الشرطة تجري تحاليل "الأ.دي.أن" والدرك يحقق في بئر خادم عاشت عيادة التوليد الخاصة "أية" ببئر خادم بالعاصمة أمس حالة هستيريا، بعد أن تواردت أنباء عن اختفاء رضيعة تبلغ من العمر يوما في ظروف جد غامضة... ليتبين في الأخير حسب رواية مسؤولي العيادة أنه مجرد خطأ في جنس المولود إلى غاية إثبات ذلك عن طريق تحاليل الحمض النووي"الأ.دي.أن"، الذي توّلته مصالح الشرطة العلمية، فيما فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا في القضية. لكن، الغريب في هذه القضية، أن مصالح العيادة حرّرت بيان ولادة يُبثت أن المولود من جنس أنثى، سمّيت "سمية هجيرة ماضي"، وهو ما زاد من شكوك الوالدين وإصرارهما على تعرّض المولود للتغيير. الساعة كانت تشير إلى العاشرة صباحا، عندما وصلنا إلى عيادة التوليد"أية" ببئر خادم بالجزائر العاصمة، والتي شهدت حالة استنفار قصوى أعلنتها مصالح الدرك والشرطة، التي أطلقت تحقيقات واسعة، بعد أن وردت معلومات باختطاف مولودة جديدة، حيث قامت إدارة العيادة بغلق كل الأبواب ومنع جميع النساء اللائي ولدن حديثا من مغادرة المستشفى.
من هنا بدأ اللغز تمكنا وبصعوبة كبيرة من الدخول إلى الطابق الرابع بالعيادة، حيث ادعينا أننا من أقرباء المعنية بالأمر، قصد ولوج العيادة والبحث عن الحقيقة، وبمجرد دخولنا إلى الغرفة رقم 5 أين تتواجد أم الرضيعة محل القضية، أجهشت هذه الأخيرة بالبكاء التي بدت عليها ملامح التعب والإرهاق، وقالت لنا "والله لا أصدق ماذا حدث في هذه العيادة...لقد أجروا لي عملية الولادة القيصرية ب 8 ملايين سنتيم.. وكدت أن أفقد حياتي لأجد نفسي في أخر المطاف تائهة ولا أعرف إن كان هذا المولود طفلي أم لا..". في هذه اللحظة تقاطعها أمها أي جدة الرضيعة، والتي كانت في عين المكان وتقول"ابنتي كانت على علم أنها رزقت ببنت، والتي تم تحديد اسمها، حيث سميت"سمية هجيرة ماضي"، لكن في صبيحة اليوم الموالي تفاجأت العائلة بمولود من جنس ذكر".
الغموض يلقي بظلاله ..و"الأ.دي.أن" الفيصل ونحن بصدد الاستماع إلى أم وجدة الضحية دخلت علينا الطبيبة المشرفة على ولادة الرضيعة، حيث روت لنا تفاصيل القضية دون أن تدري حقيقة مهنتنا وقالت "في الوقت التي أجريت فيه عملية الولادة القيصرية، كانت الأم والطفل في خطر كبير، خاصة أن المولود كاد أن يختنق تماما ولم أفكر حينها في جنس المولود والمهم في تلك اللحظة أن أنقذ الاثنين معا"، وأضافت "أرسلت الرضيع على الفور لوضعه في الحاضنة الاصطناعية لإخضاعه إلى التنفس الاصطناعي، وكنت أنا أهتم بالأم التي نجت من الموت المحتوم بصعوبة، وفي ساعة متأخرة من الليل رن هاتفي النقال، أخبروني أن هناك رضيعة مختطفة، لأنتقل على الفور إلى العيادة". وأردفت قائلة: "عند وصولنا أمرت بغلق جميع الأبواب ومنع خروج النساء اللائي وضعن مواليدهن في تلك الليلة، مع إعطاء تعليمات بإجراء تحاليل الدم على جميع المواليد الجدد، والفحص الدقيق في السجل الذي دوّن فيه نوعية الجنس والوزن واسم ولقب الأمهات، لنكتشف في الأخير أنه خلط بين الجنسين فقط، ومع هذا وحتى نقطع الشك باليقين، فقد رفعنا عينات من الأم والمولود، وسلمناها للشرطة العلمية وهي الآن تقوم بالتحاليل اللازمة".
طفلة تتحوّل إلى طفل وشهادة ميلاد ل"سمية" الأم لا تزال تحت وقع الصدمة، رفضت حتى حضن رضيعها وتقبليه، أو تسميته مصرة على تحاليل الحمض النووي "الأ.دي.أن"، وبالرغم من الشبه الكبير وتأكيد جدة الرضيعة أن وجه الرضيع هو نفسه من حملته بين يديها أول مرة، أي مباشرة بعد ولادته، إلا أن الأم رفضت تقبل ذلك على أساس أن الأخصائية في أمراض النساء ولمدة 9 أشهر كانت تؤكد لها بمجرد أن تجري لها فحص سريري عن طريق الأشعة أنها تحمل طفلة، حيث قامت بشراء جهاز"المولودة" باللون الوردي وهي نفس الثياب التي ألبستها الممرضة للرضيع، ولكن الأخطر من ذلك هو أن عائلة المولود تحصلت على شهادة ميلاد لطفلة دُوّن عليها "سمية هجيرة قاضي".
تحاليل الحمض النووي والدرك يفتح تحقيقا مباشرة بعدما توارد أنباء عن اختفاء رضيعة تبلغ من العمر يوما في ظروف جد غامضة انتقلت مصالح الفرقة الإقليمية لدرك بئر خادم إلى عيادة "أية" وفتحت تحقيقا في القضية، حيث استجوبت العديد من مسؤولي وعمال العيادة بما فيهم مدير العيادة والطبيبة المشرفة وممرضات المناوبة، فيما تنقلت مصالح الشرطة العلمية إلى عين المكان لترفع عينات من دم الأم، والرضيع لإجراء تحاليل الحمض النووي، والتي ستحدد الهوية الحقيقية للرضيع خلال 16 ساعة القادمة. من جهته، أكد مسير العيادة في تصريح ل"الشروق"، أنه ليس لدى العيادة مصلحة في اختطاف أو تغيير المولود، وأوضح أنه لم يتم تسجيل إخراج أي مولود من العيادة، بل هو خطأ بسيط وتم تسويته والتحقيقات التي باشرتها مصالح الدرك والشرطة ستثبت صحة ذلك. وتعيد الحادثة إلى الأذهان اختطاف الرضيع ليث في المستشفى الجامعي لقسنطينة، والتي ألقيت بظلالها على قضية المولودة سمية أو الطفل، ومهما كان الأمر، فهذا يعتبر فضيحة تهز قطاع الصحة في الجزائر، فعندما يخطأ أخصائي النساء في تحديد جنس المولود لأزيد من 8 أشهر مع أن أجهزة الفحص السريري وصلت إلى قيمة "دي 3" في التكنولوجيا الحديثة فهذه هي الفضيحة الأخطر في القضية.