يلاحظ المتجول في شوارع العاصمة خلال شهر رمضان هذه السنة وعلى غير العادة حضور قوي للعنصر النسوي خاصة الفتيات المراهقات والشابات، ليس لأداء صلاة التراويح فقط وإنما لقضاء غايات ومآرب أخرى تهدمن بها ليلا كل ما اجتهدن في بنائه نهارا، فلا تجدن حرجا ولا صعوبة في الخروج بعد الإفطار لملاقاة أصدقائهن متحججات بعدة مبررات تبعد عنهن كل الشبهات لدى الأهل. حولت تصرفات بعض المراهقات مشهد السهرات الرمضانية بجوها الروحاني الديني التي يطبعها انبعاث أصوات المقرئين عبر مختلف أحياء العاصمة أثناء صلاة التراويح، إلى مشهد لم تعهده هذه السهرات من قبل بتماديهن في كل سنة أكثر من السنوات السابقة. فإن كان التستر وراء أداء صلاة التراويح في المساجد حجة ناجحة لم يتفطن لها الأهل ولم تفشل مع الكثيرات في الخروج إلى الشارع ليلا لملاقاة أصدقائهن، لم تعد فتيات هذه السنة إن صح إطلاقه علهن تجدن صعوبة في الخروج إلى الشارع في كامل أناقتهن. التستر بتأدية التراويح تقليد قديم تحرص هؤلاء الفتيات في النهار طيلة فترة الصيام على الحفاظ على قدسية الشهر بالتقيد بعدم وضع الماكياج أو على الأقل التقليل من حدته وارتداء ملابس محتشمة مقارنة بتلك التي اعتدن ارتدائها طيلة السنة، وتذهب البعض منهن إلى اقتناء الجلابات وارتدائها نهارا حتى وإن كن غير محجبات. وبقدر هذا الحرص على أن يكون صيامهن خاليا من كل ما قد يؤدي إلى إنقاضه، تقدمن على عكس ذلك تماما. لم تعد تجد الكثير من الفتيات صعوبة في الخروج إلى الشارع بعد الإفطار مستغنيات عن الحجة القديمة بأداء صلاة التراويح فلا تكلفن أنفسهن عناء التخفي في رداء خاص بالصلاة حتى تتمكن من الخروج إلى الشارع، بل تخرجن وبعلم أوليائهن مرتديات ثيابا عادية ولكل واحدة منهن السبب الذي تتخفى ورائه، فمنهن من تتحجج بالذهاب لآداء التمارين الرياضية في القاعات التي غيرت توقيت عملها، ومنهن من تتستر وراء زيارة صديقة لم تلقاها طيلة الصيف وأخريات بزيارة الأقارب وغيرها من الحجج المستعملة في تفسير نفس الغرض. مواعيد غرامية في عز السهرات الرمضانية كل ما يهمهن هو النجاح في ملاقاة أصدقائهن دون أن ينتبه أوليائهن لذلك، حيث تستقبل قاعات الشاي العائلية كما يقال عنها طيلة سهرات رمضان العشاق الذين يرون فيها أمكنة آمنة من أعين المترصدين لكلا الطرفين. وأكد أحد العاملين بقاعة شاي بالعاصمة أن رب عمله يطلب من جميع العمال القدوم إلى المحل في وقت جد مبكر مباشرة بعد انتهاء الإفطار للتحضير لاستقبال الزبائن، وأضاف هذا العامل أن رب العمل كل ما يهمه هو الربح فلم يتقبل نصيحة العمال الذين طلبوا منه بعدم فتح المحل خلال السهرات أو على الأقل تحديد سن الزبائن بألا يقل عن 81 سنة وهذا بعد تسجيلهم تجاوزات أخلاقية من طرف المراهقين. ولم تعد قاعات الشاي المكان الوحيد لمثل هذه اللقاءات خاصة وأن الأسعار جد مرتفعة في مثل هذه الأماكن، فتحولت الحدائق العمومية مرة أخرى إلى أوكار لمثل هذه اللقاءات الحميمية التي تقضي على قدسية الشهر وحرمته،'' وكأن رمضان يكون في النهار فقط '' قال الحاج أحمد الذي أكد هو الآخر وأبدى انزعاجه من مثل هذه المظاهر الدخيلة على مجتمعنا والتي راحت تجتاحه بسرعة البرق.