فجّر نادي شبيبة القبائل، بتأهله الباهر واللافت والتاريخي من أرض “الفراعنة” أمام جماهيرهم المحتشدة في ستاد القاهرة وأمام تشكيلة تضم خيرة نجوم المنتخب المصري، الجدل مجدّدا بخصوص أحقية اللاعبين المحليين في الدفاع عن ألوان المنتخب الوطني بعد حملة الإقصاء التي رفعها المدرب رابح سعدان منذ أكثر من عامين والتي أدت إلى هيمنة كاملة للاعبين المغتربين على المنتخب، وهو ما تجلي خلال المباراة الودية الأخيرة أمام منتخب الغابون لما دخل المنتخب ملعب 5 جويلية بتشكيلة مولودة ومكوّنة في فرنسا بنسبة مائة بالمائة. ما فعلته الشبيبة أمام لاعبين كانوا قبل أشهر من الآن يُلقنون رفقاء نذير بلحاج درسا في الواقعية في أنغولا كان أفضل رد اعتبار من رفقاء تجار ومنح المدافعين عنهم على كثرثهم أوراق ضغط إضافية تُطالب المدرب رابح سعدان بفتح باب المنتخب الوطني الموصد أمامهم إن منح الفرصة للاعبين المحليين ووضع الثقة فيهم ودفعهم للإحتراف حتى يستفيد منهم المنتخب الوطني، وهم محترفون على أعلى مستوى كما كان الحال مع ماجر وصايب وتاسفاوت ومؤخرا مع حليش... إنه أفضل بكثير من التنقيب والجري وراء لاعبين محترفين من مستوى أدنى ولسنا حتى متأكدين من جنسيتهم الجزائرية. غير معقول ناد يهزم 15 لاعبا دوليا لا يملك أي لاعب في المنتخب لا المنطق ولا العقل يتقبّل أن ناديا يتصدر مجموعة رابطة الأبطال الإفريقية بعشر نقاط كاملة وبفارق خمس نقاط عن أقرب ملاحقيه ويكون أول المتأهلين إلى المربع الأخير على حساب أندية تضم أرمادة من اللاعبين الدوليين لا يملك ولا لاعب دولي في منتخب بلاده، فالأهلي يضم ركائز منتخب مصر ولاعبوه أشهر من نار على علم، فهم أصحاب الألقاب محليا وقاريا ويكفى ذكر إسم العميد أحمد حسن اللاعب الوحيد في إفريقيا المتوّج بأربع بطولات كأس الأمم للدلالة على ذلك، والإسماعيلي الذي يضم خمسة عناصر دولية شاركت في أخر تربص لمنتخب مصر، فيما هارتلاند فهو نائب بطل المسابقة، كل هذا لم يعجز تشكيلة شابة جدا لا تضم بالضرورة أفضل لاعبي البطولة المحلية، لكنها تضم عناصر شابة أثبت علو كعبها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الألوان الوطنية، وفي هذا قدمت درسا إلى المشككين من خلال مباراة القاهرة، لما عادت في النتيجة وصمدت لأكثر من 50 دقيقة بعشرة لاعبين وسط ظروف صعبة للغاية وجمهور متحفز وهو ما لم يحققه منتخبنا الأول بكل أرمادته من اللاعبين لا في القاهرة ولا في بانغيلا. شاقوري، بلعيد، مجاني ليسوا أفضل من المحليين ويفرض ملف تهميش المحليين من طرف المدرب الوطني نفسه بقوة، خاصة هذه المرة، ليس لتراجع مستوى وأداء المنتخب وتألق أنديتنا وفي مقدمتها الشبيبة والوفاق (هذا الأخير عانى من مشاكل في التسيير وإلاّ كان أول الواصلين إلى المربع الأخير)، ولكن لأن تشكيلة المدرب رابح سعدان لا تضم عناصر محترفة على أعلى مستوى، فهم كثيرون من يلعبون في أندية متواضعة جدا ومنهم من لا يلعب إطلاقا وما قدموه مع المنتخب إلى حد الآن يثير أكثر من علامة استفهام، ولتسمية الأسماء بمسمياتها لا يبدو أن لاعبا مثل بلعيد الذي يحاول مدربه جاهدا التخلص منه في فرانكفورت أو مجاني الذي يلعب في ناد مغمور في الدرجة الثانية الفرنسية، أفضل من لاعب مثل بلكالام شاب لم يتجاوز 21 ربيعا يملك كل مواصفات المدافع العصري والذي يسير على خطى حليش الذي كان على رابح سعدان أن يتعظ من خلاله ويفكر في منح الفرصة للاعبين المحليين بدل اللهث وراء لاعبين كثيرين كانوا يرفضون المنتخب لما لم يكن بأفضل حال والذين لم يجد أحد سببا لاعتماد سعدان الأعمى عليهم إلى درجة تفضيل لاعب نادي “شارل لوروا” البلجيكي الذي لا يلعب في ناديه المتواضع جدا في بلجيكا منذ الموسم الماضي، في وقت رفض ربيع مفتاح رغم أن هذا الأخير كان في أفضل حالاته، وفي ما يلي تصريحات بعض الفنيين الذين يجمعون على ضرورة فتح الباب مجددا أمام عناصرنا المحلية. بن شيخة: “اللاعب المحلي لم يمت وهذا التأهل أفضل رد على المشكّكين” “هذا التأهل يشرف الكرة الجزائرية ويشرفني بالدرجة الأولى لأني كنت دائما أنادي بضرورة رد الاعتبار للاعب المحلي، وأعتقد أن الشبيبة أعطت بما فعلته البرهان أن اللاعب المحلي قادر على فعل الكثير وتفجير طاقاته الكبيرة في حال ما توفر له المناخ والإمكانات اللازمة، اللاعب المحلي لم يمت ولم يقل كلمته الأخيرة بعد وأعتقد أن ما حققته الشبيبة والوفاق بدرجة أقل الذي أنتظر منه رد فعل سطايفية أحرار من أجل الظفر بتأشيرة التأهل هو رد على كل القيل والقال وكل المشككين في قيمة لاعبينا، لقد أثبتوا جدارتهم في الدفاع عن ألوان بلادهم وأنا واثق من عودتهم بقوة، ولم لا نرى ناديين جزائريين في المربع الأخير لأول مرة في التاريخ بعد أن يتدارك الوفاق بدايته السيئة التي تعود للظروف وليس للمستوى، أنا سعيد بالشبيبة وبمسؤوليها الذين وضعوا الثقة في الشبان، أحيّي مسيريها على ثقتهم ببلكالام وهو لم يتجاوز العشرين وبدرجة أقل زيتي، بلكالام الذي بعد أن كان لاعبا في منتخب الآمال سيكون أحد ركائز منتخب المحليين، وأتمنى من بقية الأندية أن تحذو حذو الشبيبة والمولودية مع ميشال الذي قام بعمل جيد في الموسم الماضي، البطولة المحلية التي أنجبت ماجر وصايب وتاسفاوت بنفس الإمكانات والملاعب والمدربين هي التي أنجبت حليش ولازال بإمكانها إنجاب لاعبين على أعلى مستوى الفرق يمكن في الثقة التي حصلت عليها الأجيال السابقة والتي يجب أن نمنحها للاعبين هذه المرة، المحليون قادمون وأنا واثق بأنهم سيبرهنون أكثر خلال كأس إفريقيا المقبلة في السودان والموعد نضربه للجميع من الآن”. مرزقان: “لم نكن بحاجة لهذا التأهل حتى نعرف قيمة المحليين، هناك استراتيجية والأبواب ستبقى مغلقة حتى 2012” “لست مع من يقول إن تأهل الشبيبة الباهر في القاهرة وفي تلك الظروف هو خير دليل على كفاءة اللاعب المحلي، الشبيبة بصدد تحقيق مشوار مشرف وهي استمرارية في النتائج الإيجابية التي سجلتها منذ أول مباراة في الإسماعيلية، أعتقد أن لاعبينا لم يكونوا بحاجة لمثل هذه النتيجة حتى ندرك أنهم موهوبون ويستحقون حمل الألوان الوطنية، نملك لاعبين جيدين يستحقون اللعب للمنتخب حتى لو خسرت الشبيبة، لا يجب أن نخلق حساسية بين الشبيبة والمنتخب، أنا عن نفسي كنت دائما أؤمن بإمكانات لاعبينا المحليين وبأن المنتخب يجب أن يبني من البطولة المحلية على عكس كثيرين وأولهم رجال الصحافة الذين أقصوهم والجمهور تبعهم، لاعبون مثل تجار وبلكالام كما شاهدناهم أمس يستحقون دعوة للمنتخب، وأنا واثق أن المنتخب سيمنحهم الحافز للعمل والتطور أكثر، لكن للأسف أنا لست متفائلا بأن النظرة ستتغير في القريب العاجل، الكل يعرف أن هناك استراتيجية متبعة في المنتخب مبنية على إقصاء المحليين، من يرى بأن الجزائر كلها لا تملك ظهيرا أيمن لن يغير قناعاته وبهذا الأبواب موصدة في وجه المحليين لغاية 2012”. حاج عدلان: “حان الوقت لمراجعة الحسابات بالنسبة للاعب المحلي” “نتيجة الشبيبة أمام الأهلي لم تفاجئني تماما، كوني لاعب سابق في الفريق أعرف جيدا الطريقة التي تحضر بها الشبيبة مثل هذه المواعيد الهامة، الإدارة وعلى رأسها حناشي وفرت كل شيء من أجل ضمان وتوفير أفضل الظروف للاعبين، بمتابعتي للفريق خلال المباريات السابقة كنت وقفت على أن المجموعة الحالية تملك شخصية فوق الميدان ولديها طموح كبير وهذه الأيام تشهد ربما ميلاد جيل جديد في الشبيبة، النتيجة أعتبرها أيضا ردا من اللاعبين المحليين على كل من أراد تهميشهم وإقصائهم وأنا أبدا لم أكن من بين هؤلاء، أرى بأنه حان الوقت لكي نعيد حساباتنا من جديد بخصوص لاعبينا وندرك جيدا أن اللاعب المحلي لا يقل شأنا وليس بحاجة سوى للثقة ووضعه في ظروف ملائمة، هذا التأهل أعاد حتما المحليين للواجهة وأنا واثق من أنه سيحفز الجميع على مواصلة التألق خلال الفترة المقبلة”. عماني: “الأمور واضحة بلكالام أفضل من بلعيد ومترف أفضل من مصباح” “الشبيبة أفرحتنا بهذا التأهل الرائع، وأنا عن نفسي أشكر اللاعبين والفريق كثيرا على ما فعلوه في القاهرة، مباراة الأحد أكدت أن القلب والإرادة والروح الجماعية بالخصوص هي من أهم مقومات الانتصار هذا ما تحلت به الشبيبة، لعبت بالقلب وهو ما نفتقده حاليا في منتخبنا، لكني مع ذلك أفضل وضع الأمور في إطارها الطبيعي، ليس هذا التعادل والتأهل هو الذي سيدفعنا لننقلب كلية على لاعبينا المحترفين ونطالب بتكوين منتخبنا من اللاعبين المحليين، هذا غير ممكن، لدينا بعض الأسماء التي تستحق الدعوة للمنتخب وليس كلها، في الشبيبة مثلا أرى أن لاعبا مثل بلكالام يستحق الحصول على فرصته فهو يلعب بصفة منتظمة على عكس لاعبين في المنتخب مثل بلعيد الذي لا يلعب إطلاقا مع فريقه، أتساءل أيضا إذا كنتم ترون في مصباح لاعبا مميزا، أنا برأيي حسين مترف أفضل منه بكثير، هناك بعض الأسماء المحلية تستحق الحصول على فرصتها لكن عدا ذلك البطولة الوطنية لا زالت عاجزة عن تكوين لاعبين على أعلى مستوى حتى نستغني بالتالي عن الجري وراء اللاعبين المحترفين. مغارية: “هذا التأهل سيجبر سعدان على تغيير نظرته للمحليين” “للأسف الشديد تعذر علي مشاهدة المباراة لأني كنت أشارك وقتها في دورة المرحوم بهمان بقاعة الأبيار لكننا كلاعبين قدامى مشاركين في الدورة بقينا نتابع عبر الهاتف كل مجريات اللقاء وصدقنا الكل كان سعيدا وفرحا بهذا التأهل الباهر وأنا أولهم لأني لا أخفى عنك أني لم أكن أثق كثيرا في قدرة فريق شاب بعناصر تفتقد للخبرة على الوقوف أمام ما يمكن وصفه بمنتخب مصر نادي الأهلي الذي يضم عشرة لاعبين دوليين وفي ملعب القاهرة أمام سبعين ألف متفرج، لم أفرح لأن التأهل جاء على من أسميه منتخب مصر لكن لأن التأهل جاء ليعيد الاعتبار للاعبين المحليين الذين برهنوا مرة أخرى أنهم هم أيضا قادرون على إفراح الجزائر، لقد أثبت هذا التأهل أن البطولة المحلية لازالت تنجب لاعبين جيدين يستحقون حمل الألوان الوطنية والدفاع عنها كيف لا وهي أنجبت حليش، يكفي فقط أن نمحهم الثقة والإمكانات على أن يتحلوا هم بالصرامة والانضباط، هذا التأهل سيفرض على سعدان مراجعة حساباته ويراجع خياراته بالنسبة للمحلين بأن يعتمد عليهم أكثر في المستقبل وهذا ما نتوقعه منه، في الأخير أقول إن هذا التأهل الذي أفرح الجزائر ككل هو مفيد حتى للمنتخب الوطني عشية مباراته المرتقبة وكل الكرة الجزائرية ستستفيد منه.