شهد مؤتمر الأممالمتحدة لمكافحة العنصرية الأخير الذي استضافته جنيف ضجة كبيرة ، فقبل بدء الأعمال برزت عدة مشكلات بسبب تغيب أهم الدول الفاعلة، وخلال المؤتمر شهدت الأعمال انسحاب عدة وفود بسبب جرأة زائدة عن الحد -حسب الوفود المنسحبة - من الرئيس الايراني أحمدي نجاد الذي جاهر بعدائه للكيان الصهيوني وانتقاده علنا. نجاد الذي اعتلى المنبر الأممي كشف المستور وقالها بأعلى صوت إسرائيل ''دولة عنصرية'' ، ووفقا للمنطق الغربي فإن تصريحات نجاد استفزازية، وهي تعدٍ صارخٌ على إسرائيل، وهي خطوط حمراء لا يمكن لأي كان أن يتجاوزها .. إن تصريحات نجاد في مؤتمر - دربان 2 - ، أماطت اللثام عن وجه إسرائيل العنصري وعن معاناة الشعب الفلسطيني، وقدمت صورة عن حقيقة الوضع المأساوي الذي يكابده أبناء فلسطين على أيدي الصهيونية والغرب الموالي لها، وعرَّت الهوان العربي وعدم المبالاة لدرجة بلغت حدود غياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن فعاليات المؤتمر، شأنه شأن الكثير من الدول الغربية تتقدمها أمريكا، في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون الناطق الرسمي والأول لحقوق الشعب الفلسطيني في السلام لإسقاط السيف الصهيوني المسلط على الرقاب .. أشغال مؤتمر - دربان 2 - قابلها أيضا انشغال عربي بقضية أسالت مداد الأقلام، خاصة في إعلام دول محور الاعتدال، الذي لم يتوان عن التحريض ضد إيران و''حزب الله''، مما يغذي بلا شك تهديدات الفتنة المذهبية بين أبناء العقيدة الواحدة، ويزيد من اتساع الهوة والفرقة بينهم، في وقت تزداد دول الغرب اتحادا وإلا كيف نفسر انسحاب وفود 23 دولة من قاعة الاجتماع احتجاجا على ما قاله الرئيس الايراني، مع انه لم يذّكر إلا بحقائق تاريخية، يحاول العالم تناسيها .. وإن صدقنا أن نجاد أخطأ في وصف إسرائيل بأنها دولة عنصرية، فلماذا لم تناقشه الوفود المنسحبة وتدحض الحجة بالحجة، هذا ما يؤكد بلا شك بأن الانسحاب ليس إلا هروبا متعمدا من مواجهة إسرائيل وممارساتها التي كان آخرها العدوان المدمر الغاشم على قطاع غزة، الذي دمر الأخضر واليابس، وقتل مئات المواطنيين الفلسطينيين، وكان معظمهم من المدنيين من النساء والأطفال، وهو هروب سيعطي الضوء الأخضر لمزيد من الممارسات القهرية الغاشمة، ولمزيد من الصهيونية والعنصرية، بمباركة من بعض العرب الذين جمعتهم ''أنفلونزا الخنازير'' ولم تجمعهم مجابهة العنصرية ..