الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين يحيي الذكرى ال50 لتأسيسه: كلمة رئيس الجمهورية    سكة حديدية: إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية, مكسب كبير للقطاع    بوريل يطالب دول الاتحاد الأوروبي بالامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال المسؤولين الصهاينة    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي: افتتاح الطبعة الرابعة تكريما للفنان الراحل نور الدين سعودي    أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الشعبي الولائي لولاية غرداية في زيارة إلى مقر مجلس الأمة    إطلاق الإكتتاب لشراء أسهم أول شركة ناشئة ببورصة الجزائر في الفاتح ديسمبر    زيتوني يترأس اجتماع تنسيقي لوضع خارطة طريق شاملة لإعادة هيكلة النسيج الاقتصادي    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    وهران: وفاة المجاهدين مسلم السعيد وخالد بعطوش    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    حوادث الطرقات: وفاة 34 شخصا وإصابة 1384 آخرين بجروح الأسبوع الماضي    أردوغان يعد بوقوف بلاده مع فلسطين حتى يتم تحرير أراضيها    منظمة الصحة العالمية تدين الهجمات الصهيونية على مستشفى كمال عدوان في غزة    شركة جزائرية تبتكر سوار أمان إلكتروني لمرافقة الحجاج والمعتمرين    حشيشي يتباحث مع وفد عن شركة عُمانية    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    عطّاف يستقبل عزيزي    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    اعتداء مخزني على صحفي صحراوي    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    المنظومة القضائية محصّنة بثقة الشعب    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    آفاق واعدة للتعاون الاقتصادي وشراكة استراتيجية فريدة قاريا    الجزائر تسير بخطوات ثابتة لتجويد التعليم    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    منظمة الصحة العالمية:الوضع في مستشفى كمال عدوان بغزة مأساوي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    وزارة الشؤون الدينية والأوقاف : مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل "أرسيف"    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة: تنديد بانتهاكات المغرب ضد المرأة الصحراوية ودعوة لتطبيق الشرعية الدولية    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدّياً للحملة العالمية على المسلمين
نشر في الحياة العربية يوم 26 - 02 - 2020

إنه لمنظرٌ مقزّزٌ حقاً ذاك الذي رأيناه على شاشات التلفزيون في التغطية الإعلامية لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، عندما وقف الرجلان يتباهيان ويتبادلان المديح أمام ملعب رياضي عملاق اكتظّ بما يزيد عن مئة ألف إنسان. ولم يكن منظراً مقزّزاً لمسلمي الهند وحسب، أولئك المسلمون اللذين يناهز عددهم مئتي مليون والذين يواجهون إعادة توصيف للمواطنة الهندية على أساس ديني-عرقي أشبه ما تكون بما كرّسه نظير مودي الصهيوني بنيامين نتانياهو بواسطة قانون «إسرائيل دولة الشعب اليهودي القومية» المشؤوم، أو بمسعى ترامب الحثيث وراء منع المسلمين من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة.
ولم يكن منظراً مقزّزاً لسائر المسلمين في العالم فحسب، وهم يشكّلون ربع سكّان الأرض، أي ما يناهز المليارين (ألفي مليون) من البشر، بل كان مقزّزاً لأي إنسان حريص على قِيَم المساواة في الحقوق بين البشر «دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر»، كما نصّت عليه المادة الثانية من «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الصادر عن الأمم المتحدة في أواخر عام 1948.
ففي الوقت الذي كان ترامب ومودي يتبجّحان كطاووسين أمام حشد كبير من الهندوسيين المتعصّبين، الذين يشكّلون قاعدة حزب مودي الطائفي اليميني المتطرّف، وذلك في قلب ولاية كجرات التي كانت ولا تزال مسرحاً لبعض أخطر الممارسات الطائفية في الهند، كانت جماهير غفيرة من المسلمين والهندوسيين الديمقراطيين والعلمانيين والشيوعيين تتظاهر في شتى أنحاء البلاد احتجاجاً على ذلك اللقاء بين رمزين رئيسيين من رموز أقصى يمين قرننا الراهن، هذا اليمين الجديد الذي يشكّل رديفاً للفاشستية التي عرفها القرن السابق، لكن بحلّة جديدة عصرية تتظاهر باحترام قواعد الديمقراطية الشكلية.
والحقيقة أنها لمدعاة للتأمّل تلك الحالة التي بلغها عالمنا حيث يحكم الدول العظمى الأربع، ألا وهي: أمريكا والصين والهند وروسيا، رجالٌ يكنّون عداءً طائفياً أو عرقياً مكشوفاً للمسلمين. والحال أن الحكم الصيني برئاسة شي جين بينغ مسؤول عن أوسع حملة اضطهاد لأقلية مسلمة في عصرنا باضطهاده الشنيع لشعب الأويغور المسلم في مقاطعة شن جيانغ (عددهم يناهز 15 مليوناً). وهي حملة استوحى منها مودي في انقضاضه على مسلمي الكشمير (خمسة ملاييين)، وقد سبقهما الروسي فلاديمير بوتين بإخضاعه شعب الشيشان (مليون ونصف، تقارب نسبتهم من سكان روسيا نسبة المسلمين الأويغور من سكّان الصين) بفظاعة شهيرة قلّدها بمعونته تلميذه بشّار الأسد إزاء الشعب السوري.
وبعد، فهل نحن أمام «صدام حضارات» كالذي تنبّأ به المفكّر اليميني الأمريكي الراحل صاموئيل هنتنغتون، فنستخلص أنها لحربٌ بين الأديان، ينبغي على كل مرء فيها أن يتمترس وراء هويته الدينية إزاء الأديان الأخرى، بل ونستنتج أنه لا بدّ للمسلمين من إعلان الحرب (أو «الجهاد») على الأديان الأخرى على طريقة جماعتي «القاعدة» و«داعش»؟ أم ندرك أن الجماعتين المذكورتين هما أبرز ما أفرزته منطقتنا في «صدام الهمجيات» (وليس الحضارات) الذي سعّرته الولايات المتحدة بشنّها حروباً امبريالية همجية في أفغانستان والعراق بحجة «الحرب على الإرهاب»؟ ونُبقي في البال أن الممارسات البشعة التي اقترفها الهمجيّون الذي يتذرّعون بالإسلام إنما يعود مصدرها إلى ذلك التشويه العظيم للإسلام الذي تخصّصت المملكة السعودية بترويجه طوال عقود بتعاون وثيق مع الأجهزة الأمريكية.
وها أن المملكة السعودية، شأنها في ذلك شأن كافة حكومات كبرى البلدان ذات غالبية مسلمة تركيا وإيران ومصر وباكستان وإندونيسيا تساير دولة أو أكثر من الدول الأربع العظمى، متغافلة تماماً عن ممارسات حكوماتها إزاء المسلمين، سواء أكانت ممارسات طائفية أم عنصرية. وتحكم البلدان المسلمة الستة سالفة الذكر حكومات سلطوية أو جانحة نحو السلطوية بخطاب ديني أو قومي متعصب، ينتمي هو أيضاً إلى الموجة اليمينية العالمية ذاتها التي تنتمي إليها حكومات الدول العظمى الأربع. وليست مواجهة الهمجية بالهمجية سوى سبيل إلى زيادة المآسي، ليس في صفوف «الآخر» وحسب، بل في صفوف الشعب ذاته الذي ينتمي إليه الهمجيّون.
إن المجرى الطويل لتاريخ البشرية متجّهٌ بكل وضوح نحو المزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان (بما فيها حقوق النساء بوجه خاص)، كما يتبيّن بجلاء تام من أي تأمل في محصّلة الألفيات والقرون. وتمرّ هذه السيرورة الأطول في التاريخ، كسائر السيرورات التاريخية مهما كانت مدّتها، بانتكاسات رجعية تليها عادةً قفزات تعويضية إلى الأمام مثلما جرى إثر دحر الفاشيستية في الحرب العالمية الثانية. أما البديل عن تحقيق المزيد من التقدّم الحضاري فهو الاندحار الهمجي كما حصل لبعض الحضارات في التاريخ، وكما نحن مهدّدون بأن نشهد لو استمرّت الردّة الرجعية العالمية أو الإقليمية وتحكّمت بالأوضاع. لذا فإن واجب جميع الحريصين على حقوق الإنسان أن يكافحوا سوية ضد الرجعية الاضطهادية مهما كان لونها الديني أو العرقي، مثلما يفعل مقاومو ترامب في الولايات المتحدة ومقاومو مودي في الهند ومقاومو شي في الصين ومقاومو بوتين في روسيا. وقد غدت منطقتنا العربية منذ «الربيع العربي»، إثر موجته الأولى التي دشّنتها الثورة التونسية كما إثر موجته الثانية التي دشّنتها الثورة السودانية، في طليعة المقاومة العالمية للاضطهاد السياسي، بل وفي طليعة المقاومة العالمية للتعصّب الطائفي بفضل الانتفاضتين الأخيرتين العراقية واللبنانية.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.