بقلم الأستاذ: حسين مغازي صحيح أننا انتصرنا على عدوّنا بقوة الإيمان وقوة العزيمة، وطردناه خارج أرضنا، لكن هزائم الوعي ظلت تتوالى وتتراكم، حتى أصبحت لغة العدوّ المندحر تقدما، وتقليده فنّا راقيا وتمدنا، والهجرة إليه نصرا، وقبضة لزينة الدنيا وزخرفها، متى نشعر بالحاجة إلى أن كياننا لا يزال بحاجة إلى إصلاح، متى ندرك أن ذهنياتنا لا زالت مبرمجة على وقع مخلفات المستعمر، بدءا من هزيمة الرجل البسيط النفسية أمام أبواب الإدارة وجبروتها.. رواسب ورثها من عهود بائدة عششت فيه حتى النخاع، إلى هزيمة المجتمع النفسية وروح العجز التي سكنته بأنه لا أمل في التقدم والتطور إلاّ بأيادي تمتد لنا من بعيد، متى نشعر أن الرغيف الذي نأكل واللباس الذي نلبس والدواء الذي نتعاطاه، والماكينات الصناعية التي نتباهى بها ونصنع بها بعض حاجياتنا لا تزال في يد المستعمر الماهر الذي رحل بجيوشه ورجاله وتركنا نتوسل، قطع الغيار منه، ما أحوجنا اليوم إلى الانكفاء على النفس ودفعها للاعتماد على طاقاتها المعطلة في ربوع الوطن، والانطلاق إلى ثورة صناعية وفلاحية واقتصادية شاملة لا هوادة فيها، إن ثقافة جديدة في الوعي الجمعي لابد لها من النفاذ، ولابد لأولي العلم والأبصار أن يستفيقوا من سكرتهم التي أسستها فكرة التفوق والريادة، فحسبهم أن الواحد منهم لم ينفع المجتمع بكتاب على نهج مالك بن نبي أو اختراق اعلامي، تتشكل خلفه قاعدة شعبية واعية، إن ثورة فكرية أصبحت مسألة حياة أو موت، الزمن لم يعد ينتظر، وسباق التسلح بالعتاد الحربي لم يعد يجدي نفعا إلا بالقدر الذي تتطلبه الحاجة للدفاع عن الأوطان، سباق التسلح الشامل أصبح أكثر نعومة وأشد فتكا وأقوى حصانة من أي سلاح آخر، بدءا من الأمن الفلاحي إلى الأمن الصحي إلى الأمن الثقافي، إلى كل مجالات الأمن في الحياة، إن نواة هذه الثورة الأمنية الشاملة لن يكون إلاّ المواطن الذي لابد أن يلقح بالوعي الشامل، وأن البقاء على هذه الأرض لم يعد متاحا لكلّ من حاد عن طريق العلم والإيمان. صح رمضانكم