الدوحة: خليل بن الدين يبدو الصيف دائما مغريا للتمتع بالعطل، ففيه ترتفع درجة الحرارة وفيه يأخذ التلاميذ إجازة بعد سنة طويلة من الدراسة، تحزم فيه الحقائب وتشد فيه الرحال .. تجري العادة في الغرب أن تخطط العائلات لعطلتها طوال العام، فتخصص لذلك ميزانية تقتصدها من دخلها السنوي .. لا يشذ الجزائريون عن القاعدة وإن خططوا لذلك بطريقتهم .. يحن المغترب إلى خبز أمه، فيقفل راجعا مع حزمة أمتعة إلى قريته أو مدينته أوريفه .. أما مواطنو الداخل فينطلقون بعد رمضان في ربوع الوطن أو عبر بلدان أجنبية، بحسب ما تجود بها السفارات من تأشيرات ممكنة، حيث يتعين على من يريد السفر منهم أن يتحمل متاعب الحصول على تأشيرة الدخول إلى 171 دولة عبر العالم، ولا تعفى من ذلك إلا دول المغرب العربي أو بعض الدول الإفريقية كجزر القمر وجيبوتي أو بعض البلدان المتناثرة في أطراف العالم ولا يعرفها الجزائريون حتى بالاسم مثل"ميكرونيزيا"و"جزر كوك" و"نيو" و"بالاوس" و"ساموا". تزينت صفحات الفيسبوك هذا العام بمشاهد سياحية للجزائر، التقطها شباب هواة بواسطة طائرات صغيرة بدون طيار، رفعوها فوق زرقة البحر وعبر كثافة الغاباتوفي أعالي القرى وطاروا بها بعيدا إلى أجواء الصحراء وطافوا في أرجاء الهضاب وجبالها فجاءت الصور غاية في الروعة والجمال، قدموا من خلالها تضاريس الجزائر وجمالها وعاداتها وتقاليدها ومنتوجها الثقافي والسياحي بأساليب تصوير حديثة وبزوايا رؤية فنية، وهو الأمر الذي عجزت وزارة السياحة عن إنجازه وهي تملك من الإمكانيات ما يفوق إمكانيات هؤلاء الشباب الطموح الذي لا يدفعه إلى تحقيق هذا الأمر إلا حبه لوطنه، وهو يرى تنافس السياح على بلدان أخرى أقل من الجزائر تنوعا سياحيا، بينما ينفرون من بلدنا لأنهم ببساطة يجهلونها. يعتقد الكثير ممن أقابلهم من الأجانب، أن الجزائر مجرد صحراء قاحلة بها نفط وغاز، وحينما أواجههم أحيانا بمناظر من جغرافية الجزائرية وجمالها يندهشون .. من حاول منهم زيارة الجزائر تجده يشتكي من تعقيدات جمة، بداية من صعوبة الحصول على التأشيرة، وصولا إلى مصاعب الحجز الفندقي الذي ما زال يتم شفهيا وعبر الواسطة والعلاقات، وانتهاء إلى عراقيل الصرف المالي وعدم استعمال الوسائط الالكترونية الحديثة في ذلك، ناهيك عن الخدمة المتدنية التي يعاني منها القطاع السياحي. بعد برنامج " تالاسا"، عرض برنامج بريطاني يدعى " القطار البطيء " حلقة عن رحلة الممثل البريطاني " غريف جونس " إلى شمال إفريقيا. انبهر "جونس "بمدن وهران، الجزائر وقسنطينة، فظهرت بلادنا عبر كاميرا البرنامج مبهجة ساحرة. فتح البرنامج أعين الجزائريين قبل غيرهم على جمال بلادهم مرة أخرى، بعد أن أبهرهم "جورج بارنو" بتنوع ساحلهم الممتد على 1640 كيلومتر، وبثراء أعماق مياهه الصافية. أعاد الجزائريون اكتشاف وطنهم عبر كاميرات مختلفة أجنبية بالخصوص، فهم مولوعون بكل ما هو أجنبي، وبكاميرات بعض الشباب الجزائري الواعد الذي يجب أن نوجه له رسالة شكر على عمله الذي قام به، والذي عجزت مؤسسات الدولة عن القيام به، فيظل تصورا ناقصا لقطاع السياحة، والذي سيغنينا مع قطاعات أخرى من عبودية النفط إن حسن استغلاله.