استبقت الحكومة، ممثلة في وزارة العمل، إلى امتصاص جزء من غضب العمال والنقابات، في ضوء ما سبق وان صرح به الوزير الطيب لوح، من أن لقاء الثلاثية المرتقب، سيدرس تعديل المادة 87 مكرر التي نغصت على الطبقة الشغيلة يومياتها، منذ سنوات عديدة، بالاضافة الى ملفات "شعبية" . اختارت الحكومة التهدئة المبكرة، كدراسة إمكانية عودة القروض الاستهلاكية وإعادة النظر في أجور عمال القطاع الخاص ومطابقتها مع أجور عمال القطاع العمومي التي عرفت زيادة في الأشهر الماضية. وهي كلها حيثيات ترتبط رأسا مع محاولة الحكومة تهدئة الجبهة الاجتماعية وتمرير الموعد الرئاسي دون منغصات اجتماعية . ويدخل عامل آخر كمحدد للمشهد الاجتماعية والنقابي للمرحلة المقبلة، ويتعلق الأمر بمؤتمر الاتحاد العام للعمال الجزائريين المقبل، الذي يشهد تحضيرات، قالت مصادر من المركزية، أمس، أن غليانا يشوبها في الظل، لكنه مرشح للانفجار قبيل انعقاده، وتدور صراعات شديدة بين أنصار القيادي الصالح جنوحات الذي يحضر لترشحه للأمانة العامة للنقابة الوطنية وبين أنصار عبد المجيد سيدي سعيد الذي يبحث عن عهدة أخرى على رأس التنظيم. وقد انعكس راهن الوضع السياسي الموسوم بالركود، على الحركية النقابية والاجتماعية، بشكل جلي، فهل دفعت الضبابية المحيطة بالموعد الرئاسي المقبل، النشطاء الاجتماعيين والنقابيين نحو الانزواء والترقب، أم ان هؤلاء تبنوا خيار انتظار الدخول الاجتماعي لتنشيط الجبهة الاجتماعية؟ وتراجعت الحركة الاجتماعية والنقابية، منذ ما قبل شهر رمضان المنقضي، بشكل ملحوظ، وتناغم وضعها مع وضع سياسي موسوم بالفراغ، رغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، فتساوى صمت قادة الأحزاب السياسية مع سكون قادة التنظيمات النقابية، والنشطاء الاجتماعيين، مع أن الدارج لديهم، عدم التأثر بالمحيط الخارجي، السياسي بالخصوص، على غرار ما كانت تفعله نقابات التربية والصحة. واجتمعت عوامل عدة أمام حالة الركود الاجتماعي ذا الصلة بنشاط النقابات، اهمها عاملين اساسيين: الأول يكمن في ان ثمة قيادات تنظيمات نقابية، سحبت نفسها جزئيا من الساحة ، مخافة استغلالها لأغراض سياسية تتنافى مع مبادئها، ومع قرب موعد الانتخابات الرئاسية، فضلت قيادات تلك التنظيمات مكاتبها على العدل الميداني، الخيار الذي تبنته عقب تجارب عدة عاشتها خلال الاستحقاقات الماضية، من خلال مساعي مترشحين توظيف النقابات التي تحتوى على وعاءات ألفية في حشد التأييد، لمرشح دون آخر. كما أن بعض قيادات النقابات لهم ميول سياسية يخشون ان تحسب عليهم، لذلك اختاروا الاحتفاظ بها. أما العامل الثاني، فيتعلق بتنظيمات نقابية أخرى، لا ترى في قرب الموعد الانتخابي مانعا أمامها لمباشرة حركية نقابية واجتماعية، لكنها تخشى عدم قدرتها على التعبئة العمالية في وضع سياسي يسوده فراغ أهم نتائجه، تضاءل حظوظ "رجع الصدى" من قبل حكومة تراجعت حركيتها هي الأخرى، بسبب عدم التئام مجلس الوزراء منذ مدة طويلة.