تنزل الجزائر بضوئها وظلالها ضيفة على أبو ظبي من خلال رسومات الفنان الجزائري زياني الذي يعرض لوحاته المتفننة في الرسم المنظوري والبنية التشكيلية، مختصرا فيها مشاهد الحياة اليومية لبلده بقاعة ابن ظاهر في مقر هيئة ابوظبي للثقافة والتراث. يجسد المعرض الذي يتواصل الى غاية 17 افريل الجاري مشاهد القتال الضخمة في شكل بورتريهات مختلفة تعبر عن تلك المشاهد الحية والمناظر الطبيعية، وكذا الرسوم التاريخية، الفانتازيا (العجائبية)، ومشاهد البذخ، إلى جانب البساطة الشديدة في تصوير الحياة في الصحراء الكبرى حيث شكلت الطبيعة وطفولته القروية وأهالي قريته وعائلته المواضيع المفضلة لديه، حين أعاد إنتاجها مرة بعد أخرى، وعبر عناده ومثابرته وبعيداً عن أية تأثيرات ثقافية، وقد طوّر شخصيته والأسلوب التشكيلي اللائق به. يعتمد الفنان في معظم أعماله على اسلوب البساطة لانه يدرك ان المبالغة في نقل التفاصيل والملامح والأشكال قد يعيق النظرة العامة الى اللوحة ويُضعف بنيتها. انصبت جهوده على خلق تباين بين النظرتين الأولى والخلفية، جاعلاً من الأخيرة غارقة في غبار مضيء يشبه السراب، لذلك فقد أثمرت أعماله قوة وطاقة لا مثيل لهما. وتقول الناقدة الفنية الفرنسية كلارا بوزنيكوف عن الفنان، إنه يمكن النظر الى حياة حسين زياني على أنها مثل رواية أو حتى قصة خرافية. نشأ زياني المولود قبل 55 عاماً في أسرة متواضعة للغاية وظروف معيشية متدنية في محيطه الاجتماعي أيضاً، حيث لم يكن ثمة من سبب إطلاقاً يدعوه لأن يكون الفنان العالمي الشهير كما هي حاله الآن، بيد أن شغفاً وحيداً واستثنائياً تملكه حين كان صبياً صغيراً ودفعه إلى أن يسرق قطعاً طبشورية من مدرسته ليرسم، ويرسم مهما كلفه الأمر وحيثما استهواه ذلك. سخّر زياني حياته لتطوير فنه ولفرض أسلوبه، مازجاً بين الواقعية والواقعية المفرطة التي يمكن أن نلحظها في أعماله للوهلة الأولى من جهة، واللمسات التجريدية الواضحة في الخلفية من جهة أخرى.