عرف مستشفى “لمين دباغين” ب “مايو”، صبيحة الخميس الفارط، أجواء غير عادية، وتحديدا بقسم الأطفال لمرضى السرطان، حيث لم يتصوّر البراعم الذين يرقدون في هذا المستشفى أن زُوّارهم في تلك الصبيحة المُمطرة هما نجمان من نجوم الكرة الجزائرية، الأول ماجر الذي صنع مجد “الخضر” في سنوات الثمانينيات وكان أحد صانعي “ملحمة خيخون” في “مونديال” 82 أمام المنتخب الألماني، والثاني كان يبدة من أبطال ملحمة “أم درمان”. وقد أبيا إلا أن يقوما بزيارة هذه الفئة من الأطفال التي تصارع المرض بغرض التخفيف عنها، وذلك بمبادرة من جريدتي “الهداف” و«لوبيتور” اللتين يسعى مديرهما إلى أن تصبح مثل هذه المبادرات من التقاليد الطيّبة للجريدتين وللاعبينا، حتى يصبحوا قدوة في المجتمع، في إطار المبادرات الخيرية التي تهدف إلى مساعدة أطياف مُحتاجة في المجتمع إما بفعل الحرمان أو المرض. صورة يبدة ستُعلّق في فندق الجزائر الدولي بداية جولة يبدة للعاصمة بدعوة من “الهداف” و«لوبيتور” كانت صبيحة الخميس الفارط، حيث ضربنا موعدا مع اللاعب وشقيقه الذي يعدّ مناجيره في الوقت ذاته على الساعة الثامنة والنصف صباحا بمقرّ إقامته بالفندق الجزائر الدولي “سانت جورج سابقا”، وهو من أقدم الفنادق العاصمية. وقد استحسن يبدة الإقامة في هذا الفندق بالنظر إلى معماره المميّز الأصيل، حيث سبق له الإقامة فيه أسبوعا كاملا. وقد كشف لنا عمّال الفندق أن يبدة أعجب كثيرا بالمشاهير الذين أقاموا في هذا الفندق، مؤكدين أنه سيجد صورته مع المشاهير في الزيارة المقبلة للاعب نابولي، بالنظر إلى المكانة التي أضحى يحتلها هذا اللاعب في بلده. ماجر كان في الانتظار ويبدة يُسارع إلى معانقته وجهتنا بعد ذلك كانت مستشفى “مايو” بباب الوادي، حيث كان ماجر في الموعد وكان ينتظرنا في مصلحة الأطفال المرضى بالسرطان، وعندما أخبرنا ماجر أننا ننتظره أمام مدخل الإدارة العامة، تنقل بسيارته إلى هذا المرفق حيث وجد يبدة في السيارة ليُسارع لاعب “نابولي” إلى التسليم على نجمه المفضّل ويعانقه تحت الأمطار الخفيفة التي كانت تتساقط. مدير المستشفى يستقبلهما في مكتبه وقد استقبل السيد ناصر بار مدير مستشفى “مايو” ضيفيه في مكتبه رفقة الوفد الإعلامي، بعدما التحق زميلنا من التلفزيون بوتريق لتغطية الحدث، حيث أصرّ مدير المستشفى على شكر وتحيّة ماجر ويبدة على المبادرة منوّها بدور جريدتي “الهداف” و«لوبيتور” في هذا المسعى الإنساني. ليلتحق بعدها مدير الجريدة بمكتب المدير، حيث دار حديث شيّق بين الحضور بعد تقديم كؤوس من الشاي التقليدي في تلك الصبيحة المُمطرة. ماجر يُقدّم نصائح ل يبدة استغلّ ماجر تواجد يبدة ليؤكّد له إعجابه بالمستوى الذي يقدمه في المنتخب الجزائري والتطوّر الذي عرفه مشواره الكروي، حيث كان الحديث بين لاعبين من جيلين مختلفين شيّقا ولكن يجمع بينهما التواضع واحترام كل واحد لأراء الآخر في الكرة، وهو ما جعلنا نفضّل تقديم الحديث الذي جرى بين اللاعبين آنفا يبدة تفاجأ أن المستشفى كان أحد قصور الدّاي استغل مدير مستشفى باب الوادي تواجد النجمين الكرويين ليقدّم معلومات عن المستشفى، الذي توّج باستحقاق أفضل مستشفى هذا العام من خلال التسيير الجيّد لمديره ونوعية الخدمات التي يقدّمها، كما أكد المدير أن هذا المبنى في الحقيقة هو تحفة معمارية تاريخية تدخل ضمن التراث العالمي لأنه كان يعتبر أحد القصور التابعة ل الداي، وكانت ابنته تحديدا من تقيم فيه، كما أسرّ لنا معلومة لم يكن يعرفها الحضور، وهي وجود نفق من المستشفى إلى غاية قصر رياس البحر بنواحي ساحة الشهداء.. وقد استغلّ ماجر الفرصة ليكشف ل يبدة أنه يعرف جيدا المستشفى لأنه كان يقطن في أعالي باب الوادي وتحديدا في حي “واد قريش”، ليطلب منه تفقد المنظر الجميل الذي يطلّ من نافذة مكتب المدير. حيث كشف بعدها يبدة أنه أعجب كثيرا بحي بابا الوادي وتحديدا كنيسة السيدة الإفريقية التي مُنع من زيارتها في وقت سابق. صورة تذكارية أمام لوحة تاريخية وقد أصرّ مدير المستشفى أن يشارك بعض الأطبّاء الأخصائيين ضيوفه هذه “القعدة”، حيث استحسن هؤلاء الأطباء مبادرة ماجر ويبدة وأكدوا أنها ستساعد كثيرا الأطفال من الجانب النفسي لتجاوز المرض. ليصرّ بعدها المدير على أخذ صورة أمام لوحة مرسومة على جدار مكتبه تعود إلى القرن 18، مع كلّ من ماجر، يبدة ومدير الجريدة السيد نبيل عمرة. يبدة ينبهر بعمران المستشفى المحطة الثانية لنا كانت في بهو المبنى، حيث فضّل الضيوف التوقف في الساحة التي تشبه كثيرا ديار القصبة، إذ انبهر يبدة بهذه التحفة المعمارية التي ذكرته بديار القصبة التي سبق له زيارتها كما أكد المعني، ومن شدة اهتمامه بالشروحات التي كانت تقدّم له من طرف الأطباء ومدير الجريدة عن هذا العمران، بقي واقفا في الساحة رغم تساقط أمطار خفيفة في تلك الصبيحة الممطرة. العمال التفّوا بالنّجمين من أجل الصّور وكنا نعتقد أن الإقبال على النجمين ماجر ويبدة سيكون من طرف الأطفال المرضى في المستشفى، ولكن الثنائي كان الأكثر طلبا لأخذ الصوّر من طرف العاملين في المستشفى، من أطباء وممرّضين وحتى بعض الزوار، ورغم ذلك فقد لبّى ماجر ويبدة رغبة محبيهما بأخذ صور وإمضاءات بابتسامة وتواضع لافت للانتباه. ماجر ويبدة يزوران القسم غرفة بغرفة لينطلق بعدها ماجر ويبدة رفقة الطاقم الصحفي ومدير المستشفى إلى قلب الحدث، أيّ في القسم الخاصّ بالأطفال مرضى السرطان، حيث كان هناك استقبال خاص من طرف العمال وزوّار هذا القسم، الذين فرحوا كثيرا بتواجد ماجر ويبدة في هذا المستشفى الذي يقع في قلب العاصمة وتحديدا في الحي الشعبي المعروف “باب الوادي”. الأطفال فرحوا ببدلات باسم يبدة وقد زار يبدة وماجر كلّ أقسام مصلحة مرضى السرطان، حيث كان كلاهما يمنحان الهدايا للأطفال بمبادرة من “الهداف” و«لوبيتور”. حيث تم اختيار بدلات رياضية ل “الخضر” مكتوب عليها اسم يبدة، الذي كان في كل مرّة يُلاطف الأطفال ويقاسمهم فرحة إهدائهم هذه الهدايا الرمزية التي جعلت البسمة تعود لمن يصارعون المرض. كما فرح الأطفال كثيرا بوجود ماجر، الذي رغم أنه اعتزل الميادين منذ سنوات، إلا أن شهرته وسمعته بقيت بالنسبة لهذا الجيل، الذي ربما أصبح يشاهده عبر القنوات العربية التي عمل فيها محلّلا. ماجر ويبدة يُداعبان “شنوي” ب “بالون” غياب كرة قدم حقيقية في غرف الأطفال المرضى لم يمنع ماجر ويبدة من مداعبة “بالون” منفوخ لأحد الأطفال الذي كان يحمل قبعة بألوان المولودية الفريق الذي يناصره ماجر، حيث تفاعل الطفل مع ماجر ويبدة وفرح كثيرا بأنه تبادل معها «البالون”، قبل أن يمضي كلاهما لهذا الطفل “أتوغرافات” أمام أنظار والدته التي كانت تصوّر هذه اللحظات التاريخية التي ستبقى راسخة - دون شك- في ذاكرة هذا الطفل الذي يقيم ب “سوسطارة”. ... حتى الأولياء سعدوا بالمبادرة ولم تقتصر الفرحة على الأطفال بوجود ماجر ويبدة في قسم الأطفال المرضى بالسرطان، حيث عبّر لنا أولياء الأطفال عن سعادتهم برؤية أبنائهم يفرحون بهدايا نجمي الكرة الجزائرية ماجر ويبدة، وأشادوا بمبادرة “الهداف” الخيرية. حيث ارتفعت معنويات أولياء وعائلات المرضى كثيرا بعد هذه الزيارة التي كانت مفاجأة سارّة بالنسبة إليهم ولأبنائهم المرضى. ماجر يثني على عيون طفلة من الجلفة استوقفتنا عدّة مواقف مثيرة ومؤثرة في زيارة ماجر ويبدة، منها إعجاب ماجر بعيون طفلة صغيرة من الجلفة “خضر وتين”، كما أنه كان في كل مرّة يُقدّم يبدة للأطفال ويسأل كلّ طفل: “هل تعرف هذا اللاعب”؟ كما أنه مازح العديد من الأطفال، وكانت السعادة بادية عليه رفقة يبدة ولم يتعبا رغم أنهما طافا في كلّ الغرف الموجودة في هذه المصلحة. .. طفل يقول ل يبدة: “أنت تعرف تلعب” ومن بين المواقف المؤثرة الأخرى في خضم زيارة يبدة وماجر، توقف يبدة عند أحد الأطفال حيث تحدّث معه وأخذ صورة معه، ليقول له ماجر: “ماذا تريد أن تقول ل يبدة، ليصمت هذا الطفل المريض ويردّ: “أنت تعرف تلعب..”، وهو كلام أثر كثيرا في يبدة الذي شكر هذا الطفل على اعتراف قد يكون الأكثر تأثيرا من شهادة أكبر الفنيين في العالم. يبدة يُهدّئ من روع رضيع كما طاف ماجر ويبدة في الجناح المخصّص للأطفال الرضّّع من أجل الاطمئنان على حالة من يعاونون المرض منذ الولادة. حيث احتضن يبدة رضيعا كان يبكي قبل أن يتوقف الرضيع عن البكاء. وقد علّق مدير الجريدة قائلا: “إنها يد البركة”، ليطلب بعدها يبدة أخذ الرضيع معه مازحا وهو بصدد أخذ صورة معه. شبّان من فريق باب الوادي تنقلوا من أجله وقبل نهاية زيارة يبدة وماجر إلى مستشفى باب الوادي، التحق بعض الشبان الذين ينشطون في نادي باب الوادي بالمصلحة، حيث التفوا بالنجمين وأخذوا صورا معهما، وذلك بعد وصول خبر تواجدهما في المستشفى. كما اختتمت الزيارة كما بدأت بأخذ عمال المصلحة صورا تذكارية مع الثنائي، الذي أكد لنا سعادته بمقاسمة هؤلاء الأطفال الفرحة، مؤكدا استعداده للقيام مجدّدا بمثل هذه المبادرات. تسليم شاشات عملاقة وثلاجتان ختام الزيارة وفي ختام الزيارة، قام ماجر ويبدة بتسليم هدايا غالية لمدير المستشفى بمبادرة من “الهداف” و«لوبيتور”، حيث سلمت شاشتان عملاقتان وثلاجتان لمدير المركز، وهي الهدايا التي أسعدت عمال المستشفى وكلّ الحضور في حفل رمزي. وقد أعجب كثيرا يبدة بنوع الهدايا، حيث علق بشأن جهاز التلفاز: “أنا شخصيا لا أملك مثل هذا الجهاز العملاق”، تأكيدا لقيمة الهدايا المقدمة في إطار هذه الزيارة. “زيارة المجاهد ماجر ويبدة ترفع معنويات المرضى” قال مدير مستشفى لمين دباغين بباب الواد السيد ناصر بار على هامش زيارة ماجر ويبدة : “سعيد بهذه المبادرة التي قامت بها وسيلتكم الإعلامية، حيث أن زيارة ماجر الذي اعتبره بمثابة مجاهد سمح للعلم الجزائري أن يرفرف في العالم، والشاب يبدة الذي يشرّف بلده تسمح برفع معنويات المرضى وتؤكد أن قلبيهما معلقان بالجزائر رغم إقامتهما في الخارج. وأشكر الجميع على هذه المبادرة”.