السؤال كيف يكون المسلم إيجابيا مع نفسه والناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من قبيل الإيجابية؟ الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فمهما اختلف الناس في تحديد مفهوم الإيجابية فيبقى المفهوم المستفاد من الوحي هو المعول عليه، ويمكن إجمال ذلك في قراءة سطر واحد من القرآن، وهو سورة العصر: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3). فقد بينت هذه السورة أن الإنسان محكوم عليه بالخسارة إلا من كان متصفا بخصال أربعة، وهي في الحقيقة سمات الشخصية المسلمة الإيجابية. قال السعدي: عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات: الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به. والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده، الواجبة والمستحبة. والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه. والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة. فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح العظيم.