كشف ''عرعار عبد الرحمان ''، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل، أن ظاهرة عمالة الأطفال قد عرفت انتشارا واسعا خلال شهر رمضان الكريم حيث تم استقبال حوالي عشرة أطفال تعرضوا لاعتداءات جنسية وعدة مضايقات أخرى وهم يزاولون نشاطاتهم التجارية ويضطرون إلى تحمل قساوة الشارع في سبيل الحصول على بعض المال الذي يساعدون به عائلاتهم. اعتبر ''عبد الرحمان عرعار'' رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل أن ظاهرة عمالة الأطفال التي برزت بقوة خلال شهر رمضان الكريم، جاءت نتيجة الديناميكية التي ترتبط عادة بهذه المناسبة نظرا لكثرة المصاريف التي يتطلبها حيث تقف العائلات الجزائرية عاجزة أمام ارتفاع القدرة الشرائية وتصبح غير قادرة على سد نفقاته الكبيرة. وفي ظل هذه الوضعية المزرية يتوجه أبناؤهم إليسوق العمل رغم صغر سنهم ويتخذون من السلع الرمضانية مصدر رزق لهم، حيث يجوبون الأسواق والأرصفة وهمهم الوحيد هو الحصول على مصروف يومهم مهما كانت الطرق والظروف التي يمارسون فيها نشاطاتهم التجارية تلك. كما أن العطلة الصيفية كانت فرصة فضل العديد من الأولاد استغلالها من أجل ربح بعض المال حتى يتمكنوا من اقتناء ملابس للعيد و الأدوات المدرسية، وهي فرصة استطاع من خلالها تجار الجملة أن يسوقوا سلعهم عن طريق استغلال الأطفال وهو ما يتجلى في حملهم للأدوات المدرسية والعديد من السلع فعوض أن يقوم هؤلاء الباعة بتوجيهها إلى سوق التجزئة يقومون بترصد التجار الصغار الذين يبحثون عن لقمة عيشهم، الأمر الذي يعود عليهم بالطبع بالفائدة المادية ويجنبهم خسارة المزيد من الأموال. وبخصوص تعرض هؤلاء الأطفال إلى العنف أثناء ممارستهم لعملهم في الشوارع، أكد ذات المتحدث في لقاء مع ''الحوار'' أن شبكة ''ندى'' باعتبارها تحرص على ضمان حقوق هذه الفئة من المجتمع الجزائري فإنها قامت، خلال شهر رمضان الكريم، باستقبال حوالي 10 أطفال تعرضوا إلى الاعتداءات الجنسية أثناء قيامهم بالبيع والذين تراوحت أعمارهم بين 14 و17 سنة أي أن أغلبهم من المراهقين وقد تم تقديم يد المساعدة لهم من خلال مرافقتهم لاتخاذ الإجراءات القضائية هذا إلى جانب مظاهر العنف الأخرى التي يلاقونها، حيث كثيرا ما تحدث مشاداة وسلوكات طائشة فيما بينهم خاصة فيما يتعلق بالتسابق لاحتلال الأرصفة أي أن دور هذه الشبكة لا يقتصر فقط على تقديم النصائح والتوجيه بل يشمل أيضا مرافقة الأطفال الضحايا والحرص على استرجاع حقوقهم، غير أن رئيس شبكة ''ندى'' استنكر أن يكون تدهور الوضعية الاجتماعية سببا كافيا يدفع بالأولياء إلى إرسال أولادهم إلى الشوارع غير مكترثين بالأخطار التي تحدق بهم، واستغرب جدوى وجود النصوص القانونية التي لا تطبق على أرض الواقع وتبقي الطفل عرضة لكل الآفات و الانتهاكات التي تقضي على براءته وتدخله في عالم آخر بعيد عن أحلامه وطموحاته. ومن هذا المنطلق تشرع شبكة ''ندى'' للدفاع عن حقوق الطفل استثمار مجهوداتها لحماية هذه الشريحة من الانحرافات والاستغلال بأنواعه، حيث ستشرع في إعداد برنامج يمتد إلى غاية 2014 يتعلق بظاهرة عمالة الأطفال التي أصبح عدد ضحاياها يدعو لدق ناقوس الخطر وبالتالي جاء مضمون هذا البرنامج حول كيفية بناء قدرات المجتمع المدني من خلال الحملات التحسيسية والتكفل الأنجع بالأطفال الضحايا لظاهرة عمالة الأطفال، هذا بالإضافة إلى توفير الحماية الاجتماعية والقضائية لهؤلاء الأطفال، حيث يتم العمل على إرساء بعض الآليات التشريعية التي من شأنها صيانة الحقوق الخاصة بهذه الفئة التي تحتاج دوما إلى الحماية في ظل وجود الانتهازيين. توسيع استعمال الرقم الأخضر ''3035 '' في 51 ولاية وفيما يخص الدخول المدرسي كشف ''عبد الرحمان عرعار'' أن الشبكة تعمل على تنبيه الأطفال غير المتمدرسين من أجل غرس ثقافة التوجه إلى المدارس فيهم وهذا عن طريق تنسيق مهامها مع وزارة التربية الوطنية وهي خطوة تهدف إلى مساعدة الأطفال على الدراسة وفقا لظروفهم الاجتماعية هذا في عدة حالات، فمثلا عندما يكون الوالدان منفصلان، حيث يعيش الطفل حالة لا استقرار وكذلك في حالة الاطفال الموضوعين تحت إطار الكفالة، حيث يواجهون صعوبات مادية و اجتماعية وكذلك عندما يمارس الأب سلطته على أولاده فيمنعهم عن الدراسة ويجبرهم على التوجه إلى سوق العمل، وهي عملية تجسد خاصة في ظل وجود 2 في المائة من الأطفال لا يلتحقون بمقاعد الدراسة وبالأخص في الولايات الداخلية والجنوبية، وهو ما يستدعي إيجاد الحلول الممكنة التي تقلص من هذه النسبة، أما عن ظاهرة العنف المدرسي فيضيف ذات المتحدث أن وجودها يعود إلى غياب ثقافة الحوار والتشاور واللجوء في أغلب الحالات إلى المجالس التأديبية لمعالجة المشاكل العالقة بين التلاميذ وأساتذتهم، فيما يبقى الحل عن طريق ممارسة الأنشطة الثقافية ومعالجة المشاكل من أصولها أي من الأسرة والسوط الخارجي. وبخصوص المشاريع المستقبلية أفصح رئيس الشبكة عن توسيع الرقم الأخضر ''3035'' بين ولايات الوطن، حيث صار منتشرا في حوالي 15 ولاية و مفتوحا لفائدة الأمهات والأطفال من أجل حل مشاكلهم وكذلك مشروع خاص بالعنف داخل المدرسة مبني على التوعية والتحسيس حول حقوق الأطفال ونبذ العنف، وقد كانت هناك تجربة أولى في هذا المجال لمدة سنة شملت 12 مدرسة عبر 3 أطوار وتوصلت إلى وجود غياب كبير في تلبية الاحتياجات خاصة بالنسبة للمراهقين سواء من حيث ملء الفراغ وإيجاد طرف يستمع إلى انشغالاتهم وكذلك جهل التلاميذ لمحتوى العديد من الوثائق التربوية وعلى رأسها النظام الداخلي للمؤسسة التي يدرسون بها.