هذه الجنة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها قيعان، وأن أعظم غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (لما عرج بي لقيت خليل الله إبراهيم فأوصاني قائلاً: يا محمد، أقرأ مني أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، هذه الجنة أيها المؤمنون! عظم شوقها إلى بعض عباد الله الصالحين، قال صلى الله عليه وسلم كما في الخبر الصحيح (إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: إلى علي وعمار وسلمان) رضوان الله جل وعلا عليهم، ولا يعني ذلك أن الجنة لا تشتاق إلى غيرهم، فإن الحديث في سياق الخبر وليس في سياق الحصر. فلا ريب أن الجنة تشتاق إلى أبي بكر وعمر وغيرهما من عباد الله المؤمنين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فقط عن ثلاثة ليبين ما لهؤلاء الثلاثة من عظيم القدر وجليل المكانة عند ربنا تبارك وتعالى. أسباب الحرمان من الجنة أبداً هذه الجنة يمنع عنها أقوام بالكلية فلا يدخلونها أبداً رغم ما فيها من الفضل وما جعل الله فيها من الرحمة، وما فيها من نعيم الله الذي لا ينفد وقرة العين التي لا تنقطع، وهؤلاء - والعياذ بالله - هم أهل الكفر والإشراك، قال الله جل وعلا: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فمن أشرك بالله أو كفر به جل وعلا فإن الجنة عليه حرام تحريماً مؤبداً، فإن الله جل وعلا أخبر أنه ما بعث الرسل ولا أنزل الكتب ولا خلق الجن والإنس ولا أقيم سوق العرض ولا خلقت السماوات والأرض إلا ليوحد سبحانه ويعبد دون سواه، فمن خالف هذا الأمر الرباني الإلهي الذي أجراه الله على الأمم كلها كان حراماً عليه بقدر الله أن يدخل الجنة، قال الله جل وعلا عن أهل معصيته بعد أن بين سبب عذابهم والنكال بهم وحرمانهم من نعمة الله، قال: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ)، فمن دلت عينه وقلبه وخشعت نفسه أمام هذه الكلمة وفق لكل خير، ومن منعها ولم يجد لها مكاناً أو مساغاً في قلبه فالجنة عليه حرام بكلام رب العالمين جل جلاله، جعلنا الله وإياكم ممن يؤمن به ويعبده وحده دون سواه. فهؤلاء من حرم الله عليهم الجنة تحريماً مؤبداً.