ظهور لباس السباحة الخاص بالمحجبات الصائفة الماضية عبر مختلف دول العالم وانتشاره بسرعة البرق في الجزائر، لاقى ترحاب واستحسان العديد من الأسر الجزائرية التي كانت قد تخلت عن ارتياد الشواطئ لأن بناتها المحجبات تجدن صعوبة في الاستمتاع بمياه البحر المنعشة، بسبب غياب الملابس الخاصة بذلك التي لا تكشف الجسم لدى الدخول في الماء، من جهة، وبسبب مظاهر العري التي تعيشها معظم الشواطئ خاصة الكبرى، من ناحية أخرى والتي تنزع ثوب الحياء على العائلات المحافظة. فعاشت هذه العائلات فترة هادئة ضنت أنها ستعيشها هذه الصائفة أيضا، إلا أنها تفاجأت بعودة البيكيني لمعظم الشواطئ منافسا البوركيني في صراع بين الباحثات عن التباهي بآخر صيحات الموضة في عالم أزياء السباحة، والباحثات عن الاستمتاع ببرودة مياه البحر المنعشة وقضاء أوقات مريحة إلى جانب أفراد عائلاتهم. وجدت العديد من العائلات الجزائرية هذا الصيف صعوبة في استكمال عطلتها على شاطئ البحر، فعلى عكس الاحتشام الذي عرفته معظم شواطئ العاصمة السنة الماضية، فالمظهر الذي تصنعه بعض مرتاداتها جعل الأسر تنفر منها وتفضل تحمل درجات الحرارة المرتفعة على مشاهدة ما قد يكسر حاجز الحشمة بين أفرادها، في مقابل ذلك تنتهج عائلات أخرى سياسة منوع أخر ساهمت من خلالها في خلق مظهر يناقض الأول ويتعايش معه في آن واحد، مبدأها حرية التصرف، باصطحابها بناتها إلى نفس هذه الشواطئ الكبرى على اختلاف أعمارهن بما أنهن ستسبحن مرتديات البوركيني الذي أبدعت كل واحد منهن في اختياره من أشهر المحلات، أو حتى في خياطته بما يتماشى وذوقها الخاص. عرض يومي لآخر صيحات ملابس السباحة يمكن يوميا مشاهدة عرض لمختلف ملابس السباحة في الشواطئ الكبرى، فليست الألوان فقط هي ما يجذب الانتباه وإنما أيضا الأشكال وكأن المحجبات وغير المحجبات تتنافسن للحصول على جائزة أحسن بوركيني وأحسن بيكيني، وإن كانت الفئة الأخيرة تكتفي باختيار أجملها فإن الفئة الأولى تدخل عليها لمستها الخاصة بكل حرية، إما بإضافة تعديلات على الشكل أو بتغيير قطعة من قطعه يوميا لتتماشى مع بقية القطع، كأن تغير غطاء الرأس أو السروال بآخر كانت قد خاطته قبل قدومها لتشعر وكأنها تمتلك نوعين أو ثلاثة من البوركيني. ومن المحجبات أيضا من اقتنين البوركيني حتى مع عدم ملامسة أجسامهن مياه البحر طيلة تواجدهن على الشاطئ، بل تكتفين بارتدائه والإستلقاء على الرمال لإكساب بشراتهن اسمرارا فقط، كما هو حال مونية التي تجد في البوركيني لباسا مريحا على الشاطئ وعمليا حيث لا تمتلئ جوانبه وطياته على غرار الملابس العادية بالرمال، ويجنبها فقدان ملابسها لونها بالتعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس. كما أنها تشعر بالراحة وهي ترتدي مثل هذه الألوان الزاهية، والتي تعمل على تغييرها باستمرار كلما سنحت لها الفرصة وتوجهت إلى البحر في عطلة نهاية الأسبوع، حيث تتبادل البوركيني الخاص بها إما مع إحدى شقيقاتها أو زوجة أخيها بما أنهن ترتدين نفس المقاس، فلا تمل الواحدة منهن من اللون الذي تظهر به في كل مرة على نفس الشاطئ الذي تجد فيه عائلتها راحتها. ومثلما هو حال مونية، لا يختلف حال نسرين غير المحجبة عنها، بل وتعدتها إلى أبعد الحدود، فنسرين التي ترافق خالتها وأبناء خالتها كل سنة إلى البحر منذ كانت صغيرة فهي قادمة ولاية داخلية، تقول أنها لا تقبل أن تظهر بنفس ملابس السباحة طيلة شهر كامل من تواجدها على شاطئ الصغيرات بولاية بومرداس، وبما أنها الفتاة الوحيدة في العائلة وليس لخالتها بنات، فتضطر إلى اقتناء ثوبين أو ثلاثة من البوركيني بأشكال وألوان مختلفة حتى تأخذ بشرتها في اسمرارها تلك الأشكال جميعها لتتباهى وتغيض بها صديقاتها لدى عودتها إلى منزلها لدى انتهاء العطلة. مغتربات وأجنبيات في مواجهة التقاليد ومحجبات تسبحن دون حجاب إن كان ما يحدث بالشواطئ الكبرى يبدو غريبا فإن ما تعيشه بعض الشواطئ العائلية الصغيرة، يبعث على طرح العديد من التساؤلات، ففي وقت تستقطب هذه الشواطئ العائلات المغتربة التي أصبحت تستضيف لدى قدومها بعض الأصدقاء من الأجانب وتفرض عليهم التقيد بالتقاليد وعدم تجاوز حدودها كأن يجبرهم سكان المنطقة على عدم ارتداء ملابس السباحة الفاضحة، نجد عائلات جزائرية قادمة من مناطق داخلية في زيارة لأقارب لها وقضاء عطلة الصيف تقدم على تصرفات لا يتقبلها العقل. حيث تجد المغتربات والأجنبيات أنفسهن مرغمات على إعادة البيكيني إلى الخارج دون أن يتبلل بمياه الشواطئ الجزائرية، مثلما هو حال بنات عائلة إيمجدوبان اللواتي اجبرن على السباحة مرتديات ملابس عادية من قمصان من دون أكمام وتبان يصل طوله إلى الكبة وهن تقصدن شاطئ التوائم، حيث تقيدت العائلة بالتعليمات الصارمة التي قدمها لها مضيفها بالمكان لتكتشف يومان فقط قبل مغادرتها أن هناك من المحجبات من كن تسبحن بملابسهن العادية دون ارتداء البوركيني وحتى دون أن تضعن خمارا على رؤوسهن فلا يمكن التنبؤ بأنهن محجبات أم لا، علما أن العديد من سكان المنطقة يعرفنهم ولم يجرؤ احد على التدخل متحججين بأنه ليس من حقهم التدخل بما أنهن ترتدين ملابس محتشمة نوعا ما لا تكشف الجسد. ''الباريو'' حيلة لارتداء ''البيكيني'' لا تقاوم بعض الفتيات أو النساء ارتداء ملابس السباحة من نوع البيكيني وفي نفس الوقت تجدهن منزعجات من أعين الناس ونظرات السخط والغضب لأرباب العائلات الذين يرون في هذه الفئة من النساء مصدر إزعاج ومعكر لعطلتهم العائلية، فاهتدين إلى حيلة أخرى تقلل من هذه النظرة تجاههن بارتدائهن ''الباريو'' وهو عبارة عن قطعة قماش كبيرة ملونة تحمل أشكالا ورسومات زاهية مختلفة الألوان تستترن بها الجزء السفلي من الجسم حيث تربط على الخصر من جانب واحد. فيم أوجدت أخريات طريقة أخرى أو حيلة أخرى من أجل الاستمرار بارتداء الببيكني، بارتداء فوقه طقم مكون من قطعتين أيضا تنورة قصيرة جدا من نوع ''البورتفاي'' وقميص يربط عل مستوى الرقبة فقط ويكشف جزء كبيرا من الظهر، فتجذبن بذلك الأنظار أكثر نحوهن. ومحجبات تخطن البوركيني الخاص بهن من جهتهن تلجأ بعض المحجبات إلى التحضير لموسم الاصطياف بفترة، حيث تجد الواحدة منهن تجول بين محلات بيع الأقمشة لاختيار نوع القماش المناسب لخياطة ثوب السباحة من نوع البوركيني، حيث تقدر كلفة خياطته عموما بألف دينار لدى الخياطة، هذا ما أكدته لنا الآنسة ليلى خياطة، حيث قالت، لم ألق يوما طلبا غريبا كالذي لاقيته هذه السنة، حيث تفاجأت وأنا أسمع لطلب إحدى جاراتي وهي تصف لي شكل لباس السباحة الذي تريده مختلفا لبنتيها مع حرصها الشديد على اختيار لونين مختلفين من القماش، فوجدت نفسي مرغمة على النزول عند طلبها ومرافقتها إلى السوق للإطلاع على الأشكال التي تعرضها واجهات المحلات، لتكون لدي فكرة عما تريده تحديدا، وفعلا قمت بخياطة ثوبي البوركيني للفتاتين اللتين تبلغان من العمر 23 و27 سنة، والصعوبة الكبرى كانت في تحديد السعر فلم أجد سعرا يناسبها سوى أن قلت لها 300 دينار للواحدة لتصل بذلك كلفة إنجازه الإجمالية بين قماش وخياطة إلى ألف دينار. الأخضر الفستقي للبوركيني والأصفر والوردي للبيكيني أصبحت الفتيات اليوم المحجبات وغير المحجبات تحترن وتجدن صعوبة في اختيار ملابس السباحة، حيث تعرض المحلات أشكالا وأنواعا مختلفة من المايوهات يصعب معها الاختيار، ولم تعد الواحدة منهن تكترث لثمنه فما يهمها أكثر هو الشكل واللون اللذان يجب أن يكونا مواكبان للموضة، ''الحوار'' وفي جولتها بين محلات والسواق الشعبية للعاصمة كسوق ساحة الشهداء مثلا ومحلات ساجدة وجينيفر، رصدت الأشكال والألوان الأكثر طلبا من قبل الفتيات، فلا مجال للحديث عن الأسعار بما أنها خيالية وتعد ضربا من الجنون للنوعين على حد سواء فالبيكيني ما بين ألف و 4 آلاف دينار حسب ما تعرضه بها محلات جنيفر، فيم يتراوح ثمن البوركيني ما بين 2800 دينار و7 آلاف دينار. أكدت لنا البائعة بمحل جنيفر أن الألوان الدارجة على الموضة هذا الموسم بالنسبة للبيكيني هي الأصفر والوردي وهي التشكيلة الجديدة التي استقدمها المحل، فهناك ما هي قطع موحدة اللون ومنها ما تجمع بين اللونين، وأضافت البائعة أنها لاقت إعجاب المراهقات فيم بقيت السيدات محافظات على الأشكال والألوان الكلاسيكية. من جهة أخرى أكد لنا البائع بمحلات ساجدة الأردنية أن اللون الدارج على الموضة في لباس البوركيني هذه السنة هو الأخضر الفستقي، إلا أن المحل لم يبع هذه السنة نفس الكمية التي باع بها خلال نفس الفترة من السنة الماضية، مشيا إلى لجوء الكثيرات إلى خياطته بدل شرائه جاهزا لنظرا لارتفاع الأسعار، وكانت البائعة بمحل جنيفر قد أكدت لنا أن هناك من الفتيات من تدخلن المحل فقط من أجل الإطلاع على الأشكال والألوان الجديدة، لتغيرن وجهتهن مباشرة نحو محلات بيع الشيفون مباشرة فتحصلن على القطعة الواحدة ب 200 دينار فقط.