بين الحرية والفوضى دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام (3) الدكتور/عمار خبابة حافظ المشروع التمهيدي لتعديل الدستور على مهام الجيش حسبما ورد في الدستور الساري المفعول، وتمم هذه المهمة بفقرة جديدة تسمح للجزائر في إطار الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية بالمشاركة في عمليات حفظ واستعادة السلام، ويقرر ذلك رئيس الجمهورية بإرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين 3/2 من أعضائه. وبناء على استقراء النصوص الدستورية، فإن إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج لا يمس البتة بتقاليد الجزائر في هذا الشأن ولا يتعارض مع مبادئها وأهدافها التي تجد مرجعيتها ليس فحسب في الدستور، بل في نضال شعبها من اجل التحرر. ولإبعاد كل لبس أو تأويل، جاءت هذه الإضافة النوعية المشار إليها مقرونة بالتأكيد على هذه المبادئ والأهداف حتى لا يذهب التأويل إلى تصور إرسال وحدات الجيش لمهاجمة دولة، أو تدخله في الشؤون الداخلية للدول، كالمشاركة في انقلاب، أو قمع شعب ثائر ضد نظام حكم دكتاتوري. ومن المفيد في هذا المقال التذكير بأن الجيش الجزائري سبق له وشارك في مهام خارج ارض الوطن، وهنا لا أتحدث عن مشاركته في الحرب ضد الجيش “الاسرائيلي” في جوان سنة 1967 أو في أكتوبر 1973 باعتبار هذه المشاركة ذات طابع خاص لدى الشعب الجزائري وجيشه، سواء تلك المرتبطة بمعاهدة الدفاع المشترك التي تحكمه، أو تلك المتعلقة بالروابط التاريخية والحضارية، بل اقصد عمليات حفظ السلام التي تمت تحت مظلة الأمم المتحدة، والتي كانت محدودة وجاءت استجابة لالتزام الجزائر بالمواثيق وقرارات الشرعية الدولية مثل كمبوديا والكونغو وفي مراقبة الإعمال العسكرية بين إثيوبيا وإريتريا وغيرها، والتي تمت دون إخبار أو مصادقة البرلمان، بل تم اتخاذ القرار بشأنها من قبل رئيس الدولة وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة. وعليه، فإن الجديد في هذا المجال هو ان مثل هذه العمليات لن تتم في المستقبل اإلا بقرار من رئيس الجمهورية بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين من أعضائه، والجديد كذلك هو أن هذه الإضافة ستعطي للجزائر المزيد من الثقل الدبلوماسي.