يُخطئ من يعتقد أن لاعبينا الدوليين يُفكّرون في الإنضمام إلى كبار الأندية في أوروبا من أجل تطوير مستواهم ومن أجل خوض تحدّيات أخرى أكبر وأهم على المستوى الأوروبي، لأن فكرة ضخّ الجيوب بالأموال صارت راسخة في أذهان الأغلبية، لاسيما من كنا نرى فيهم بالأمس القريب مستقبل وركيزة المنتخب الوطني، والوجهة من أجل ملء هذه الجيوب لن تكون سوى الخليج وبالضبط البطولة القطرية التي كانت وجهة من أشرف على إنهاء مشواره من قبل، لتتحوّل الآن إلى ملاذ لمن لا يزال في ريعان شبابه بالنسبة لدوليينا. بلحاج ضاع في ريعان الشباب بالأمس فقط كنا نرى في لاعب من طينة بلحاج أحد أفضل اللاعبين الجزائريين على الجهة اليسرى من الدفاع، ولا داعي لكي نعود إلى ما كان يفعله خلال تصفيات كأسي إفريقيا والعالم 2010 بتوزيعاته ومخالفاته التي وصفها يوما مدرب المنتخب الأرجنتيني بالساحرة، وذلك عندما تألق بلحاج في ملعب “كامب نو” ضد رفاق ميسي، وبالأمس فقط كنا نكتب عبر صفحات الجرائد عن اقتراب برشلونة من التعاقد مع بلحاج، لكنه في ظرف وجيز وبسبب اختياره اللعب في البطولة القطرية صار في خبر كان.. فضاع وهو في ريعان الشباب، قد لا يضيع من الناحية المادية لأن ما يحصل عليه في قطر مع فريقه السد قد لا يتقاضاه حتى في الأحلام لو أنه بقى في أوروبا، إلا أن مشواره الدولي مع المنتخب انتهى تقريبا بتواجد مصباح. مغني من بطل في “أم درمان” لى لاعب في “أم صلال” وها هو صانع الألعاب مراد مغني يلتحق ببلحاج ويتعاقد رسميا مع نادي “أم صلال” القطري، ويفقد ربما كامل حظوظه في العودة إلى المنتخب، وذلك بعد اقتناعه بالعرض المغري الذي قيل أنه تلقاه، عرض لا يصد ولا يرد حسب ما تداولته الصحافة القطرية، غير أن مغني الذي انقطعت به السبل في أوروبا، وصار خارج حسابات فريقه الإيطالي “لاتسيو” منذ الإصابة اللعينة التي تعرض لها، أساء الاختيار لما قرر اللعب ل“أم صلال”، إذ كان عليه أن يغير البطولة بالعودة إلى فرنسا مثلا حتى يستعيد مستواه ومن هناك يبعث مشواره الكروي من جديد، غير أنه فضل الأموال على الرهان الرياضي... ف“شتان بين من كان بطلا في أم درمان بالأمس القريب... ومغني الذي سيلعب الموسم المقبل في أم صلال”. بوڤرة قدم في قطر وأخرى في إنجلترا ولن يقتصر الأمر على بلحاج ومغني، بل إن أبطالا آخرين من أبطال “ملحمة أم درمان” قد ينضمون هذه الصائفة إلى البطولة القطرية، ومجيد بوڤرة واحد من هؤلاء الذي ينتظرون الفرصة بفارغ الصبر، فرصة أتته قبل أن تضيع منه بعدما صرف الجزائري بلماضي النظر عن ضمه إلى فريقه “لاخويا” مفضلا عليه المغربي وادو، لكنه مع ذلك لا يزال يملك حظوظا في الالتحاق بالبطولة القطرية التي تهمه كثيرا من أجل الأموال لا غير، وهي الأموال التي شتّتت تفكيره، إذ أنه حسب مقربيه منقسم بين الانضمام إلى البطولة القطرية، أو التأكد من صحة أخبار الصحافة الإنجليزية التي تتحدث عن اهتمام المدرب الفرنسي “آرسين فينغر” لضمه إلى صفوف ناديه اللندني “آرسنال” وصحة خبر اهتمام “نيوكاستل”، على أن يتخذ قراره النهائي إن كان سيفضّل أموال “أم صلال” أو “الغرافة” أو “السد” أو غيرها من الأندية القطرية، أم يلتفت لمستقبله الكروي ويبقى في أوروبا. عنتر مرشّح إلى الهروب من “البوندسليغا 2” والظاهر أن الأوان قد حان لعنتر يحيى أيضا كي ينضم إلى البطولة القطرية، وفي الحقيقة لن يلومه أحد على ذلك بالنظر إلى تراجع مستواه بشكل رهيب مع المنتخب في السنة الأخيرة، بدليل أن معظم الأخطاء المرتكبة على مستوى الخط الخلفي مع المنتخب يتحمّلها هو، فضلا على أن أخطاءه مع “بوخوم” كلفت ناديه تضييع الصعود إلى مصاف الكبار في مباراة السد ضد “بوريسيا مونشنغلادباخ”، وإن اختار عنتر يحيى البطولة القطرية أو أي بطولة خليجية أخرى هروبا من القسم الثاني في ألمانيا فلن يلومه أحد، لأن طريقة لعبه الحالية تدل على أنه “شاخ“ ولم يعد يصلح مثلما كان عليه الحال من قبل. ربما هي نهاية جيل من اللاعبين! نعم هو التساؤل الذي علينا أن نطرحه عن لاعبين صاروا لا يقدمون شيئا مع المنتخب الوطني لفترة فاقت السنة، لاعبون صاروا غير قادرين حتى على القيام بثلاث تمريرات، فما بالك أن يقدروا على تحقيق الفوز أو تسجيل الأهداف، لاعبون كان من الأجدر بهم أن يكون لهم طموح اللعب في الأندية الكبيرة هناك بإنجلترا وإسبانيا، لا أن يفضّلوا الهروب إلى قطر بحثا عن الأموال وأكبر اللاعبين فيهم لم يتجاوز سن الثلاثين.