أبحث عن ذاك القارئ .. أنّى لي بذاك القارئ .. قارئ أصبح هاجسي .. قارئ قادر على تحويل النص إلى قطعة منه .. قارئ يراه النص فيفرح .. يبتهج... يهلل لملاقاته .. قارئ يتبع شغفه فيحوز ملكية النص ..واقتراف ما بدا له فيه .. قارئ مشبع بالرهافة، مفعم بالشفافية ، وتلك الأحاسيس التي تحيل النص بين يديه إلى كائن مولّد لجماليات التلقي ولذة الحكي .. قارئ معتد بقوة الفضول .. مغرم بتفصيص الكلمات .. قارئ يقتحم التجربة النصية مدجج بشهوة الاكتشاف والفضح لمعرفة ما في جبة النص غارق في عشق الكلمات .. قارئ يهجره الإحساس بالوقت في حضرة النص .. قارئ مبدع في استخراج الكلمات من الكلمات، وتقطير المعاني من المعاني .. قارئ يقتحم النص أعزل إلا من حموة اللهفة .. قارئ يقف أمام النص فينسى اسمه وجنسه ويخرج من نفسه وينسى مكانه وزمانه .. قارئ يتنامى النص تحت ناظريه .. ماهر في فك رموز النص وحل مغالقه .. قادر على مساءلته ومناوشة أفكاره.. قارئ يعتبر هذا النص بالذات كتب له وليس لأحد غيره .. قارئ يجعل جسد النص الذي بين يديه مباح له وحده .. ملك له وحده ، فيعيد عجنه وتشكيله كما تملي عليه هواجسه.. وفانتازماته .. قارئ يدخل في شراكة إبداعية مع الكاتب ويعيش معه حالته الإبداعية .. قارئ يراه النص فيفرح ..قارئ يعرف كيف يحتفي بالنص .. كيف يعامله .. كيف يعمل فيه تقواه وفجوره .. شكه ويقينه .. قارئ مؤهل لمحاورة النص.. مبدع في استنباط ما لم يقله .. قارئ له ما يقترحه على النص .. قارئ يحرره النص من نفسه ومن الأشياء التي يجب ألا تكون .. قارئ يخلصه النص من متاعبه الأزلية ويجعله يعيد حساباته مع نفسه ومع الأشياء .. قارئ يشعر أنه كان بأشد الحاجة لهكذا نص .. قارئ يشعر أنه هو من كتب النص وما مؤلفه إلا شريك وهمي .. قارئ يعز عليه فراق النص فيأبى البعاد عنه ويتمنى الإقامة فيه المرة تلو المرة للحصول على المزيد من اللذة المزيد من المتعة .. آه لو تعرف كم أنت عزيز أيها القارئ .. كم أنت نادر.. يكاد وجودك ينقرض من الساحة الثقافية العربية عامة أين أنت أين أراضيك ..غيابك أضنى النصوص وهجرك عذب الأدب. أين أنت؟ أين أراضيك ؟