انتقد أكثر من واحد ''الحشروية'' من حشر الأنف، ومزاحمة الفقراء في قففهم، وعلى موائدهم التي تقام مرة كل سنة بهذا الشكل، من قبل ميسوري الحال، وحتى من بعض الأغنياء والوجهاء. وإن كانت لا تخلو دولة من دول العالم من هكذا تصرفات لاسيما على مستوى العالم الثالث، إلا أنه يبدو على لسان أحد الميسورين من الذين يمتهنون مزاحمة الفقراء والمعوزين في القفف وعلى موائد الرحمة في الشهر الفضيل يذهب مذهبا غير مذهب الوزير ولد عباس، ومذهب الصحافة الوطنية التي كثيرا ما تنتقد هؤلاء وتطالب بتطهير القوائم من لوثتهم، لوثة الميسورين الذين يزاحمون الجوعى في رحمة وحيدة من رحمات شهر رمضان. ويذهب المدعي بعيدا، وهو يؤكد بأغلظ الأيمان أن فعل مزاحمة الفقراء والغلابى المنسوب للميسورين من أحسن الأخلاق، الذي يضاعف فيه الأجر في هذا الشهر، حيث لا يعدو إلا أن يكون مواساة منهم للفقراء، وهم يجالسونهم الموائد نفسها، والأطباق ذاتها، ويحاولون أن يطعموا أهليهم من القفة ذاتها والاكتفاء بحبة بصل، وعلبة طماطم مصبرة، وشيئا من البن والسكر وربما الصابون لغسيل الأطباق بعد الأكل. والظاهر أن هذا الفعل الأخلاقي العظيم في مزاحمة الفقراء والادعاء بأنه من باب الرحمة ورفع المعنويات بالمجالسة والاشتراك في نفس الطبق، لا يقتصر على الأفراد، وإنما يتعداه إلى الأمم، وهو ما جنيناه لحد الساعة من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي الذي دخل اليوم عامه الرابع، وهم يلعبون معنا ''غميضة'' الميسورين والفقراء على طاولة مطاعم الرحمة، وذلك تاالله لخلق عظيم.