يعرض الكثير من الأولياء صحة ومستقبل أبنائهم الصحي للخطر في بعض المناطق النائية غرب الوطن، إذ يمتنع هؤلاء عن تلقيح أبنائهم ضد الأمراض التي يمكن أن تصيبهم وعلى رأسها الشلل والإعاقة، ليجدوا أنفسهم لدى بلوغ هؤلاء الأطفال السن القانونية للدراسة أمام إلزامية استظهار الدفتر الصحي ضمن الملف المدرسي، فيجدون أنفسهم مضطرين إلى اقتناء الدفتر الصحي المزور، حسب ما أكدته مصادر ''الحوار'' المطلعة والموثوقة. علمت ''الحوار'' في اتصال هاتفي من أحد مصادرها الموثوقة، والغيورة على صحة أطفال الجزائر ومستقبلهم، أن أطفال غرب الوطن وتحديدا ولاية وهران، أصبحوا مهددين بالتعرض للشلل أو الأمراض الأخرى التي تصيب الأطفال جراء عدم تلقيهم اللقحات الخاصة بهم في الأوقات المحددة لذلك. موّضحة أنهم ليسوا ضحايا لنقص أو ندرة هذه اللقاحات على مستوى المستشفيات أو مراكز رعاية الأمومة والطفولة وإنما ضحية لإهمال وتسيّب أوليائهم غير الواعين بمدى خطورة تصرفاتهم. يحدث هذا في وقت لا يجد أطفال آخرون اللقاحات اللازمة منذ أشهر على المستوى الوطني. الدفتر الصحي المزور غطى أخطاءهم أكدت مصادرنا التي تقربت أكثر من هذه الفئة من أولياء الأمور غير الواعية بالمخاطر والنتائج السلبية لتصرفاتهم على صحة أبنائهم أن مثل هذه التصرفات تحدث في القرى والمداشر النائية لولاية وهران، إذ يرفض الكثير من الآباء والأمهات تلقيح أبنائهم حسب الرزنامة المحددة قانونيا وفقا للمعايير الصحية الدولية التي تسير عليها الجزائر، ويكتفون بالتلقيح الأول للطفل أي ال ''بي سي جي''. فلا يعاودون ولا يتابعون تلقيح أبنائهم مرة أخرى، وبدل التوجه بهم إلى الأطباء والعيادات الجوارية لدى تعرضهم للإصابة بوعكات صحية، يفضلون الطب الشعبي أو الطب البديل. وتستمر الحال هكذا إلى غاية بلوغ هؤلاء الأطفال السن القانونية للدراسة، وهنا يصطدمون بواقع لم يفكروا فيه مسبقا إذ يطلب منهم استظهار الدفتر الصحي للطفل الذي يثبت أنه في صحة جيدة وتلقى جميع اللقاحات اللازمة. فلا يجدون من بعدها من حل لضمان تمدرس أبنائهم سوى اللجوء إلى عملية التزوير إذ يقومون بإتمام ملء الخانات الأخرى الخاصة ببقية اللقاحات التي لم يتلقاها الأطفال، أو بصفة أخرى وبعبارة أدق كما قالت مصادرنا الموثوقة والمطلعة، التزوير، أي الحصول على دفاتر صحية مزورة، فالمهم بالنسبة لهم التحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة وحسب. وعادت مصادرنا لتوضح أكثر وتنقل على لسان مدير إحدى الابتدائيات بولاية وهران، وتحديدا في إحدى قراها النائية، أن غالبية التلاميذ المتمدرسين على مستواها لم يتم تلقيحهم فعليا بالرغم من أن دفاترهم الصحية تثبت عكس ذلك. وأكد ذلك المدير الذي رفض التصريح باسم مدرسته أو حتى اسم القرية المتواجدة بها لمصادرنا، أن عملية الحصول على دفتر صحي مزور ليست بالصعبة في تلك المنطقة إذ يكفي تقديم مبلغ مالي لإحدى الممرضات يتراوح ما بين ألف إلى 9 آلاف دينار ليتم إتمام ما يلزم من اللقاحات الناقصة على الدفتر الصحي، فكما أضافت مصادرنا الدفتر الصحي المزور غطى على أخطاء هؤلاء الأولياء. يبقون رافضين لإتمام اللقاحات وأوضحت مصادرنا ذاتها أن هؤلاء الأولياء الأميين والجاهلين يعتقدون أن عدم تلقي أبنائهم للقاحات اللازمة لن يؤثر على صحتهم، وهذا بالرغم من الدروس التوعوية التي حرص مدير هذه المدرسة على تقديمها لهم في إطار الاجتماعات المستمرة لجمعية أولياء التلاميذ. وارتأى هذا المدير تدارك الوضع وإنقاذ صحة هؤلاء الأطفال وتدارك ما تمكن تداركه، وطلب من طبيبة المدرسة إعادة تلقيح جميع الأطفال، إلا أن الأولياء رفضوا أن يتم تلقيح أبنائهم وراحوا يهددون ويتوعدون ذلك المدير إذا أقدم على هذه الخطوة. ولم يجد هذا الأخير من حيلة سوى عدم إطلاعهم مسبقا على موعد قدوم الطبيبة للتلقيح، فيكون قد حقق مبتغاه وحمى هؤلاء الأطفال على الأقل من التعرض للشلل أو الإعاقة.