لم تبعدها قاعات التدريس عن الميدان، وهي ابنة كلية علوم الإعلام والاتصال بورقلة، ومقدمة برامج على قناة الأجواء، تحلم بالوصول إلى بحات القنوات العربية، وهي التي اعترفت بأن طموحها الإعلامي كبير لا تستوعبه القنوات الجزائرية، مؤكدة أنها تسعى للالتحاق بقناة عربية تحترم الكفاءات، وتمنحها الفرص، وتدفع بها للنجاح، لصنع اسم جزائري آخر في سجل الإعلام العربي المحترف. * كيف توجزين رحلتك مع قناتي "الأجواء" و"نوميديا"؟ – كان الإعلام حلما غاليا يحلق في سماء دنياي منذ أيام الثانوية، إذ كنت أُنشط حفلات وتظاهرات ثقافية، حلم راودني طويلا وهو يغازلني في كل لحظاتي، فكنت لا أرى نفسي إلا مذيعة ولا أقبل غير هذا المجال، بحثت طويلا ومنذ أيام الجامعة عن فرصة في مؤسسة ما، لم أجد، لكني لم أفقد صبري ولا أملي بل كان صوت يحدثني من داخلي بأني سألج المجال وأتميز فيه ولو بعد حين، إلى أن منحتني قناة "الأجواء" الفرصة الأولى شهر أكتوبر 2013، وكنت وقتها حديثة عهد بالعمل في الجامعة، هذه القناة التي أعتبرها مدرستي الأولى، فقد فتحت آفاقا واسعة في مجال السمعي البصري، ولن أنسى فضلها، ففيها عرفني مئات المتابعين عبر نشرة الأخبار الرئيسية، كما أني أجريت عشرات اللقاءات الصحفية مع شخصيات مهمة، ثم انطلقت إلى تجربة مشابهة على قناة نوميديا، ميزها التخصص في الاقتصاد من خلال برنامج أسبوعي، وإن كنت لست من المختصين في المجال إلا أني اعتبرتها فرصة هامة للتكوين، لأننا لازلنا في بداية المشوار وضرورة طرق كل الجوانب سيكون المنهل لبلوغ الاحترافية.
*تشتغلين حاليا أستاذة جامعية بقسم علوم الإعلام والاتصال بورقلة، حدثينا عن تجربتك هذه؟ – كنت أدرّس في الجامعة قبل ولوجي عالم الإعلام، فقد التحقت بقسم علوم الإعلام والاتصال بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، ولم يكن يستهويني يوما العمل الأكاديمي، لكن الإرادة الإلاهية شاءت ذلك، وقد تعودت منذ صغري الانصياع للقدر لأني أؤمن أن فيه كل الخير. بدأت أُدرّس شبابا وشابات في مختلف المقاسات العلمية في مجال الإعلام، طلبة لست بالبعيدة عنهم سنا ولا آمالا، رأيت في أعينهم طموحات كبيرة وحبا للمجال جعلني أقبل على تدريسهم بكل حب، وأدعمهم وأرفع معنوياتهم وأقدم لهم كل ما أملك دون أن أبخل بشيء، فما وعيت على نفسي إلا وهي مولعة بالتدريس، وكم كان ذلك مجهدا، خاصة وأنني أعمل بالتوازي في المجالين وفي نطاقين جغرافيين تفصل بينهما مسافة 800 كلم، مسافة كانت تنمحني وأنا أتنقل أسبوعيا بين العاصمة وورقلة قوة تكسر الحجر، وإرادة تحطم كافة العراقيل التي واجهتها في بدايات مسيرتي العملية.
*شاركت في عديد الملتقيات والندوات الوطنية التي تمحورت حول قضايا الإعلام، ما الذي أضافته هذه المشاركات لرصيدك؟ -بداية مشاركاتي في الملتقيات والندوات الوطنية كانت منذ أيام دراساتي العليا الأولى بمرحلة الماجستير، وبعيدا عن الرصيد العلمي والثقافي الذي اكتسبته وأنا أبحث في مختلف الموضوعات وألتقي بعشرات الباحثين لتتلاقح أفكارنا سويا، أكسبتني المشاركات قدرة كبيرة على المواجهة والحديث بطلاقة أمام عشرات بل مئات الناس بشكل مباشر ودون أي حواجز، وهو ما منحني القوة على مواجهة الكاميرا والجمهور منذ أول يوم لي في قناة "الأجواء" كمقدمة أخبار دون أي ارتباك باد على ملامحي.
*ماهي نظرتك للساحة الإعلامية الجزائرية، خصوصا عقب فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص؟ – فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص هو أكثر خطوة إيجابية حصلت في الجزائر على كثرة السلبيات فيه، لكنه لازال في بداياته الأولى بعيدا بآلاف الأميال عن الإحترافية – دون أن ننفي بعض المحاولات الشخصية على قلتها- لازالت القنوات التلفزيونية في الجزائر تحتاج إلى عشريات زمن كي تلتحق بغيرها من القنوات العربية أو العالمية على مستوين: الأول هو المضامين وزوايا الطرح والمعالجة للأحداث، وهذا لن يتحقق إلا بضمان تكوين نظري وتطبيقي جيدين للمشتغلين في حقل الإعلام، يضمن لهم وعيا شاملا بحقيقة ما يجري حولهم من أحداث بعيدا عن أي أجندات أو إديولوجيات، والثاني توفير ظروف العمل اللائقة بعيدا عن أي استغلال للطاقات الشابة وغياب أي رقابة قانونية أو ميدانية لضمان حقوق الصحافيين الشباب الذين يقبلون بظروف غاية في السوء ركضا خلف أحلام طفولة بريئة، في واقع لا يرحم البراءة بل تسلب في منطق القوة الذي يترنح بين المال والسلطة.
*كيف تنظرين لواقع المرأة العاملة في مجال الصحافة والإعلام في الجزائر؟ – صراحة هو صعب للغاية ولا تطيقه إلا المتعودة على الجلدة والصبر والتضحية، هذه الصعوبة تتعلق من جهة بخصوصية مهنة المتاعب في حد ذاتها، ومن جهة أخرى بالصعوبات الاجتماعية الناتجة عن الفهم الخاطىء لدى العامة حول الممارسة الإعلامية وطبيعتها، وعدم تقبل الكثير من الأسر الجو العام للعمل الصحفي، إضافة إلى العراقيل الكبيرة التي تعترض طريقها في حال وجدت المتفهمين لها كصحفية خلال أداء واجباتها الكثيرة داخل البيت وداخل المؤسسة الإعلامية، وهذا يحتاج إلى تضحيات تكون في الغالب على حساب راحتها النفسية أساسا وحتى الجسدية، لذلك فإن المرأة الصحفية تحتاج إلى ذهنيات ومحيط خاصين يدعمانها لتستمر، إضافة إلى تحليها بإرادة فلاذية وإصرار على النجاح، وإلا فإنها ستتعب قبل أن تقطع نصف الطريق.
*ما الذي يعنيه لك تكريمك بجائزة أحسن صوت أخبار بمنتدى الإعلام بورقلة؟ -صدقا هو تشجيع يمنحني دعما إضافيا لتطوير صوتي وآدائي وقدراتي، وقد حدثني كل من يسمع صوتي بذلك منذ أيام الدراسة في مراحل متقدمة، وقد لقبني الكثير من أساتذتي بصاحبة الصوت الإذاعي المميز، وقد لا أبالغ عندما أقول إن كل ذلك كان يدفعني بقوة للمجال، وقد كنت أفضل العمل الإذاعي، لكن الأقدار ساقتني نحو التلفزيون، ولعلها ستسوقني مرة أخرى إلى شاشات كبريات القنوات العربية بل ذلك ما أرجوه. *هل تحنّ شيماء يسعد للتقديم التلفزيوني؟ -أفلا يحن الغريب لوطنه وأهله وأحبته؟، حنيني للتقديم دائم وسيظل ما ظلت شيماء، لأنها مسألة حب وطموح وهما يلازمان القلب، أعتبر نفسي في استراحة محارب، يجهز نفسه ويقسو عليها ويتأهب ليعود بشكل أقوى ومن منبر أقوى.
*بمن تأثرت شيماء يسعد من الإعلاميين الجزائريين والعرب؟ -هناك الكثير من الصحفيين الأكفاء الجزائريين والعرب، ولكل واحد منهم نقاط قوة أحاول أن أستفيد منها، فقد عوّدني والدي – رحمه الله – منذ الصغر على حسن الاستماع وحسن الانتقاء، فأستفيد من كل ماهو إيجابي لأطور نفسي، والسلبي لا أنتبه إليه ولا آبه له، قلما أتابع القنوات العربية وحتى الجزائرية نظرا لانشغالي طوال أيام الأسبوع بالعمل والبحث العلمي، لكني أحترم كثيرا كل الأسماء الجزائرية التي شرفتنا في القنوات العربية والمواهب الصاعدة في القنوات الجزائرية.
*ماذا عن طموحاتك كإعلامية؟ – في مجال السمعي البصري لدي طموحات كانت ولاتزال كبيرة، لا ولن تستوعبها القنوات الجزائرية، لذلك فإني سأعمل على الالتحاق بقناة عربية تحترم الكفاءات، وتمنحها الفرص، وتدفع بها للنجاح، لأسجل اسما جزائريا آخر في سجل الإعلام العربي المحترف.
*كلمة أخيرة.. أشكر لكم تخصيص هذه الصفحة لشخصي بالرغم من قصر مشواري المهني في مجال الصحافة، وأرجو أن يجد الإعلام في الجزائر جوا أفضل وفهما أفضل يعكس صورة الجزائر الحقيقية للجزائريين، ويسوق ثقافاتها الجميلة للعرب، وتستثمر الإمكانات البشرية والمادية في خدمة القضايا التي تهم ومن ثم تصنع رأيا عاما فعليا. حاورها: سمير تملولت