مرعوبون يصرخون: .. أوقفوا المجزرة عاشت، العاصمة أمس، حالة رعب وهلع بسبب انحراف قطار عن مساره، في الخط الرابط بين محطتي حسين داي والخروبة"لافارج""، تسبب في كارثة أدت إلى وفاة امرأة وإصابة 100شخص بجروح متفاوتة الخطورة، حيث يصارع أحدهم الموت، فيما أمر الوزير الأول عبد المالك سلال الذي انتقل إلى عين المكان بفتح تحقيق عاجل في القضية وفحص العلبة السوداء للقطار، لمعرفة الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الحادث. الساعة كانت تشير إلى الثامنة والنصف صباحا، عندما وصلنا إلى مكان الحادث، حيثلاحظنا انتشارا مكثفا لرجال الشرطة وبعض عناصر الدرك الوطني والحماية المدنية، الذينحاصروا المكان ولم يسمحوا لأي شخص بالمرور، فيما اتخذت فرق الشرطة العلمية مواقعلها، حيث سيّجوا مكان الحادث بأشرطة صفراء يمنع اختراقها وكانوا بصدد أخذ عيناتوبصمات في مكان الحادث. بعد لحظات تمكنا من دخول المكان، أين وقفنا على الكارثة، حيث تحولت القاطرة الأماميةإلى شبه ركام بسبب تحطمها كليا، وخلال محاولة معرفة الأسباب الرئيسية للحادث، أكد لناملازم أول بالمديرية العامة للحماية المدنية سفيان بختي، أن قطار"الضاحية"" انطلق منمحطة أغا بالعاصمة في حدود الساعة 7 و55 دقيقة، وكان متوجها إلى مدينة الثنية بولايةبومرداس، إلى أنه في الخط الرابط بين محطتي القطار حسين داي والخروبة وبالضبط فيمنطقة"لافارج""، وعند الساعة الثامنة وعشر دقائق، انحرف عن مساره مما أدى إلىانقلابه خاصة الجهة الأمامية، مما تسبب في مقتل امرأة في العقد الرابع وإصابة 57 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة، تم إنقاذهم بصعوبة كبيرة إذ تم نقل الجثة إلى مصلحةحفظ الجثث بمططفى باشا، وتم تحويل الجرحى إلى 4 مستشفيات على غرار مستشفى القبة،مصطفى باشا، حسين داي"بارني"". وعلمنا في مكان الحادث أن سائق قطار آخر انطلق من محطة بور سعيد في اتجاه ولايةوهران تفادى كارثة حقيقية بكل المقاييس، إذ أنه قبل وصوله إلى مكان الحادث بحوالي200 متر توقف مباشرة، وهو الشيء الذي جنب اصطدامه مع القاطرة الخلفية للقطار الأولالمنحرف.
سلال يأمر بتحقيق عاجل... والعلبة السوداء ستكشف المستور بعد لحظات وصل الوزير الأول عبد المالك سلال إلى موقع الحادث، وكانت علامات الغضبوالتأسف بادية على وجهه وكان يخاطب رجال الشرطة ومدير مؤسسة النقل بالسككالحديدية بلغة شديدة اللهجة، قائلا"عليكم بفتح تحقيق عاجل في الحادث وفحص العلبةالسوداء للقطار لمعرفة الأسباب الرئيسية التي كانت وراء حصد أرواح وجرح أشخاص لاذنب لهم""، وأضاف"يجب أن تحددوا ما إذا كانت السرعة هي سبب الحادث أو خطأ تقني أووضعية السكة الحديدية""، وأمر سلال رجال الشرطة بفتح الطريق بعد أن وصلت إليهمعلومات بعدم تمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى مكان الحادث بسبب الازدحام الكبيرالذي شهدته العاصمة وضواحيها، قبل أن يتوجه إلى مستشفى مصطفى باشا ليتفقد الجرحى،فيما أمر الوزير الأول بتشكيل خلية أزمة، حتى تكون حلقة وصل بين عائلات المسافرينومختلف الإدارات ذات العلاقة بالحادث.
اضطراب في الرحلات ولجنة تحقيق في الحادث من جهته، أكد مدير مؤسسة النقل بالسكك الحديدية بن جاب الله ياسين ل"الشروق"، أنانحراف قطار "الضاحية"، والذي تسبب في حصيلة ثقيلة "وفاة امرأة وجرح 57 آخرين"سابقة من نوعها، مشددا على أنه كلف لجنة خاصة للتحقيق في الأسباب الحقيقية التي أدتإلى انحراف القطار عن مساره، وقال إنه في حال إثبات تورط السائق من خلال استعمالهلسرعة فائقة سيتم تسليط عقوبات صارمة ضده. وبخصوص اضطراب رحلات القطار بسبب الحادث، أعلن بن جاب الله عن توقيف الرحلاتالرابطة بين الجزائر العاصمة والدار البيضاء مع ضمان الحد الأدنى من الخدمات.
شهود عيان ل"الشروق": "نجونا من موت محتوم والله هو الستار" بكاء، خوف وهلع، المظاهر البادية على ركاب قطار "الموت" كما أطلق عليه البعض،خاصة الطالبات اللائي كن متوجهات إلى جامعة باب الزوار، حيث وصفت لنا إحداهن"سارة" الحادث وقالت "كنت في القاطرة الثانية، عندما سمعنا شيئا ما انفجر، وأصبح الجميع يتلو الشهادتين، نعم نحن كنا نظن أننا سنموت جميعا، ولكن الله هو الستار"،ليقاطعها أحد الركاب رشيد البالغ من العمر 41 سنة ويقول لنا "أظن أن سائق القطار هومن كان وراء الحادث، لأنني أحسست بسرعة فائقة أثناء انطلاق القطار على غير العادة". من جهتها، قالت لنا السيدة "فريدة"، التي نجت من الموت بأعجوبة كونها كانت فيالقاطرة الأمامية للقطار، قبل أن يتم نقلها على متن سيارة إسعاف وهي في حالة يرثى لها، إنه "فور وقوع الحادث، أغمي علي وحين تفطنت رأيت دما منتشرا في جميع أرجاءالقاطرة، فيما شهدت جثة امرأة غارقة في دمائها، وأنا شخصيا من اليوم فصاعدا عاهدتنفسي أنني لن أركب القطار مرة ثانية". تركنا مكان الحادث وصورة الاصطدام المهولة للقطار الذي تحولت قاطرته الأمامية إلى شبهركام وخراب ما تزال راسخة في أذهاننا، فمن يتحمل مسؤولية هذه الكارثة ياترى ...؟
فوضى وإغماءات باستعجالات مستشفى مصطفى باشا أمر الوزير الأول عبد المالك بالتكفل الأمثل للجرحى، خلال معاينته للمصابين في حادثةالقطار الذين تم نقلهم إلى مصلحة الاستعجالات، رفقة وزير الصحة عبد المالك بوضياف سارع الوزير الأول عبد المالك سلال بالتوجه إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشاللاطمئنان على المصابين في حادث انحراف القطار المتوجه من العاصمة نحو الثنية والذيخلف أكثر من 100 جريح وقتيلا واحد، حيث جاب مختلف أجنحة المصلحة وتحدث إلىالعديد منهم بغرض الاطمئنان، عليهم في ظل هول الحادث الذي أثار هلعا وخوفا كبيرين فينفوس الركاب وأهاليهم. وأعطى سلال تعليمات صارمة لوزير الصحة والسكان ومسؤولي المستشفى الجامعي للتكفلالأمثل بالجرحى والمصابين وأهاليهم طبيا ونفسيا مشددا على ضرورة إبلاء العناية اللازمةلهم. وقال سلال إنه تم تشكيل لجنة للتحقيق لمعرفة ملايسات الحادث من خلال الاطلاع علىالعلبة السوداء للقطار، مشيرا إلى الأهمية القصوى لمعرفة مسبباته لاتخاذ الإجراءاتاللازمة. وعاشت مصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا حالة من الفوضىوإغماءات وسط أهالي المصابين الذين سارعوا إلى عين المكان بغية الاستفسار حولوضعية أهاليهم، كما تم تسجيل مناوشات بين المكلفين بأمن المستشفى وأهالي المصابينبسبب منع دخولهم إلى المصلحة للاطمئنان على أهاليهم. حيث ندد بعض من تحدثت إليهم"الشروق" بالطريقة التي لاقوها من طرف أعوان الأمن. وسجلت المصلحة توافد أكثر من 93 مصابا بجروح متفاوتة الخطورة، بين جروح وكدماتعلى مستوى الرأس والجسم استدعى إلى إخضاع البعض لعلاج مكثفة ومراقبة دقيقة قبلالسماح لهم بالمغادرة، فيما تم وضع ثلاثة أشخاص تحت العناية المركزة خوفا من وقوعمضاعفات.
وزير الصحة للشروق: تكفلنا بجميع الجرحى قبل مغادرة الوزير الأول عبد المالك سلال مكان الحادث، وصل وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف، حيث أكد في تصريح ل "الشروق"، أن الكارثة مأساة حقيقية و عملية الإجلاء للجرحى عبر مستشفيات مصطفى باشا وبارني والقبة سارية على قدم وساق، حيث تتكفل الفرق الطبية في الوقت الحالي بمعالجة وفحص جميع المصابين في الحادث، مع إجراء التحاليل اللازمة لهم. ناجون من الموت يروون ل"الشروق" تفاصيل الحادث: "عشنا لحظات رعب لا تنسى..!" عاش ركاب القطار المنحرف عن مساره صبيحة أمس، لحظات رعب حقيقية، بعد الحادثقالمفاجئ الذي تسبب في سقوط اكثر من 100 جريح وقتيل واحد، حيث لا يزال الكثير منالركاب تحت الصدمة بدليل أن البعض منهم لم يصدقوا أنهم لا زالوا على قيد الحياة. ووصف الناجون - الذين تحدثت إليهم "الشروق" بمصلحة الاستعجالات الطبية - من حادثانحراف القطار ب"الكابوس المرعب" مشيرين إلى أنهم لا زالوا متواجدين تحت الصدمةبدليل أن الكثير منهم لم يستفق منها رغم تلقيهم العلاج نتيجة الفزع والخوف الذي لازمهمبعد الحادث. وروى ركاب ناجون من حادث انحراف القطار ل"الشروق" اللحظات التي سبقت وتلتالحادث الأليم الذي خلف زهاء 100 جريح ووفاة سيدة في الخمسينات من العمر، واصفينما جرى ب" الكابوس" الذي يصعب عليهم نسيانه، حيث يقول احمد الذي كان بصدد تلقيالإسعافات اللازمة للكدمات والجروح التي تعرض لها على مستوى الرأس والوجه، "كانالقطار يسير بشكل طبيعي قبل أن يرفع من سرعته عند الاقتراب من محطة حسين داي ماجعل القطار يفقد توازنه وينحرف عن مساره، وانقلب عدة مرات قبل أن يتوقف" ليضيف"لقد عشنا لحظات رعب ونحمد الله على سلامتنا". ناج آخر من الحادث الخطير يقول ل"الشروق": "كل شيء كان على ما يرام فقد توقفالقطار في محطتي آغا والورشات، وبمجرد أن اقترب من محطة حسين داي أحسسنا باختلالالتوازن وانقلابه وسط عويل وصراخ الركاب من الطلبة والموظفين بسبب الخوف" وأضاف"لقد تعرض القطار لأضرار كبيرة بعد اصطدام إحدى قاطراته مع قاطرة أخرى ولولا لطفالله تعالى لكانت الحصيلة أثقل". وبدت الدهشة ظاهرة للعيان في أوساط بعض المصابين الذين عجزوا عن الحديث عن هولالصدمة، وردوا علينا بالقول "الحمد لله ما زلنا أحياء"
واعتبر ركاب آخرون أن ما جرى تحصيل حاصل على انعدام الصيانة بسبب الاهتزازات التيتسجل يوميا عند سير القطار، حيث طلبوا بفتح تحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهممن هكذا حوادث.
مدير مستشفى مصطفى باشا للشروق: شكلنا خلية أزمة للتكفل بالمصابين قال المدير العام للمستشفى الجامعي مصطفى باشا بار ناصر في تصريح ل "الشروق" أنه تم تشكيل خلية أزمة مشكلة من أطباء ونفسانيين للتكفل بالمصابين وذويهم، بعد حالة الهلع التي سببه الحادث، كاشفا عن تسجيل 93 حالة إصابة نقلت إلى مستوى مصطفى باشا، حيث تم التكفل بهم وغادر غالبيتهم المستشفى، فيما تم الإبقاء على ثلاثة مصابين تحت العناية المركزة خوفا من حدوث مضاعفات.
وزارة النقل تحقق في ملابسات الحادث شكلت وزارة النقل خلية أزمة مشتركة ولجنة تحقيق على مستوى الوزارة لمتابعة عمليات إجلاء الجرحى ومتابعة الخسائر المادية والبشرية، ومعرفة الأسباب الحقيقية للحادث، وحسبما جاء في بيان الوزارة، فإن المفتشية العامة للوزارة شرعت في التحقيق في ملابسات الكارثة إلى جانب اللجنة التي شكلتها المؤسسة الوطنية للنقل عبر السكة الحديدية، موازاة مع الشروع في إخلاء مكان الحادث وتهيئته تحسبا لاستئناف الرحلات.
بتهمتي القتل الخطأ والجروح الخطأ وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي يفتح تحقيقا ضد مجهول أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي أمس بفتح تحقيق قضائي ضد مجهول في "قضية انحراف قطار نقل المسافرين بحسين داي" وهذا بعد تكييف القضية على أساس جنحتي القتل الخطأ والجروح الخطأ وفقا للمادتين 289 و288 من قانون العقوبات. ويأتي ذلك بعدما تنقل كل من وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي بمعية السيد قاضي التحقيق لدى ذات المحكمة إلى مكان انحراف القطار على السكة الحديدية بالقرب من محطة نقل المسافرين بحسين داي، وهو الحادث الذي أسفر عن وفاة مسافرة وتسجيل عدد من الجرحى بين المسافرين والذين تم إسعافهم بمستشفى مصطفى باشا، حيث أشرف وكيل الجمهورية على اتخاذ إجراءات التحقيق الأولي في الحادثة وكشف ملابساتها، وفي السياق ذاته أصدر قاضي التحقيق إنابة قضائية للضبطية القضائية لتباشر على إثرها التحريات والتحقيقات في ظروف وأسباب وقوع الحادث وتحديد المتسببين الحقيقيين فيه، لتحويلهم أمام العدالة.