نعت جهات مسؤولة في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رحيل رفيق السلاح والمناضل رئيس البرلمان الراحل المحفوظ علي بيبا، لكنها في ذات الوقت أكدت أن رحيل العظام في كل الثورات العادلة لم يوقف نضال أي حركة تأمل في الانعتاق والحرية، ضاربة في ذلك رحيل أشهر قادة ثورات العالم من شهداء الثورة الجزائرية وعلى رأسهم الشهيد العربي بن مهيدي، وباتريس لومومبا في الكونغو الديمقراطية ''زائير'' سابقا، وارنيستو شيغيفارا في أمريكا اللاتينية والمهاتما غاندي وغيرهم كثير. السياسية الجزائرية على الخصوص إضافة إلى أسرة الإعلام الجزائرية. وقالت في هذه الرسالة ''إننا نشكر لكم هذه الأحاسيس النبيلة التي ما تقاعستم يوما لإبدائها نحو شعبنا.. وأن هذا ليس بغريب على شعب عرف طعم الاستدمار كما عرف كيف يتعامل معه ونال الحرية بعد مقاومة دامت أكثر من قرن ونيف كللت باستقلال بلدكم الذي فقد الملايين من الشهداء الذين ظلوا نبراسا يضيء كل مسار الثورة الجزائرية وبعدها''. وأكد أحد أعضاء الجبهة في رسالة موجهة ل ''الحوار'' ذكر فيها مناقب الفقيد الراحل المحفوظ علي بيبا بالقول ''لقد عرفت الرجل منذ سنواتنا الأولى في الثورة وعرفت فيه الكثير من الخصال، فالرجل موصوف بدرجة كبيرة من المرونة وحسن المعاملة لكن في شيء من الصرامة، ما يميزه أكثر الالتزام في الوقت وبدقة عالية، لكنه متمسك بالوطنية التي لا يقبلها مشبوهة، فعندما أجاب قناة الجزيرة ذات يوم بأن البوليساريو ستقبل بنتائج الاستفتاء إذا كان في صالح المغرب رد عن سؤال حول نفسه فأجاب: في هذه الحالة فأنا لن أذهب إلى الصحراء غير مستقلة، ولكن إيمانه بقوة الشعب أكبر من كل شيء''. هذا وكان الشعب الصحراوي قد نعى منذ السبت الماضي رحيل أحد قادته والذي وافته المنية، حيث شيع الجثمان بمقبرة ولاية السمارة، بحضور الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز وأعضاء الحكومة الصحراوية ووفد من الجزائر بقيادة رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية الصحراوية، الطيب الهواري، وجمع كبير من المواطنين. وكان الراحل المحفوظ اعلي بيبا قد رحل إلى جوار ربه عن عمر ناهز 57 سنة من العطاء في سبيل القضية الوطنية، حيث شغل مناصب في قيادة جبهة البوليساريو والجمهورية الصحراوية، منها عضو اللجنة التنفيذية ومجلس قيادة الثورة والوزير الأول، ورئاسة الوفد المفاوض مع المغرب بجانب مهام نضالية، تاركا بصمات شخصية صحراوية وصفت ب ''الفذة''. والفقيد المحفوظ اعلي بيبا أحمد ادويهي ولد سيدي يوسف وهي تسميته الحقيقية، ازداد بمنطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب سنة ,1953 متزوج وأب لثلاث بنات، درس في الكتاتيب القرآنية ثم تدرج بين المدارس الابتدائية والثانوية، لكنه لم يستطع إكمال دراسته لظروف عائلية، إطار سامي سابق في عدد من التخصصات- إبان الحقبة الاستعمارية- يجيد عدة لغات منها العربية، الاسبانية والفرنسية- انغرست فيه الوطنية منذ الصغر، عايش أحداث 17 يونيو 1970 وهو شاب يافع. وفي سنة 1972 لما علم بمظاهرات الطنطان قام بزيارة إلى جنوب المغرب ومن هناك أصبح منسقا بين الحركة الجنينية ومناضلي المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء. وبعد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) عين مسيرا عاما لفرعها الأساسي بمدينة العيونالمحتلة، حيث أشرف حينها على تنظيم الفروع في كل ضواحي مدينة العيون، وشكل أول خلية فدائية مع عدد من رفاقه. انتخب عضوا باللجنة التنفيذية لجبهة البوليساريو سنة ,1974 حيث أنيطت به مهمة التنظيم السياسي تأطير وتنظيم الفروع والخلايا- داخل المدن والمداشر الصحراوية الخاضعة للسيطرة الإسبانية. كان من بين وفد جبهة البوليساريو الذي أشرف على أول مؤتمر للوحدة الوطنية بعين بنتيلي أكتوبر 1975 رفقة الشهيد الولي. وقاد المحفوظ اعلي بيبا المفاوضات مع السلطات الاسبانية في المحبس حيث التقى الجنرال سان لزار ومساعديه، أين سلمهم أسيرا اسبانيا كان لدى جبهة البوليساريو واستلم الأسرى الصحراويين نهاية أكتوبر .1975 ولعب الراحل دورا محوريا في تنظيم الإدارة الوطنية أواخر سنة 1975 وبداية 1976 فأشرف على سير التعليم والصحة وعايش معاناة الصحراويات والصحراويين مع الغزو الملكي المغربي، وخفف من آلامهم بالتواجد الميداني معهم. كما شارك المحفوظ إلى جانب الشهيد الولي مصطفى السيد في الإعلان عن ميلاد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 فبراير ,1976 وكان أول أمين عام بالنيابة لجبهة البوليساريو بعد وفاة الولي مصطفى السيد حتى سلم تلك المهمة لأمينها العام المنتخب في المؤتمر الثالث سنة .1976 عين وزيرا للداخلية والعدل في أول حكومة صحراوية 04 مارس 1976 من أجل تقوية الإدارة الصحراوية وتكوين أطر كفؤة، حيث أشرف الفقيد المحفوظ اعلي بيبا على تسيير المؤتمرات الشعبية الأساسية الأولى أفريل ,1976 ودأب على ذلك إلى غاية مؤتمر عموم الولايات سنة .1980 ويعد المحفوظ اعلي بيبا من الشخصيات البارزة في قيادة جبهة البوليساريو حيث شغل منصب الوزير الأول ووزير الإعلام من 1982 إلى 1985 ثم عين وزيرا أولا من سنة 1995 إلى غاية 1999 قبل أن يشغل منصب رئيس المجلس الوطني الصحراوي ابتداء من سنة 2003 إلى غاية وفاته. بعد انتهاء عمل اللجنة التنفيذية سنة 1991 واستحداث مكانها أمانة وطنية عين المحفوظ وزيرا أولا في الجمهورية الصحراوية، كما تقلد المرحوم قبل ذلك عدة مناصب أخرى كمسؤول للعلاقات الخارجية لجبهة البوليساريو نهاية الثمانينيات وشارك حينها في الوفد المفاوض مع الحسن الثاني في مراكش يناير .1989 أسندت له مهمة رئاسة الوفد الصحراوي المفاوض مع المغرب سنة 1997 حيث وقع اتفاقيات هيوستن الشهيرة سبتمبر 1997 مع وفد مغربي برئاسة الوزير الأول المغربي وقتها وتحت إشراف جيمس بيكر كاتب الدولة الأمريكي الأسبق، وظل يضطلع بتلك المهمة حتى وفاه الأجل المحتوم يوم الجمعة 2 يوليوز.2010 منذ انخراطه في قيادة جبهة البوليساريو خلال مؤتمرها الثاني أوت سنة ,1974 ظل عضوا فاعلا سواء في اللجنة التنفيذية أو الأمانة الوطنية. بعد المؤتمر الحادي عشر لجبهة البوليساريو 2003 انتخب الفقيد رئيسا للمجلس الوطني الصحراوي وقد ترك بصماته في التشريع الصحراوي، كما بقيت تلك البصمة في كل الميادين التي أشرف على تسييرها مثل الداخلية، الصحة، الإعلام، العلاقات الخارجية وفي الولايات والمؤسسات الصحراوية، بحسب من خبروه . ويعتبره رفاقه ''شخصية صحراوية فذة يندر وجود مثلها في وقتنا المعاصر''.