بقلم : خليل بن الدين حين تجوب شارع الحبيب بورقيبة في وسط العاصمة التونسية تقابلك الأعلام الجزائرية ترفرف إلى جانب الأعلام التونسية على ناصية الأكشاك القريبة من الحي القديم للمدينة أو "المدينة العربي" كما تسمى باللهجة التونسية .. لا غرابة في الأمر ففي هذا المدينة تتمازج المشاعر بين الشعبين لتبرز رصيدا ثقافيا وعرقيا مشتركا. في المقاهي وفي اللقاءات لاحديث هذه الأيام إلا عن موقعة "بن قردان" وبطولات الجيش التونسي وعناصرالأمن. في الأثناء يذكرونك بمواقف الجزائر ويثمنون دورها، يحدثونك عن التجربة الجزائرية في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب واطمئنانهم إلى الانتصار أخيرا على هذه الظاهرة الغريبة على أوطاننا. يتنفس التونسيون السياسية بامتياز ، فلا حديث يعلو عنها وعن أخبار الأمن، كيف لا وأحداث متحف باردو العام الماضي أوقفت حال السياحة العالمية إلى تونس أو تكاد، حيث تعتبر السياحة مصدرا كبيرا يدر ملايين الدولارات ويعيل آلاف الأسر ويوظف آلاف الشبان، يقدر التونسيون وقفة الجزائريين التي أنقذت الموسم السياحي الأعوام الماضية. ويأملون أن يرتقي المصير المشترك الذي يربط بين الشعبين إلى تطور اقتصادي حقيقي، فهم ينظرون إلى الزيارات المتكررة لراشد الغنواشي رئيس حركة "النهضة" ولقاءاته مع الرئيس بوتفليقة نظرة "الديبلوماسية الشعبية" الموازية للديبلوماسية الرسمية التي يمكنها أن تكون منطلقا لتكامل مغاربي مستقبلي. لسنا في وارد تفسير أحلام مغاربية جميلة قديمة، ولكننا بصدد تفاعل موضوعي مع مستجدات الأحوال في المنطقة، فمساعدة الجزائرلتونس ماليا وسياسيا في هذه الظرفية الاستثنائية ليست ترفا سياسيا أبدا، أو مزية من أحد.. بل هي ضرورة أمنية واقتصادية للجزائر أيضا.. فبلادنا تحتاج إلى تونس قوية مستقرة كما تحتاج إلى استقرار كل جيرانها ومن كل الجهات، لأن التهديد الإرهابي الحالي أصبح تهديدا عابرا للبلدان والقارات ولا يعترف بالحدود الجغرافية. مسألة أخرى قد تستفيد منها الجزائر على سبيل المثال، فالتجربة التونسية في مجال السياحة ناجحة باعتراف القاصي والداني، والاستعانة بكوادر السياحة والضيافة أمر مهم في صياغة سياسة سياحة جديدة في بلدنا تدعم مواردنا المالية، خاصة في ظل الأزمة النفطية الحالية التي أثرت على خزينة الدولة ودفعت بها إلى انتهاج التقشف وسيلة للحد من المصاريف. قد يكثر الحديث عن مجالات مختلفة للاستفادة المشتركة، في الطب مثلا، في الزراعة وغيرها من المجالات، لكن المسألة الأمنية تبقى أولوية الأولويات وإن كان الاستقرار الاقتصادي للشعب التونسي هو استقرار لأمن المنطقة وأمن الجزائر من بينها.