أرادت مشيئة الله أن يرحل المخرج السينمائي الكبير "بن عمر بختي" ليلة افتتاح مهرجان وهران للسينما العربية، سألت يوما ما صاحب رائعة " بوعمامة " وغيره من الأفلام عن مشروعه في إخراج فيلم حول " الأمير عبد القادر "، فقال " إن إمكانيات الجزائر المالية وظروفها الحالية لا تسمح بإنجاز فيلم يليق بقامة الأمير "، كان ذلك في منتصف التسعينيات .. تجاوزت الجزائر محنة الدمار وامتلأت خزائنها أموالا بعد الطفرة النفطية، ولم تنجز فيلما يتناول حياة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، تراجعت أسعار النفط وأسرع الوزير الأول "سلال " إلى الحديث عن تراجع ما في السلال من غلة البترول، وأُجل المشروع مرة أخرى ووُضع سيناريو الفيلم في أدراج لا نعرف مستقرا لها. غابت السينما العربية عن مهرجان " كان " الدولي لعجز في مستوى الأفلام، وتأتي إلى وهران لتعرض على الجمهور الجزائري جرحها المفتوح في سوريا ليبيا والعراق وغيرها.. وهران التي تعثر فيها المهرجان في المرة الماضية، واعترت فيما سبقه من طبعات نقائص عديدة تخص التنظيم، عاد هذه المرة وقد استقبل 600 ضيف من صناع السينما وممثليها. تتحول مدينة " كان " إلى مزار جاذب للسياح من مختلف أصقاع الدنيا بمناسبة إقامة مهرجانها السينمائي، وتحضر المدينة نفسها لهذا الحدث .. فتقوم بتزيين نفسها ويتنافس السكان في إعداد أجمل الواجهات، وتتسابق شركات التسويق العالمية في الظفر بأحسن الأماكن لعرض منتوجاتها .. فالمدينة ستكون ولعدة أيام مفتوحة أمام أعين كاميرات العالم.. لقد تحول مهرجان " كان " من مهرجان سينمائي بحت إلى آلة لإنتاج العروض السياحية، حيث تدر على المدينة ملايين الدولارات وتنجح المدينة اقتصاديا وسياحيا وسينمائيا بالطبع. ما يجري في " كان " يسري على مهرجانات العالم المختلفة، ولم تعد البلدان تدفع ملايين الدولارات لإقامة المهرجانات فقط ، ذلك أن هذه الحسبة قد تم تجاوزها لما هو أهم، وهو المنفعة ومصلحة البلد الاقتصادية و"السمعة" السياحية والإشعاع الثقافي. مهرجان " البندقية " لايشذ عن القاعدة ولا مهرجان " دبي " ولا مهرجان " مراكش " ولاغيره من المهرجانات الدولية .. فماذا كسبت وهران، وماذا كسبت الجزائر؟ وهل ما زال الناس يتذكرون " مهرجان السينما المتوسطية " الذي كان يعقد في "عنابة " في الثمانينيات من القرن الفائت، والذي استولت عليه مدينة " أشدود " في إسرائيل، والتي حولته إلى مهرجان للجذب السياحي ولترويج الثقاقة الإسرائيلية والذي كادت الجزائر أن تشارك فيه بفيلم " الوهراني "، لولا الضجة التي أحدثتها الصحافة. ليس عيبا بعد أن نقوم بجرد حسابات الربح والخسارة، أن نُقيِّمَ مهرجان وهران ما له وما عليه، ومن خلال ذلك نحدد أهدافا جديدة، ونقوم بتحيينها والعمل على تحسينها. مهرجان " أبو ظبي " كان أكثر تنظيما من مهرجان وهران، وأكثر ثراء وزخما، وكان يملأ الدنيا صخبا وإعلانات في كل العالم.. ولكن أصحاب المهرجان قرروا إلغاءه، لاندري ما السبب الحقيقي وراء ذلك .. ولكن إذا كان السبب هو حسابات الربح والخسارة ف "طوبى للإلغاء ".