كعادتها دائما وكما عودت القارئ بعناوينها المثيرة صدر للروائية زهرة ديك مؤخرا '' قليل من العيب يكفي'' وهو عمل روائي اتخذت فيه المؤلفة الإنسان الجزائري تيمتها الأساسية فجاء مليئا بالهواجس والأحداث التي لا تنتج إلا عن الجزائري والأشياء التي تشبهه . الميزة الأولى في هذه الرواية موضوعها الذي يشمل كل المواضيع وكل التفاصيل التي يعج بها الواقع الجزائري وتنضح بها نفسية ''بهتة '' وهو البطل الرئيسي في الرواية . وعلى تشعب الأحداث وفيض الزخم الذي ميز هذا العمل نجحت زهرة ديك في تحقيق ربط سلس وانسيابي جعل القارئ ينتقل بين فصولها الأربعين بمتعة متناهية، فضلا عن عنصر التشويق والغرائبية البارز بقوة في هذه الرواية .. ولعل الجديد والملفت في ''قليل من العيب يكفي'' تلك اللغة التي عمدت الكاتبة كما قالت ألا تكون مثل أي لغة .. مارست لعبا ذكيا مع اللغة وعاملت الكلمات برهافة وذائقة عالية ..كأنما أرادت أن تفاجئ القارئ بنص ''صرعة'' له جمالياته ورونقه الخاص.. تبرر زهرة ديك صاحبة الموعد الأدبي لجريدة الحوار هذه التقنية الجمالية التي طغت على روايتها بأنها تحب أن تكتب مثلما تحب أن تقرأ أي أن تضمّن نصها تلك الأشياء التي صارت تبحث عنها مثلها مثل غالبية قراء اليوم الذين هم بحاجة إلى أبعاد جمالية وثقافية ومزاجية ونفسية أخرى، ولعل ذاك ما جعل روح الخفة والرشاقة الأسلوبية والحكوية طاغية على نصها . عالجت المؤلفة في روايتها موضوعا يشمل كل المواضيع النافذة إلى أعماق الفرد الجزائري بتعقيداته وأزماته ومعاناته ومكانه وزمانه وتاريخه وغرائبيته .. في حلقة مكونة من أربعة شخوص استعرضت الكاتبة واقع رجلين وامرأتين لا يفكرون ولا يتصرفون ولا ينظرون للأشياء مثل بقية الناس .. الغرابة تبدأ من الأسماء ''بهتة ''دابو'' ''قادي'' ومن اللباس ومن الكلام وطريقة العيش . من يقرأ هذا العمل ويتقلب بين صفحاته ال 351 يضمها غلاف أنيق سوف يدرك انه بصدد التعاطي مع قطعة حية من واقع الفرد الجزائري والعربي عامة . قليل من العيب يكفي هو العمل الثالث لزهرة ديك بعد ''بين فكي وطن''، ''وفي الجبة لا أحد".