادر عن عائلة أحمد قايد أنه شعر باختناق في التنفس فجر أمس، بينما كان في بيته الذي يقع داخل مقر القوات البرية بضواحي العاصمة. وقد نقله الحرس الخاص، المنتشر بكثافة في محيط إقامته، إلى المستشفى العسكري القريب. وعندما وصل كان قد توفي. وأكدت نفس المصادر، نقلا عن أطباء المستشفى، أن سبب وفاة قايد صالح أزمة قلبية فاجأته أثناء نومه. من جهته، قال رئيس مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية) بالنيابة، صالح قوجيل في رسالة تعزية، إن الراحل كان «مثالا لنبل الأداء وإخلاص العطاء للوطن. لقد هز مشاعرنا هذا الخطب، وناء علينا بما تنوء به الفواجع المؤلمة، حين تنكبنا الآجال في الرجال الوطنيين المخلصين من معدن ومكانة الفقيد العزيز الفريق أحمد قايد صالح، وهو الذي قضى جل حياته في تولي المسؤوليات، والمهام السامية في صفوف الجيش الوطني الشعبي، وسيظل من عرفوه يحفظون له صفات المسؤول المحنك وثراء مسيرته». وخيم هدوء لافت على العاصمة أمس، على غير العادة منذ أشهر. وشوهدت سيارات تابعة للرئاسة تسير بسرعة صوب المستشفى العسكري. كما لوحظت حركة غير عادية في محيط وزارة الدفاع ومقر القوات البرية. وغادر أقارب الراحل مدينة عنابة (شرق) حيث يقيمون، باتجاه العاصمة لتقديم العزاء لعائلته وحضور الجنازة. وأعلن عن تشييع قائد الجيش بعد غد (الأربعاء) ب«مقبرة العالية» بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث قبور رؤساء البلاد المتوفين وشهداء ثورة الاستقلال، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. ويعد قايد صالح أكثر قادة الجيش تدخلا في السياسة وفي عمل المؤسسات المدنية، منذ رحيل الرئيس ووزير الدفاع هواري بومدين (1965 – 1978). وقد أمسك صالح أوضاع البلاد بيد من حديد، خلال المرحلة التي أعقبت استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة 2 أبريل (نيسان) الماضي، وهو من فرض تاريخ «الرئاسية» التي جرت في 18 من الشهر الجاري، رافضا «الخروج عن الدستور». وقال الكاتب ناصر باكرية، عن اختلاف المواقف والآراء حول الرجل: «رحم الله القايد صالح. فقد كان رجلا استثنائيا في تاريخ الجزائر الحديث، ويحسب له أنه جنب الجزائر العنف، رغم تعاطيه مع الحراك الشعبي بأدوات قديمة لم تستوعب التحولات الاجتماعية العميقة، ولم يكن ديكتاتورا رغم ما يراه البعض من استبداد بالرأي، وهو ناتج برأيي عن الثقافة التقليدية التي نشأ عليها. ولعلنا اليوم في مفترق طرق مفصلي بعد رحيله، لما يمثله من ثقل في الخريطة السياسية ولدوره في الانتخابات، التي فرضت تبون، الذي لا يدين بمنصبه الحالي لأحد أكثر مما يدين لقايد. وقد خرج قايد عليه رحمة الله من الباب الواسع، وأصبح نفوذه وثقله في يد تبون الذي لا يقابله إلا ثقل الحراك الشعبي. والجزائر اليوم أمام فرصة تاريخية ثانية لتحول ديمقراطي حقيقي». في غضون ذلك، تقدم الرئيس التونسي قيس سعيد بتعازيه إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وفاة قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح اليوم الاثنين. وأرسل سعيد برقية تعزية إلى الرئيس الجزائري، جاء فيها «يتقدم رئيس الجمهورية باسمه وباسم الشعب التونسي، بتعازيه الخالصة وبمواساته للرئيس عبد المجيد تبون وللشعب الجزائري الشقيق ولعائلة الفقيد، راجيا من الله العلي القدير أن يتغمد الفريق أحمد قايد صالح بواسع رحمته، وأن يرزق ذويه جميل الصبر والسلوان». كما أكد بيان الرئاسة على أواصر الأخوة التي تجمع البلدين والشعبين التونسي والجزائري. صحيفة البيان الإماراتية قايد صالح.. فقيد الجزائر الذي وعد ووفى فقدت الجزائر أمس أحد رجالاتها الأبطال، الذي بقي إلى آخر لحظة وفياً لمساره الزاخر بالتضحيات الجسام من أجل ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية وعبور البلاد إلى بر الأمان. فالتاريخ سيكتب هذه المآثر الجليلة بأحرف من ذهب على صفحة مشرقة من حياة الفقيد الذي وعد ووفى بمرافقة الحراك من دون سقوط أي قطرة دم، والتزم بعدم دعم أي مرشح للرئاسة وإجراء انتخابات في كنف الشفافية، فهو الذي صان الأمانة وأوفى بالعهد في فترة من أصعب الفترات التي اجتازتها الجزائر. حيث أخذ مسؤولياته كاملة لاسترجاع سيادة المؤسسات، ونصرة الحل الدستوري ومحاربة العصابة بزج ابرز عناصرها في السجون، وضمان إبعاد البلاد عن خطر التدخل الخارجي. يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر، فالتاريخ يشهد بإخلاص لفقيد الوطن الفريق قايد صالح للجزائر وتفانيه في عمله وعدم رضوخه للضغوطات، فقد حرص على تنظيم الانتخابات في ديسمبر، وكأنه أحس أن قدره قريب. حيث أراد رؤية بلاده اجتازت المرحلة العصيبة بأمان قبل رحيله، بعدما اجتازت البلاد مرحلة عصيبة توجت بانتخاب رئيس جديد قادر على صون البلاد وحمايتها من العصابة. لكن رحيل الفقيد في هذا الظرف يقتضي مزيداً من التلاحم والتماسك بين أبناء الشعب وتكملة رسالة قايد صالح في رؤية بلاده في صف الأمم المتطورة. بعدما راهن الكثير على سقوط الجزائر ودخولها في بحر من الدماء، سخر الله لهذه البلاد، قائد أركان الجيش، الذي نجح في توحيد الصف وإنهاء أكبر مؤامرة داخلية وخارجية لجر البلاد إلى عنف التسعينيات، ورافق الحراك. حيث إنه بعد ثلاثة أسابيع من المسيرات السلمية التي خرج فيها ملايين الجزائريين، وبالضبط في 26 مارس المنصرم، طالب الفريق بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور والاستجابة لمطلب ملايين الجزائريين بإنهاء حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم جال الجزائر شرقا وغربا من اجل إقناع الجزائريين بمسار الإصلاحات، ومن اجل إنجاح الاستحقاق الانتخابي. وقد التزم بالحكم واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، ففيما عمل على الاستجابة لمطلب تأجيل الانتخابات مرتين، عمل من جهة أخرى على تحصين المسار السياسي واحترام الشرعية الدستورية، فقد كان واقفا حاملا الجزائر في قلبه حتى أخرجها إلى بر الأمان. كما لم تتوقف جهود المؤسسة العسكرية عند تنظيم الانتخابات الرئاسية، بل رافقت المطلب الشعبي في مكافحة الفساد ودعم جهاز العدالة في محاكمة عدد من مسؤولي النظام السابق. محبوب شعبياً الفقيد بقي إلى آخر لحظة وفياً لمساره الزاخر بالتضحيات الجسام التي ما انقطعت منذ أن التحق في سن مبكرة بصفوف جيش التحرير الوطني الذي ترعرع في أحضانه وتشرَّب منه جندياً فضابطاً فقائداً محبوباً شعبياً، وفي آخر كلمة له في 14 ديسمبر الجاري بمناسبة حفل تنصيب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية. هنأ الفقيد قايد صالح أفراد الجيش والأجهزة الأمنية، الذين ساهموا في تأمين الانتخابات، وجعلوا منها عرسا ديمقراطيا. وقال إن جهود الجيش، وضعت نصب أعينها الحفاظ على مؤسسات الدولة، وحماية المرفق العام وأملاك المواطنين، وحماية المسيرات السلمية، طيلة 10 أشهر كاملة. وكان الفقيد يدرك أنه لولا تدخل الجيش الوطني الشعبي في الظروف الاستثنائية، لفُرضت انتخابات محسومة مسبقا، ولواصلت «العصابة» نهب أموال الشعب. لذلك ساهم مع الحراك في إبقاء الأمور سلمية لأبعد الحدود وإقناع الجزائريين بضرورة العودة للمسار الانتخابي، إلى غاية استدعاء الهيئة الناخبة شهر سبتمبر الماضي وتنظيم الرئاسيات في 12 ديسمبر الجاري التي أسفرت عن انتخاب رئيس للجمهورية. الفقيد، هو من مواليد 13 يناير 1940 بولاية باتنة شرق الجزائر، التحق مبكرا بالثورة التحريرية، حيث انضم لجيش التحرير الوطني لمقاومة الاستعمار الفرنسي، وكان في السابعة عشرة من عمره. حتى إنه يعد من آخر المحاربين القدامى، الذين شاركوا في حرب التحرير (1954-1962) في الجيش الوطني لما بعد الاستقلال. وبعد الاستقلال في 1962، تابع تدريبا عسكريا في أكاديمية سوفييتية وتحصل على شهادة بأكاديمية فيستريل بموسكو، وبعد أن قاد عدة نواح عسكرية، ترقى في الرتب إلى أن بلغ رتبة لواء، حيث تم تعيينه رئيسا لأركان القوات البرية (1992-2002). تدرج في المناصب وواصل فقيد الوطن تدرجه في سلم الوظائف العسكرية، إذ تولى قيادة الناحية العسكرية الثالثة، ثم الثانية، وتمت ترقيته إلى رتبة لواء في 05 يوليو 1993 في عهد رئيس المجلس الأعلى للدولة الأسبق علي كافي. قائد أركان عام 1994 عُين قائداً للقوات البرية في عهد الرئيس السابق اليامين زروال، وفي أغسطس 2004 عينه الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة رئيساً لأركان الجيش الجزائري، ليتقلد في 05 يوليو 2006 رتبة فريق، ويُعين في 11 سبتمبر 2013 نائباً لوزير الدفاع الوطني، رئيساً لأركان الجيش الوطني الشعبي في الجزائر. كما قُلد الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الجزائري بأوسمة عدة، أبرزها وسام جيش التحرير الوطني، ووسام الجيش الوطني الشعبي من الشارة الثالثة، ووسام الاستحقاق العسكري.