استمرت مكافحة الفساد بجميع أشكاله بحزم سنة 2020، وهي السنة الأولى لعهدة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي جعلها ضرورة لاستعادة سلطة الدولة وهيبتها واسترجاع ثقة المواطنين. وبأدائه اليمين الدستورية في 19 ديسمبر 2019 كرئيس للجمهورية، وضع السيد تبون مسألة مكافحة الفساد كأولوية مشيرا إلى تصميمه على إنهاء الإفلات من العقاب ليشكل أحد المحاور الستة لمسودة تعديل الدستور، ويمثل أحد التزاماته السياسية الرئيسية. وهكذا تم إضفاء الطابع الدستوري على سلطة الشفافية والوقاية ومحاربة الفساد في القانون الأساسي حيث أكد في نفس خطاب التنصيب على أن العفو الرئاسي لن يشمل المدانين والمتورطين في قضايا الفساد. كما انه عشية استفتاء 1 نوفمبر على مشروع تعديل الدستور، أشار الرئيس تبون إلى أن "حجم" الفساد الذي كشفت عنه المحاكمات الأخيرة أظهر "عمق الضرر الذي لحق بمؤسسات الدولة "، مؤكدا أن" التعديل الدستوري خصص جزءا هاما لأخلقة الحياة العامة والسياسية ". وخلال دراسة مجلس الوزراء للمشروع التمهيدي لقانون المالية 2021، أصدر الرئيس تبون تعليمات بصياغة "قانون يعاقب الغش والتهرب الضريبي لمكافحة تبييض الأموال والفساد". كما أن التزام الرئيس تبون بمحاربة آفة "كادت أن تهز مؤسسات الدولة" ليس بالجديد حيث انه أثناء توليه مهام الوزير الاول (24 مايو- 15 أغسطس 2017)، أعلن أن الحكومة ستعمل على أخلقة الحياة العامة من خلال إرساء الفصل بين المال والسلطة بموجب قواعد جديدة لمحاربة استغلال النفوذ. وحذر من أن "المال لا يجب أن يتدخل في سياسة الدولة".مع العلم ان السنة الاولى للرئيس تبون (2020) لم تشهد أية فضيحة فساد. وفي إطار هذا المسعى، أعلن وزير العدل، حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، عن إنشاء ورشات عمل مكلفة بمراجعة النظام التشريعي والتنظيمي، منها قانون الوقاية ومكافحة الفساد. وذكر السيد زغماتي بأن "قضايا الفساد التي ارتكبتها عصابة من المجرمين الذين دمروا البلاد"، تعتبر بموجب القانون الحالي "جنحا وليست جرائم"، مشيراً إلى أنه يجري التفكير في جعل الإجراءات الوقائية والقمعية أكثر فعالية. ..استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته من جهته, أعلن رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته, طارق كور عن بعث مشروع الشبكة الوطنية للنزاهة التي تهدف بالأساس إلى "دعم مشاركة المجتمع المدني" في ترقية النزاهة ومكافحة الفساد من خلال وضع آليات فعالة للتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين. كما أشار إلى التحضير للاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته والتي من المرتقب تنفيذها ابتداء من 2021. وكان رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون قد اعرب عن تمسكه بضرورة أن تتم مكافحة الفساد في إطار منظم. وأسدى في هذا الشأن تعليمات لعدم الاعتداد بالرسائل المجهولة في الملاحقات القضائية, مبرزا أن تقارير واردة إلى رئاسة الجمهورية تشير أن عددا من إطارات الدولة والمسؤولين على مختلف المستويات تمت متابعتهم قضائيا بناء على مجرد رسائل مجهولة, "غالبا ما كانت عارية من الصحة". وألح الرئيس تبون على ضرورة "التمييز بين أخطاء التسيير الناجمة عن سوء في التقدير والتصرفات العمدية التي لا تخدم سوى القائمين بها أوأطراف أخرى تحركها نوايا سيئة". وكانت مسألة مكافحة الفساد من بين أهم مطالب "حراك" 22 فبراير 2019. وقد تم بعد استقالة رئيس الجمهورية السابق, عبد العزيز بوتفليقة إطلاق متابعات قضائية ضد عديد المسؤولين ورجال الأعمال متورطين في قضايا فساد. ففي محاكمة هي الأولى من نوعها في أروقة المحاكم الجزائرية, أدانت محكمة سيدي امحمد (مجلس قضاء الجزائر), الوزيرين الأولين السابقين احمد أويحيى وعبد المالك سلال, شهر ديسمبر 2019, ب 15 و12 سنة سجن نافذة على التوالي بعد متابعتهما بتهم "تبديد المال العام" و"منح امتيازات غير مستحقة" و"استغلال النفوذ" في قضية تركيب السيارات. كما تم النطق بحكم غيابي يقضي بإدانة الوزير السابق للصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب (في حالة فرار) ب20 سنة سجنا نافذة مع إطلاق أمر بالقبض الدولي في حقه. هذا وتمت إدانة عديد رجال الأعمال بأحكام سجن نافذة مع مصادرة أملاكهم في قضايا تركيب السيارات التي اسالت الكثير من الحبر بالنظر للمبالغ المذهلة التي استنزفت.