المتتبع لمشوار ''الخضر'' منذ بداية التصفيات المزدوجة لأمم إفريقيا بانغولا وكأس العالم بجنوب إفريقيا ,2010 قبل نحو عامين من الآن، يدرك لماذا ''جلب'' المحاربون إليهم كل هذا العداء، من بعض الأشقاء في أرض الكنانة، الذين لا يرضون أن يذكر غيرهم. ''المحاربون'' الذين لم يكن يذكرهم أحد، قبل نحو عامين من الآن، فرضوا أنفسهم كرقم صعب منذ المرحلة الأولى من الإقصائيات، لاسيما بعد أن تمكنوا من إخراج منتخب السنيغال من السباق، في أول مفاجأة يفجرونها. وعندما جاء الدور الثاني وفضلت عملية القرعة أن تضع ''الخضر'' إلى جانب ''الفراعنة''، لم يلتفت إليهم أحد، ورشح الجميع المصريين للذهاب إلى بلاد العم مانديلا. لكن ''المحاربين'' كان لهم رأي آخر، واختاروا صيد فرائسهم من بعيد وبهدوء، في كمائن أحسنوا نصبها جيدا، فكانت أولى الضحايا منتخب رواندا لما تمكن أشبال سعدان من فرض التعادل عليه في عقر داره، بل إنهم فرطوا بالنقاط الثلاث بسبب نقص التجربة، لأغلب التعداد الذين اكتشفوا أدغال إفريقيا لأول مرة. ولما جاءت المواجهة الثانية، أمام المنتخب المصري بالبليدة مطلع شهر جوان الماضي، لم يكن أفضل المتفائلين ب''الخضر''، يتكهن بتحقيق نتيجة أكثر من التعادل، لكون الجميع كان يتوقع انتفاضة الفراعنة ضد الجزائر، لرد الاعتبار بعد أن أهينوا في القاهرة من قبل المنتخب الزامبي، غير أنه كان للمتألق مطمور وأبطال الخضر رأي آخر، من خلال تلقين رفقاء أبو تريكة درسا جيدا في الكرة الحديثة. وما زاد في غيض بعض الفراعنة، أن منتخب الجزائر لما تنقل إلى شيلا بومباي، عاد بالزاد كاملا من فم ''تماسيح'' زامبيا. وفي هذه الأثناء، أدرك المصريون، أنهم اخطأوا الحساب، وشعروا بخطورة الأمر، فراحوا يعيدون العدة للإيقاع بالمحاربين بشتى الطرق، وتحركت دكاكينهم الإعلامية، ووجد دعاة الفتنة الفرصة مناسبة لمباشرة الحملة المسعورة، والتي كانت تشتد مع كل خطوة ثابتة كان يخطوها المنتخب في رحلته إلى مونديال جنوب إفريقيا، فقد أضاف أشبال سعدان، إلى رصيدهم ثلاث نقاط من خلال فوزهم على زامبيا في مواجهة الإياب التي جرت مطلع شهر رمضان بالبليدة، ثم عززوا موقعهم بالفوز على رواندا في الإياب الذي جرى بمدينة الورود أيضا. ولأن الجزائر كانت تنقصها نقطة واحدة، وكان لزاما عليها أن تأتي بها من القاهرة في لقاء الإياب مع الفراعنة، من أجل اقتطاع تأشيرة الذهاب إلى مونديال جنوب إفريقيا، جاءت حادثة القاهرة يوم 12 نوفمبر، حينما تم الاعتداء على حافلة الخضر عند دخولها القاهرة، وهي الواقعة التي كشفت المستور وأسقطت القناع، وأظهرت للجميع النوايا الحقيقية لبعض هؤلاء المصريين، المستعدين لفعل أي شيئ، بما في ذلك التضحية بعلاقات شعبين شقيقين، جمعتهما المحن لأكثر من مرة. عير أن الحق ظهر بإرادة أكبر مهما طغى وتعالى مكر الماكرين وخداع هؤلاء وأولئك فكانت موقعة أم درمان التي أحقت الحق وأزهقت الباطل.