تحدث الخبير الدولي في تكنولوجيا الإتصال والمعلومات يوسف بوشريم على واقع التكنولوجيا وكيف أصبحت سلاحا ذو حدين وأصبحت عنصر هام لا يكمن الاستغناء عنه كما عرج في حديثه على لعبة الحوت الأزرق التي تستهدف الأطفال بصفة خاصة وهي تندرج ضمن الجريمة الإلكترونية العابرة للحدود مضيفا خلال حواره الذي جمعه بالحوار على دخول التكنولوجيا في شتى مجالات الحياة وانتشار الصحف الإلكترونية وكذا سلبيات وايجابيات التكنولوجيا الحديثة. قبل كل شيء من هو الأستاذ يوسف بوشريم ؟ انا مواطن جزائري بسيط من عائلة بسيطة ترعرعت في بيئة ريفية صعبة ، مهندس دولة خريج معهد تكنولوجيا الإتصال والمعلومات بوهران ، تجربتي مع إتصالات الجزائر دامت يومين فقط ثم أجبرت على مغادرة الوطن مباشرة إلى تونس ،تدرجت في المناصب هناك حيث شغلت منصب مهندس في شركة الاتصالات بتونس ثم تمت ترقيتي إلى منصب مسؤول تقني بالشركة نفسها وسني لم يتعدى 25 سنة ، بعدها التحقت بجامعة مونتريال الكندية فرع كينيدي في نهاية التسعينات ، مباشرة بعدها شغلت منصب مهندس في شركة ابولو ميكروويف الكندية والمتخصصة في صناعة وتركيب آليات الترددات العالية لشركة نازا الأمريكية والراديو عبر الأقمار الصناعية سنة بعد ذلك أصبحت مدير فرع القياس والمراقبة في الشركة ، شاركت في مشروع الراديو عبر الأقمار الصناعية بنيويورك الأمريكية وكنت قائد البعثة الكندية شغلت منصب مدير شركة سوموتال الكندية المختصة في شبكات الهاتف الثابت والنقال والانترنت والتلفزيون عبر الأقمار الصناعية وتجارة بطاقات الهاتف والدفع الإلكتروني لعدة سنوات حيث تحصلت على شهادة الخبرة ثم مدير مناولة بشركة بال كندا المختصة في شبكات الهاتف الثابث والنقال والانترنت شاركت مع أول فريق بمشروع الإنترنت عالي التدفق FTTH للألياف البصرية بكيبيك الكندية بعد تربصات خاصة بالشركة وحصولي على شهادات الخبرة في المجال بعد مسيرة طويلة خارج الوطن دامت 3 سنوات بتونس و17 سنة بكندا وبعد عروض عمل كثيرة من عدة شركات عالمية تنشط بمختلف الدول منها الجزائر والصين ومصر والمغرب وتونس والسنغال وساحل العاج فضلت الجزائر لعدة اعتبارات خاصة منها العائلية والمشاركة في تطوير المجال ببلادي ولو بطريقة غير مباشرة حيث التحقت بشركة ZTE العالمية حيث تحصلت على شهادة الخبرة الدولية من جامعتها بالصين واشغل منصب مدير الشبكات والحلول التقنية بالشركة هنا بالجزائر وخبير دولي بالشركة مكلف بمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط
–كيف أصبحت التكنولوجيا سلاحا ذو حدين على مستخدم الإنترنت وأسرته؟ أتفق معك تماما بأن التكنولوجيا سلاح ذو حدين على المستخدمين بصفة عامة حيث أن تطور التكنولوجيا وفي جميع المجالات جعلها عنصر هام ولا يمكن الاستغناء عنه في حياة الأفراد سواء في التواصل بينهم أو في الدراسة أو في العمل بل أصبحت التكنولوجيا بصفة عامة تملأ فراغ الأفراد في أيام العطل إلى درجة أننا أصبحنا لا يمكن أن نتحرك دون اصطحاب هواتفنا وأدواتنا التكنولوجية ذلك ما جعل شركات عالمية تستغل هذه المعطيات الهامة من معدل الاستخدام اليومي وجميع الإحصائيات في تطوير ألعاب إلكترونية ووسائل تواصل اجتماعي لأهداف تجارية بحتة وذلك طبيعي ومشروع وبما أن الحياة عبارة عن صراع بين الخير والشر فكما هناك شركات تجارية تطور الوسائل والألعاب الهادفة والإيجابية هناك شركات تطور التكنولوجيا لأهداف تجارية ذات أغراض هدامة للإفراد والمجتمعات هنا يبرز دور المجتمع والدولة في التوعية والتنبيه من المخاطر التي يمكن أن تمس بالأفراد أو بالنظام العام ولا يمكن أن نفعل ذلك إلا اذا تحكمنا في التكنولوجيا وعلمنا بجميع خباياها السلبية والإيجابية لأن التكنولوجيا في حد ذاتها عبارة عن وسيلة نتحكم فيها كما نشاء فحسن استغلالها واستخدامها من شأنه أن يرفع من مستوى ثقافة وتعلم وتطور الأفراد والمؤسسات بشكل جميل لكن سوء استخدامها يمكن أن يعبث بالأخلاق في المجتمع ويؤدي إلى القضاء على الهوية والعادات والتقاليد بصفة عامة. -لعبة الحوت الأزرق حصدت وتواصل حصد الضحايا في الجزائر ما هو الحل لمواجهة هذه الأخيرة وهل يمكن حجبها ؟ نعم لعبة الحوت الأزرق وألعاب أخرى مثل لعبة شارلي ولعبة مريم ولعب أخرى لا نعرفها من بين الألعاب الخطيرة وتعتبر وجه سيء لاستخدام التكنولوجيا ما جعلها تنتشر بشكل سريع وتحصد الأرواح في بلادنا هو غيابنا على الركب التكنولوجي وعدم التحكم فيه خصوصا لعبة الحوت الأزرق التي تستهدف الأطفال بصفة خاصة تتحمل مسؤولية انتشارها عدة جهات أولها الدولة لأنها لم تتحكم في التكنولوجيا وخلق بدائل للترفيه وثانيا المدرسة لغياب التوعية ثم الأسرة لتنصلها من مسؤولياتها الرقابية والتربوية للأبناء إذا كانت عبارة عن لعبة وأي لعبة موجهة لملا الفراغ لماذا لا نملا فراغ الطفل بأشياء إيجابية ،فلا يمكن محاربة هذا النوع من الألعاب الخطيرة إلا بخلق العاب إلكترونية إيجابية تتماشى وديننا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ولا يمكننا ذلك إلا إذا تحكمنا في التكنولوجيا بطريقة صحيحة وهذا دور الدولة ، أما الأولياء فلا يمكننا أن نحملهم كل المسؤولية كما يعتقد البعض لأن الحقيقة أصبح الأطفال يتحكمون في التكنولوجيا بطريقة جيدة عكس الأولياء تماما. -لعبة الحوت الأزرق وغيرها من الألعاب الخطيرة تطرح مجددا إشكالية غياب النصوص القانونية التي تحكم الإنترنت في الجزائر ما مدى خطورة ذلك ؟
فعلا لعبة الحوت الأزرق تندرج ضمن الجريمة الإلكترونية العابرة للحدود وبالتالي تحتاج إلى اتفاقيات دولية ولا تحتاج إلى نصوص قانونية محلية هذا من جهة من جهة أخرى هذا النوع من الألعاب هو تواصل مباشر بين الطفل والمتحكم في اللعبة الموجود خارج الوطن وبالتالي لا يمكنك أن تطبق عليه القانون المحلي ، أهم شيء هو إنشاء هيئة عليا خاصة بالتطور التكنولوجي التي تقوم باكتشاف هذا النوع من الألعاب وغيرها في حينها وبالتالي التحذير والتوعية قبل انتشارها –أحدثت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات تغيرات نوعية للعديد من أوجه الحياة التي مهدت الطريق للانتقال من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات وأن هذه الثورة سوف تترك أثارها على كل المستويات كيف يمكن توظيفها في الإطار الصحيح والايجابي ؟ فعلا لقد أصبحت التكنولوجيا أفقية وليست عمودية حيث تمس جميع المجالات سواء اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية ففي المجال الاقتصادي فقط كمثال لو نلاحظ في بداية القرن الماضي من يملك المصانع يملك السوق العالمية اما في العشرية الأخيرة من يملك آليات التوزيع من وسائل النقل المختلفة يملك السوق العالمية وكذلك من يملك التحكم في المعلومة من إشهار ودعاية عبر وسائل الإعلام المختلفة يملك السوق ثم حاليا تقريبا من يملك الزبون بتقديمه مختلف الخدمات يملك السوق أما يومنا هذا فمن يملك تكنولوجيا الإتصال والمعلومات هو من يملك ويسيطر على السوق في العالم ومن 2020 فما فوق من سيملك الذكاء الاصطناعي سيملك السوق بشكل مؤكد من هنا نفهم أن التكنولوجيا بصفة عامة في تطور مستمر ومن يتخلف على التطور التكنولوجي سيكون ماله التخلف بسنوات عديدة – كل هذا يتركنا نتاسف لحال الجزائر في المستقبل القريب ويجعلنا نجزم بفشل المشاريع المستقبلية في غياب التكنولوجيا هذا من جهة ، ومن جهة اخرى نجزم بأن المسؤولين بصفة عامة لا علاقة لهم لا بالتكنولوجيا ولا بمتطلبات العصر الحديث . –ما هي أهم هذه التحديات التي توجها وساءل الإعلام تزامنا و التطورات التكنولوجية الحاصلة في واقع اليوم ؟ دخول التكنولوجيا في شتى مجالات الحياة بما فيها الصحافة من شأنه أن يخلق ضغوطات يومية من جميع الجوانب سواء على الصحفي بحد ذاته حيث تتنوع مصادر المعلومة وانتشارها بشكل سريع في مختلف المواقع منها معلومات صحيحة وأخرى مغلوطة ومصادرها غير موثوقة يجعل الصحفي أمام تحديات كثيرة لنقل المعلومة بصدق ومهنية هنا كذلك وجب على الصحفيين التحكم في وسائل التكنولوجيا لغربلة المعلومات ونشر الصحيح منها للمحافظة على مصداقيته كشخص ومصداقية صحيفته فمثلا وسائل التواصل الاجتماعي كالفايسبوك تحتوي على معلومات كثيرة وكثيرة جدا تنتشر بشكل سريع بين الأفراد أو المجموعات لكن أغلبها مغلوطة وغير صحيحة وممكن أن تكون مصادرها هيئات وجماعات لها أغراض مختلفة سواء سياسية أو توجيهية أو تجارية هنا وجب على الصحفي أن يتوخى الحذر في نشرها قبل التأكد من صحتها ومن مصدرها ولا يمكنه القيام بذلك إلا إذ تحكم في استعمال هذه الوسائل بطريقة جيدة ثم أن هناك ضغوطات أخرى على الصحافة المكتوبة بصفة عامة خاصة في مجال تمويل الصحيفة لطباعة أعدادها اليومية والأسبوعية بالاشهارات والصفحات الدعاية بصفة عامة والتي تعتبر مصدر تمويلها الأول حيث أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية تنافسها في المعلومة وفي التمويل لأن الصحيفة الإلكترونية غير مكلفة ويمكنها تمويل نفسها بنفسها عن طريق عدد المتصفحين لها فكلما زاد عدد المتصفحين زاد عدد الممولين لها هنا أنصح جميع الصحف المطبوعة أن تخلق صفحات إلكترونية خاصة بها لمواجهة المنافسة من جهة ولتنويع مصادر التمويل من جهة أخرى. -كيف ترى واقع الصحافة الإلكترونية في الجزائر ؟ في السنوات القليلة الماضية انتشرت مجموعة من الصحف الإلكترونية الجزائرية عبر الإنترنت وهذا دليل على وعي الصحفي الجزائري ومواكبته للتطور التكنولوجي رغم ضعف الإمكانيات وصعوبة خلق صفحات بنطاق جزائري وتوطين جزائري إلا أنهم وجدو حلول رائعة وهذا يحسب لهم ، وبالتالي مادام الصحفي الجزائري يتقن التكنولوجيا ويتحكم في استخداماتها فلا خوف على الصحافة الإلكترونية في الجزائر ، بل إن الصحافة الإلكترونية الجزائرية ستنافس الصحافة العالمية والأكثر من ذلك سيصبح الصحفي الجزائري مطلوب بكثرة في مختلف الصحف العالمية
-هناك اتفاق عام على أن هناك ايجايبات وسلبيات في استخدام التكنولوجيا ماهي أهم سلبيات والايجابيات ؟ ما دامت التكنولوجيا عبارة عن وسيلة مثل أي وسيلة يمكن التحكم فيها كما نشاء فطبيعي يمكننا استخدامها لجميع السيئات كما يمكننا استخدامها لجميع الحسنات دون استثناء فمثلا السيارة فهي وسيلة للنقل بأمان إن احترمنا قوانين المرور وهي كذلك وسيلة للقتل إن لم نحترم قوانين المرور لكن قبل وضع قوانين المرور يجب إتقان السياقة ومعرفة مخاطرها نفس الشيء بالنسبة للتكنولوجيا لمعرفة سيئات ومحاسنها علينا أولا إتقانها والتحكم فيها ثم إن التكنولوجيا ذات بعد عالمي باختلاف ثقافته وتوجهاته ومعتقداته فما هو طبيعي وعادي في بلد ما ليس كذلك في بلد آخر بمعنى إستخدام التكنولوجيا يجب أن نكيفه وطبيعة مجتمعنا وثقافتنا ومعتقداتنا وأن لم نفعل ذلك فمن المؤكد أننا سنجد جيل جديد من الشباب في المستقبل القريب غريب جدا علينا ثقافيا واجتماعيا وستظهر مجموعات عديدة تؤمن بمعتقدات ليست كمعتقداتنا لاتفكر كما نفكر بل غربية جدا علينا وحينئذ سنطرح مجموعة من التساؤلات الغير مجدية لأن السبب واضح وجلي فالطبيعة لا تحتمل الفراغ فإذا كنا غائبين على توعية ابنائنا وزرع مبادئنا بوسائل تكنولوجية حديثة تتماشى وعصرهم سنخسر المعركة أما الجوانب الإيجابية للتكنولوجيا فلا تعد ولا تحصى فهي وسيلة تواصل سريعة وهي أداة لتسهيل حياة الفرد المهنية وهي وسيلة للتعلم وهي وسيلة للبحث العلمي وهي وسيلة لتطوير الاقتصاد بشكل عام استخداماتها أفقية تمس جميع مجالات الحياة. -ما تقيمك لجريدة الحوار وما تقدمة للقارئ الجزائري ؟ أنا من قراء جريدة الحوار خاصة الصفحة الإلكترونية لأنني بكل صراحة لم اشتري أي جريدة مكتوبة منذ مدة طويلة فجريدة الحوار متنوعة تمس أغلب جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والرياضية كان لها السبق الصحفي في العديد من المرات وهذا ما يعزز من مصداقيتها يوم بعد يوم تمنياتي لكم بالنجاح ودمتم في خدمة الجزائر و الجزائريين . بلال سناء