تنشطون منذ سنوات في الجزائر، فكيف وجدتم مناخ الاستثمار في هذا البلد؟ ** سوق الاستثمار بالجزائر مغرية جدا، وعندما ندرس الجدوى الاستثمارية لأي مشروع بحسابات اقتصادية نجدها مثمرة جدا، ويسيل لها اللعاب، ولكن للأسف الشديد هذه المردودية العالية للسوق الجزائرية يقتلها الزمن، فالثمرة اليانعة التي يقطفها المستثمر مع المجتمع يقتلها الوقت والبيروقراطية التي تمارس في بعض دوائر الدولة مما يعيق نشاط المستثمر، فإذا أردنا أن نتطور أو نتقدم في ميدان الاستثمار العقاري والسياحي وأي مجال من المجالات الاستثمارية لا بد أن ينظر إلى المستثمر الأجنبي الذي قدم إلى هذا البلد على أنه شريك، فمن المهم أن نجلس مع هذا المستثمر ونرى ما هي آلامه وآماله حتى يكون هناك تعاون واحتكاك بين المستثمر والشعب وإطارات الدولة. كيف تعاملتم مع مختلف التحديات التي واجهتكم خلال تجربتكم الاستثمارية القصيرة بالجزائر؟ ** استطعنا من خلال تجربتنا في الجزائر أن نتكيف مع جميع الظروف مهما كانت هذه الظروف قاسية سواء كانت مادية أو معنوية.. ارتفاع أسعار مواد البناء، قضية مستوى الحرفية لدى العمالة الجزائرية من ناحية تطويره وتدريبه ممكن وسهل وأعطانا نتائج جيدة سواء في المكتب أو في الورشات، ومن خلال المقابلات التي أجريناها مع طالبي العمل لدى شركتنا وجدنا فيهم خامات محتاجة إلى تطوير، والآن لو تجلس مع المهندسين الجزائريين الذين عملوا معنا منذ أربع سنوات إلى حد الآن وتسألهم عن مستواهم المهني قبل التحاقهم بشركة ''سكن أنفست'' والحالة الراهنة فستكتشف أنهم اكتسبوا خبرات عالية، وحقيقة نحن نفتخر بالمهندسين الجزائريين الذين يعملون معنا، لأنه لديهم إمكانية للتكيف والفهم السريع، ونحن لم نبخل عليهم بالخبرات التي لدينا، لقد أعطيناهم كل ما نمتلكه من خبرة وتجربة نملكها، ووجدنا عندهم استجابة جيدة جدا، وهذه الإضافة مهمة جدا للشباب الجزائري ففرصة التدريب والتعلم أمر مهم خاصة عندما توضع أمامهم خبرات علمية وفنية عالية جدا، فهذا مكسب مهم جدا لهم في الحياة، فكما ترى فقد واجهنا مختلف العقبات والمشاكل التي اعترضتنا في الميدان إلا البيروقراطية فنحن نتألم من المشاكل البيروقراطية نتمنى أن تكون هناك جهة معينة نشكو لها همنا أظن أن هذا يلطف كربة المستثمر، فأننا إذا واجهتنا مشاكل نحتاج إلى وسيلة أو وسيط في دوائر الدولة ومداخل للوزارات لحل هذه المشكلة. لكن في الجزائر هناك الوكالة الوطنية لتطوير وترقية الاستثمار، ألا يكفي دور هذه الوكالة في الاستماع وتخفيف مشاكل المستثمرين الجزائريين و الأجانب، فضلا عن تأكيد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومختلف الوزراء على دعمهم للاستثمار العربي في الجزائر؟ ** نحن نتعثر في القضايا الإجرائية، يمكن أن يكون الشعار العام لسياسة الدولة هو الترحيب بالمستثمرين لاسيما المستثمرين الكبار، ونعتبر أنفسنا من المستثمرين المتوسطين، فنحن لا نشكوا من السياسة العامة للدولة ولكننا نشكوا من عدم تنفيذ هذه السياسة، التعثر يحدث في القضايا الإجرائية وليس في النظام العام، فالقانون موجود لكن ليس فيه من يراقب تنفيذ هذه السياسة ، فلو وجدت هذه الهيئة يمكن أن تقرب المسافة بين المستثمر وإطارات الدولة، هذا مع التأكيد على أن المجتمع الجزائري طيب وسمح ويحب الغريب ومضياف وليس مجتمعا مغلقا، وإذا جلست في أي مكان عام لن تجد أية مشكلة في التواصل مع الناس ففي كثير من المعاملات نجد الترحيب إلا في بعض الأحيان نشعر بالغربة، فبعض الإداريين الجزائريين يعتقدون بأننا جئنا لننهب البلد، ونحن في الحقيقة جئنا لنستثمر جئنا لنعيش ولنتعايش وما جئنا هنا لنقطف ثمرة ونمضي، فلدينا ربع قرن من الاستثمارات والمقاولات، فلسنا حديثي عهد بالاستثمار، وإنما لدينا خبرة، وخلاصة هذه الخبرة جئنا لنضعها في خدمة المجتمع الجزائري، نحن فعلا جئنا لنربح، لكن الربح بطريقة صحيحة والتي تخدم المجتمع، فنحن نشقى ونتعب وتمكنا من إسكان أكثر من200 عائلة وهذا يشعرنا بالفخر.. هل يمكنكم أن تحدثونا عن تجربتكم الاستثمارية في الخليج؟ ** تجربة الاستثمار في الخليج جيدة جدا، فالمستثمر خلال أيام يمكنه الحصول على الترخيص الذي يمكنه من تأسيس شركة تستفيد من دعم الدولة، والإجراءات الإدارية جد سهلة كما تعتبر دبي في الريادة في هذا الشأن وتأتي معها السعودية وقطر، لوجود نظام واضح، فالمستثمر من يوم دخوله البلد يعرف ما له وما عليه سواء من ناحية الضريبة أو من ناحية التنظيمات، فتجد كتيبات تحتوي على النظام الداخلي للهيئة العامة للاستثمار، صحيح أن هناك بعض الروتين بالنسبة لبعض الإجراءات ولكن سنة بعد سنة يختصر، فمثلا كان لتجديد ترخيص الاستثمار لمؤسستنا في السعودية (مؤسسة الحسيني للمقاولات) يطلب منا سنويا 11 ورقة يجب أن تكون مجددة وسارية المفعول، وقد جددنا مؤخرا رخصة الاستثمار بحيث اختصرت الأوراق ال11 إلى 3 أوراق فقط، وحقيقة كنت مسروراً، لأنك تخرج ورقة من البلدية وأخرى من التأمينات... وكل واحدة لها مدة صلاحية محددة ويجب أن تكون جميع هذه الأوراق سارية المفعول لحظة تجديد الترخيص كانت قضية جد صعبة وتحتاج إلى جهد، فلوجود لجان تدرس وتستمع لشكاوي المستثمرين، حيث هناك موقع للهيئة العامة للاستثمار ويمكنك أن ترسل إليهم عبره رسالة إلكترونية توضح فيها المشاكل التي تعاني منها، وهناك رقابة وعين ساهرة تحاول أن تخفف الأعباء عن المستثمر. ما هو تقييمكم لحصيلة نشاطكم بعد أربع سنوات من تواجدكم في الجزائر؟ ** حاليا وبعد كل هذه المدة شرعنا في دراسة وضعنا هل نحن نخسر أم نربح، خاصة مع ارتفاع أسعار مواد البناء، وقد ارتبطنا بعقود مع زبائننا لا يمكننا تغييرها، وقد أثر علينا التأخر في منح تراخيص البناء التي تتطلب من الوقت أكثر مما يتطلبه إنجازوتنفيذ المشروع ذاته، فهناك خلل في هذا الشأن وهذا لا نرضاه للجزائر لذلك نقترح أن يخصص مركز يتحدث مع المستثمرين ويمثلهم. لكن مستوى الربحية في قطاع العقار بالجزائر جد مرتفع، فما الذي يدعوكم للقلق على مستقبل مشاريعكم؟ ** عندما تدرس الجدوى الاقتصادية لمشروع تجد أن الربحية الاقتصادية في الجزائر أعلى من دول الخليج، لأن الجزائر بلد نامي ومعظم سكانه شباب، وهو بلد غني ومشبع بالثروات وهناك عطش شديد للجزائريين لحل مشكلة الإسكان، وسيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحدث عن قضية الإسكان وعمل على حلها من خلال برنامج المليون سكن وشجع المستثمرين لحل هذه القضية، ونحن نشارك في حل هذه القضية ونتمنى أن نسد ثغرة من ثغرات المجتمع، وقد أنجزنا في الجزائر حوالي 200 شقة على أن نبدأ في مشروعنا الثاني قريبا بعد الانتهاء من هذا المشروع، ولكن في الحقيقة صدمنا بقضية الترخيص والروتين الذي استغرق منا حوالي سنتين، لذلك آثرنا أن نعيد النظر ونجري دراسة ثانية على المشروع للحصول على أرقام حقيقية قبل البدء في المشروع الثاني. ما هي حجم ربحية السوق الجزائرية مقارنة بغيرها؟ ** الربح في الحالات العادية في حدود 20 في المئة إذا كان مناخ الاستثمار جيدا، وعندما وصلنا إلى الجزائر وجدنا أن هذه النسبة قد تترتفع إلى 25 بالمئة لكن ما قضى على هذه الربحية هو الوقت، فالربحية يجب أن تكون سنوية، فالمشاريع تحسب ربحيتها على مدى سنة وسنتين، ولكن تفاجأنا عندما يستغرق المشروع الذي مدته سنة ونصف أو سنتين أربع سنوات هذا ما يقضي على الربحية، فمثلا أريد أن أربح مليون دينار خلال سنة ولكن عندما يتم تقسيم مليون دينار على أربع سنوات يفقد أهميته، نحن دخلنا إلى الجزائر متفائلين ولكن للأسف ما حصل خسرنا الكثير من أرباحنا في مشروعنا الأول بسبب تمدد مدة المشروع، حيث انخفضت نسبة الربحية، بسبب ارتفاع أسعار جميع مواد البناء على رأسها الحديد والإسمنت، وأثر ذلك كثيرا على نسبة الربحية.