استغلت وزيرة الثقافة خليدة فرصة وجودها على رأس الوفد الجزائري المشارك في فعاليات الاسبوع الثقافي الجزائري في القاهرة أواخر ديسمبر الماضي، لتدافع عن قرار تنحية الدكتور امين الزاوي من على راس المكتبة الوطنية، موضحة في كلمتها التي ألقتها في القاعة الكبرى بمقر اتحاد الكتاب المصريين حيث جرت اشغال مؤتمر الترجمة الدولي. أن قرار استبعاده كان اداريا محضا وليس بسبب دعوة الشاعر الكبير ادونيس للجزائر وأبدت الوزيرة عرفانها وتبجيلها للشاعر أدونيس واصفة اياه بالتاج على رأس الثقافة العربية وانه اعتذر عن تلبية دعوتها برسالة خطية لمرضه. ولعل ما دفع الوزيرة لتوضيح مثل هذه الحقائق في هكذا مناسبة وفي خارج البلاد تلك الزوبعة التي خلفتها إزاحة الزاوي من منصب مدير المكتبة الوطنية بعد سنوات من النشاط والحركية مما صدم شريحة عريضة من المثقفين والمتتبعين للشان الثقافي على المستويين الداخلي والخارجي. وفي تعقيبه على الكلمة الترحيبية التي ألقتها تومي في مقر الاتحاد لاحظ الروائي جمال الغيطاني رئيس تحرير اخبار الأدب ان الوضع الثقافي لا يختلف بين الجزائر ومصر وان تفاوتت الدرجات، وأبدى في افتتاحيته المنشورة في العدد الاخير للصحيفة المذكورة تحسره عندما وجهت تومي في مستهل كلمتها تحيتها للأدباء الحاضرين واصفة اياهم بأصحاب الجلالة، وتمنى لو أن ذلك صحيح لأن الأنظمة الحاكمة على احتقارها للثقافة والادب لم تستهدف المثقفين مهما اختلفت، في حين ينشط بالمقابل دعاة الدولة الدينية الذين يجدون في الادب والادباء هدفا سهلا بدءا من محاولات الاغتيال الى تسميم المناخ والمطاردات القضائية، مستشهدا بالعديد من الحالات التي عاشتها الساحة الثقافية في مصر وآخرها الحكم الذي وقع على جابر عصفور والقاضي بتغريمه مبلغ خمسين الف دينار. وفي رده على كلمة الروائي واسيني لعرج الذي كان ضمن الحضور والتي عاتب فيها اهل المشرق على عدم اهتمامهم بأهل المغرب وثقافته وقلة اهتمامهم، أوضح الغيطاني ان ذلك ربما كان له ما يبرره في الماضي اما في الوقت الحاضر فقد اختلفت الاشياء وأصبحت هناك جسور قوية بين الأدباء المغاربة بالمعنى الكبير وللجزائريين خاصة حضور قوي في المشرق. إلا انه يرى ان الجهد مازال مطلوبا من اجل تمتين الأواصر الثقافية بين المغرب والمشرق وهي إجابة لا تخلو طبعا من الصبغة الدبلوماسية فالكفة الثقافية والادبية مازالت راجحة لفائدة المشرق الذي نكنّ له ولمبدعيه وأدبائه كل التقديروالتبجيل، ونعترف لهم بالقيمة والاهلية الثقافية والحضارية التي تشرفنا بقدر ما تشرفهم، إلا ان الوقت قد حان لتنال الثقافة والاداب المغاربية عامة حقها اي ما تستحقه من الضوء والعرفان، ويتاح لها المجال لأن تكون بملء زخمها وعمقها الى جانب نظيرتها المشرقية، ووقتها سوف يحدث التلاقح والتكامل وتتولد الروح الجامعة لكلتا الحضارتين .