أفكار ألبير كامو في دفاتره كالطوفان. لكنها رغم فيضانها في الروح تشعر القارئ برغبة عارمة في أن يعيد قراءتها بتمهلٍ وتثير جدلا بين القارئ و الآخر. وقد لا ينجح في ذلك أبداً. فهو فيلسوف وجودي وكاتب مسرحي وروائي فرنسي مشهور ولد بقرية بقسنطينة، من أب فرنسي، وأم أسبانية، وتعلم بجامعة الجزائر، وانخرط في المقاومة الفرنسية أثناء الاحتلال الألماني، وأصدر مع رفاقه في خلية الكفاح نشرة باسمها ما لبثت بعد تحرير باريس أن تحولت إلى صحيفة combat الكفاح اليومية التي تتحدث باسم المقاومة الشعبية. يرى الدكتور محمد نور الدين جباب، أن هذه النقاشات التي وصفها بالمفخخة، لا تبتعد عن إرادة أطراف سياسية رسمية في الجزائر العاصمة وباريس، في استغلال ظاهرة كامو لتمييع النقاش بعدم طرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالماضي الاستعماري لفرنسا. ودلل أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر على رأيه، بالقافلة التي دعت إليها أطراف من البلدين، بمناسبة مرور خمسين عاما على رحيل كامو، والتي كان مقررا لها أن تجوب الساحل الجزائري، وتضم شخصياتٍ ثقافية جزائرية وفرنسية، لتقديمه كرمز للتسامح والذاكرة المشتركة، غير أن مناهضة نخبة من المثقفين والسياسيين أدت إلى إلغائها. وأضاف جباب "لا يستطيع ناقد -مهما كبر شأنه- أن يفضح النزعة الاستعمارية والعنصرية المبثوثة في نصوص ألبير كامو مثلما فعل إدوارد سعيد في كتابه الثقافة والإمبريالية". ويقول أستاذ الأدب المقارن بجامعة بجاية لونيس بن علي في تصريح لموقع الجزيرة نت "إن "مارسيو" بطل رواية "الغريب" كان يعتبر الجزائر أرض الشمس، في مقابل اعتبار باريس مدينة الرماد"، في إشارة من بن علي إلى الإرث الأدبي الكولونيالي في الجزائر. وقد ظهرت في السنوات الأولى للاستعمار حركة أدبية سماها مؤرخو الأدب الجزائري الحديث أمثال "جون ديجو" أدبَ الشمس، وهو ذلك الأدب الذي كتبه روائيون وشعراء فرنسيون أعجبوا بالأرض الجديدة، فكتبوا عن دفئها وعن شمسها أمثال "غي دو مو باسون" و"أندريه جيد" وفي الفن التشكيلي "إيتيين دينيه" و"دولاكروا". من جهته ثمّن الشاعر والناقد عبد القادر رابحي تجدد هذا النقاش، واعتبره ضروريا لترتيب الإشكالات وفق الأولويات التي يراها كل مثقف من زاويته بالنظر إلى حاجة المجتمع الراهنة. وأدرج رابحي ما جرى بينه وبين أحمد دلباني من نقاش حول شخصية ألبير كامو وحول أدبه ودوره في بناء رؤية ثقافية كولونيالية، وموقفه من الثورة الجزائرية، في باب ما ينتاب الجيل الجديد من هواجس فكرية ومعرفية تطمح إلى بناء رؤية ثقافية جزائرية غير ممسوخة.