لا يزال التداوي بالأعشاب خاضعاً للعشوائية، حتى إن وفرت القنوات الفضائية العربية مساحة واسعة لانتشاره وتألق بعض أطباء الأعشاب وتجاوز شهرتهم حدود بلدانهم، فهو لا يزال يستقطب فئة كبيرة من المواطنين خاصة الفتيات والنساء منهم. يحتل التداوي بالأعشاب مكانة كبيرة في الجزائر لكن هذه المهنة لم تأخذ حجمها الحقيقي بسبب عدم الاعتراف بهذا النوع من الطب البديل ولا يزال المئات من أطباء الأعشاب ينشطون من دون ترخيص أو اعتماد قانوني رغم الشعبية التي يحظى بها هذا النوع من الطب، والإقبال المتزايد للجزائريين على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم للخضوع إلى العلاج الطبيعي بدلاً من الكيمائي. استطاعت القنوات الفضائية العربية عبر برامجها أن تخصص حيزا كبيرا من إعلاناتها للطب البديل كما تخصصت قنوات بأكملها من أجل عرض خلطات أطباء أعشاب ادعوا فاعلية منتجاتهم في علاج الكثير من الأمراض المستعصية، وقد فتح المختصون في هذا المجال مراكز عبر عدة دول عربية من بينها الجزائر التي استحوذ فيها أحد الأطباء الذين يطلون يوميا على الفضائيات العربية على آلاف الزبائن الذين باتوا يقصدون محلاته في شرق العاصمة وغربها. أعشاب شرق آسيا حاضرة وأدوية الجهاز الهضمي الأكثر مبيعاً يشير السيد ''م. عباسي'' أحد ممارسي الطب البديل إلى بروز الأعشاب المستوردة من الصين والهند في سماء التداوي الطبيعي في الجزائر، علماً أنّ أعشابا أخرى يتم جلبها من أوكرانيا، وروسيا، وبلجيكا، وألمانيا، والصين، وسوريا، والإمارات. ويوضح السيد عباسي أنّ بورصة الأعشاب تفوق أحياناً الطب الآخر، إذ أن هناك عشبة تباع ب20 ألف دينار للكيلوغرام الواحد. وبالنسبة إلى الأعشاب الطبية الأكثر مبيعاً في الجزائر، فتنقسم إلى ثلاثة أصناف كبيرة هي الأعشاب الخاصة بمشاكل الجهاز الهضمي، والقولون والقرحة المعدية وأعشاب التقوية الجنسية وسائر منتجات النحل العسل وحبوب الطلع والمهدئات . لصائق لتخفيف آلام الحيض تلقى رواجا يعتبر المتعلمون، حسب عمال في أحد المراكز المشهورة عبر الوطن العربي، الأكثر إقبالاً على شراء الأعشاب الطبية، بفارق بسيط عن غير المتعلمين، كما أنّ النساء يتغلبنّ على الرجل في هذا الجانب، خاصة بسبب اقتنائهنّ لمواد التجميل الطبيعية خصوصاً مع فاعليتها الأكبر، ولاسيما تلك المستوردة من تايلاند وبعض الدول العربية كسوريا والإمارات. كما تعتبر الفتيات أكثر الفئات استهدافا من قبل أطباء الأعشاب حيث يعتبرن أكثر الزبائن وفاء لهؤلاء الباعة إن صح التعبير. ففي مركز زين وبعض المحلات التي تبيع مواد الأعشاب وجدنا أن أكثر الزبائن كانوا من الجنس اللطيف قدمن خصيصا لاقتناء ما يتم عرضه يوميا على الفضائيات المتخصصة خاصة منتجات التجميل وآلام الحيض والتنحيف وحتى السمنة وزيادة الوزن بالنسبة للنحيفات. وتطلب الفتيات منتجات بعينها مثل الشرائط اللاصقة ''فريلاكس'' التي تساعد على إيقاف آلام الحيض و''القريص'' و''اوليفيرا'' للمساعدة على منع الحمل وغيرها. أضراره أخف من الأخطاء الطبية يؤكد السيد ''م عباسي'' أنّ ثمة أضراراً جانبية للتداوي بالأعشاب قد ترجع الى سوء استعمال أو تفريط. ويشير إلى وجود أعشاب متداولة لكنها سامة كعشبة ''خيّاطة الجرح''، ''الدفلة'' و''المثنان'' الخاصة بالبواسي، إذ تحتوي الثلاث عشبات على مواد سامة، لكن الناس يستهلكونهما بكثرة وهو ما يعرضهم لأضرار غير مأمونة ناتجة عن الجهل باستعمال الأدوية، فهناك أناس تكون لهم حساسية جراء مكونات بعض الأعشاب، فيحدث لهم احمرار جلدي، وتشنجات هضمية، لأنّ استعمالها بالمقادير لا يُحدث أضراراً. كما تؤثر الأعشاب على الأدوية العادية، إذ إن هناك تفاعلات كميائية، خاصة الأعشاب المعروفة بتحفيز الدورة الدموية، حيث لا تتماشى مع الأسبرين مثلاً، مثل الزنجبيل، والجنسينق، والكركدية وهو ما يسبب أعراضاً جانبية، لكن أطباء الأعشاب يركّزون على أنّ الحالات المتضررة من الأعشاب شاذة وقليلة مقارنة بالأخطاء الطبية المرتكبة في المستشفيات.