الآن، صار ممكنا الحديث عن "الفساد والرشوة" في قطاع الشؤون الدينية، وهو تقريبا، القطاع الوحيد الذي نأى بنفسه عن أحاديث الفساد، ربما لكونه ينظم شأنا مقدسا، لا يجوز المس به. لقد بات ممكنا ذلك اليوم بعد أن وضع أمامنا دليل، فساد في القطاع بمجرد القبض على مدير الشؤون الدينية للعاصمة "متلبسا بالرشوة"، من قبل مصالح الأمن بررويسو، ورغم أن المتهم بريء إلى غاية إدانته، إلا أن ذلك لا يثني عن الحديث عما لحق بأقدس قطاع في الجزائر من فساد ، كان وإلى وقت قريب جدا حكرا على قطاعات أخرى، آخرها قطاع المحروقات. والحقيقة أن الجزائريين لا يقبلون بالفطرة أي حديث عن قضية رشوة في قطاع الشؤون الدينية، ليس لأنهم يدافعون عن الوزير أو عن القطاع، ولكن لأنهم يعتقدون انه يستحيل أن يرتشي الإمام او يرشى مدير القطاع في أي ولاية، وهو يعرف حجم الخطيئة التي ارتكبها بينما هو يدعو من منابر المساجد الى الكف عنها وعدم التورط فيها مثلما يلح عليه ديننا الحنيف. لكن، حاليا صار، من المستحيلات السبع إقناع الجزائريين، ان ثبتت التهمة على موسى عبد اللاوي، أن القطاع الديني، سليم ولا غبار عليه، ولا يمكن الحديث عن قضية فساد فيه بعد الآن. وفي الحقيقة انه أينما وجد المال، فثمة الفساد.. هو الواقع الذي تحياه الإدارة العمومية في الجزائر بنسب متفاوتة، وفي الحقيقة ما كان يتفاجأ الجزائريون لنبأ القبض على مدير الشؤون الدينية للعاصمة متلبسا بالرشوة، لسبب واحد، يكمن في أن عقلية مسؤولين في هذا البلد الموبوء بالفساد، لا تفرق بين الوظائف.. بين أن كان يشتغل في قطاع الشؤون الدينية الذي يفترض أن يعطى المثل في حسن التصرف والتسيير، وقطاع المحروقات الذي صارت تفوح منه رائحة الفساد والرشوة . الوزير يقول في الندوة الصحفية التي نشطها بمقر جريدة "المجاهد" بالعاصمة، انه "لا يمكننا أن نطلق سنة لمحاربة الرشوة، فهل بعد انقضائها ستكون الرشوة حلالا"؟. كما يرى وزير القطاع انه لا ينبغي تهويل الحادثة التي بطلها مدير الشؤون الدينية العاصمة، موضحا ان حالات الرشوة " حالات شاذة" في قطاعه، وان القضاء هوالجهة الوحيدة المخولة بالتحقيق في الموضوع، كما يرد عن انشغال بخصوص تورطه شخصيا في فضائح فساد بأموال الزكاة، بالقول "أثبتوا ذلك إن فعلت فعلا، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته". ويقول عن مديره صاحب قضية الرشوة انه أخطا وليس هناك من لا يخطئ. الخطا الذي تحدث عنه وزير الشؤون الدينية، أكيد انه ليس ذلك الخطأ الذي يرتكبه شاب بطال لما يهم بسرقة هاتف نقال من عجوز بشارع العربي بن مهيدي، لان الأمر هنا يتعلق بشخص عهده الجزائريون يلقي الدروس عبر شاشة التلفزيون شهر رمضان، ولما القي عليه القبض متلبسا بالرشوة استحضر العديد من الناس ماذا كان المعني يفعله لما كان مديرا للقطاع بعنابة قبل عامين أو أكثر بقليل، واستفيد أن المدير نفسه، كان محل شكاوي عديد من قبل أئمة ولجان دينية في المساجد، وكان ينفرد بالرأي ولا يعر اهتماما لمن حوله من إطارات في القطاع .