أكدت العديد من الأحزاب الجزائرية العتيقة منها و الجديدة أن التحالف أمر عادي، وتحدث هذه العملية في جل بلدان العالم، وتكرر حدوثها في الساحة السياسية الجزائرية لاسيما عند الاستحقاقات الكبرى، و في إطار الاتجاه نحو التكتلات والتحالفات في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، مواكبة للأحداث المتسارعة، أصبح لزاما ومفهوما بشكل واضح أن الأحزاب القوية أو الصغيرة ليس لها خيار غير التكتل. تجلت على الساحة السياسية تحالفات وتقاربات حزبية، حيث أصبحت ضرورة ملحة حسب المتتبعين بالنظر إلى جملة التغيرات الدولية والإقليمية الحاصلة هنا وهناك، وظهور الثورات العربية التي جاءت بما يسمى “بالربيع العربي”، وكذا حالة اللا أمن المحيط بالجزائر من انفلات أمني وصولا الى الأطماع و التحركات الإستراتجية ضد البلاد جعل من الأحزاب الجزائرية تسعى بكل الطرق إلى التقارب السياسي، والعمل على تكوين تحالفات. متغيرات الساحة السياسية تفرض واقع التحالف اختلف ساسة في البلاد حول موضوع التقاربات والمشاورات المكثّفة التي تقوم بها العديد من الأحزاب السياسية، خلال المرحلة الراهنة، فاعتبر البعض أن معطيات الساحة السياسية تفرض عليهم الدخول في تحالفات كونها تمدّهم بالقوة، واصفين هذه الخطوة بالفعالة والجيدة، في حين يرى آخرون أن هذه التكتلات تدخل في إطار تحقيق المصلحة العامة للخريطة السياسية للبلاد. الأحزاب تعمد التقارب للتموقع داخل الخريطة السياسية أكد العديد من المحللين السياسيين و القارئين للشأن و الخريطة السياسية في البلاد من خلال تدخلاتهم، أن المرحلة التي تمر بها الجزائر خاصة بعد مرض رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، سمحت بفتح الباب أمام تحوّلات جذرية لهرم السلطة، مشيرة الى أن الأحزاب السياسية تسعى للاستثمار في هذا الوضع. و أن الهدف من التقارب بين الأحزاب السياسية في الفترة الأخيرة، هو التموقع داخل الخريطة السياسية الجديدة، وأنه هناك أحزاب سياسية صغيرة وضعيفة ليس لها شعبية كبيرة، تجد في حزب آخر يكون أقوى منها، وسيلة لكي تتموقع في الخريطة السياسية، كما أجمع العارفين بالحال السياسة بالجزائر أن هذه التكتلات تسمح بتقارب الآراء والمواقف من أجل الظهور بمظهر يكون أكثر مصداقية على مستوى الشارع الجزائري، و أن الشيء الذي يثير الاهتمام، هو أن هذه التحالفات تحاول إيجاد قاعدة مشتركة فيما بينها، وهي ليست مألوفة بالنسب للمواطن الجزائري، إلا أنه من الناحية القانونية لا يمكن الاعتراض عليها. محمد سلامنة، العضو بالمكتب الوطني للأفافاس: التكتلات جاءت مناسبتية وبعضها لن تطول أكد العضو بالمكتب الوطني لجبهة القوى الاشتراكية، محمد سلامنة في تصريح سابق له أن التقارب والتوافق الذي تسعى لخلقة بعض التشكيلات الحزبية في هذه الفترة بالذات هو مجرد محاولة “فاشلة” منها لخلق تكتلات مصلحيه ومناسبتيه ستكون ضعيفة كونها تهدف للتوغل داخل السلطة بدل السعي وراء تقوية هيكلتها الحزبية وتوسعتها داخل المجتمع. و قال أن محاولة خلق توافق بين الأحزاب السياسية شيء طبيعي في الديمقراطيات التي تحترم العمل الحزبي والسياسي، إلا أن مثل هذه الخطوات من طرف بعض الأحزاب في الجزائر جاءت متأخرة، وأضاف أن الأحزاب تسعى بالدرجة الأولى من خلال خلق توافق سياسي بينها وبين أحزاب أخرى إلى التوغل داخل السلطة ومجابهة أحزاب النظام من خلال تكتلات ضعيفة وفاقدة للوزن الشعبي بدل أن يكون هدفها الأساسي هو تقوية هيكلتها وقاعدتها الشعبية، وقال سلامنة أن هذه التكتلات جاءت “مناسبتية” ومربوطة بالأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد وأشار ذات المتحدث أن التشاورات التي تقام بين بعض الأحزاب السياسية مثل ”الأرسيدي” و”حمس” لن تطول لأنها مجرد تكتيك سياسي، كون هذين الحزبين لا يملكان نفس الرؤى والإيديولوجية، وهما مختلفان مئة وثمانون درجة، ما يعتبر مؤشر على فشل هذه التكتلات في المستقبل القريب. جهيد يونسي: التكتلات الحالية عادية قبل كل استحقاق كبير أكد الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، محمد جهيد يونسي في تصريح له، أن النشاطات والمؤتمرات الأخيرة التي تشهدها الساحة الوطنية من طرف بعض الأحزاب لا تندرج ضمن مفهوم التكتلات التي يسعى من ورائها أصحابها للتموقع قبل الرئاسيات، إنما هي في الواقع توسعات دائرية طبيعية. و قال أن معظم النشاطات الحزبية تعتبر طبيعية وهدفها التواصل مع غيرها من شأنها توسيع دائرة التواصل بين مختلف الأحزاب، و أنها لا تندرج ضمن التكتلات التي يسعى من وراءها أصحابها للتموقع قبل الرئاسيات وإنما “هي في الواقع توسعات دائرية طبيعية ولقاءات للتقارب حول المشاكل السياسية الراهنة”. وكذا أشار الى أن المؤتمرات والنشاطات التي يشارك فيها شخصيات من مختلف الأحزاب تعدّ ضمن الأجواء الطبيعية وهدفها التقارب وتقليص دارة الخلاف بين الأحزاب، كما أنها تعتبر علامة صحية جيدة من شأنها توثيق المصالح من القضايا والمشاكل السياسية والاجتماعية الراهنة، وأوضح يونسي، أن الوقت لم يحن بعد لبعث إلى ما يسمى بوادر التحالف من أجل الرئاسيات، مضيفا أن الأحزاب حاليا في مرحلة التشاور الداخلي من أجل بناء ورسم مستقبلها في الرئاسيات، ومن ثم تأتي مرحلة التحالف والتحضير للرئاسيات، -حسب المتحدث-. نعيمة صالحي: بإمكان الحزب الإسلامي أن يتحالف مع اشتراكي وهي خطوات جيدة أوضحت رئيسة حزب العدالة والبيان، نعيمة صالحي، أن التكتلات التي تقوم بها العديد من الأحزاب السياسية خلال هذه الفترة، هي محاولة لتشكيل قوة تحضيرا لرئاسيات 2014، واصفة هذه التحالفات بالخطوة الرائعة والجيدة، وقالت من تحالف حزبين أو أكثر في تكتل واحد واضح خاصة في هذه المرحلة التي تستعد فيها الطبقة السياسية لأهم استحقاق وطني، مشيرة في هذا الصدد إلى الكم الهائل من التحالفات التي شُكّلت والتي هي بصدد التشكيل تحضيرا للرئاسيات القادمة، خاصّة في ظل الأوضاع السياسية التي تمرّ بها البلاد، وأن التكتل لم يعُد يقتصر على الأحزاب ذات الإيديولوجية الواحدة، فبإمكان الحزب الإسلامي حسبها أن يتحالف مع اشتراكي أو غير ذلك، معتبرة أنّ الغاية من هذه الخطوة هو ضمان الخير للجزائر. جمال بن عبد السلام: التحالفات مفروضة نظرا لمعطيات الساحة السياسية أكّد رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، أن كل الاحتمالات واردة في الأيام المقبلة، غير مستبعد مشاركة حزبه في الرئاسيات أو الدخول في تحالف، وأرجع قرار المشاركة في الرئاسيات والتحالف سيتحدّد نتيجة لمعطيات الساحة السياسية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا الأمر يعود إلى مؤسسات الحزب وحدها، وأضاف أن تشكيل تكتلات هو أمر مفتوح على جميع الأصعدة، ومن حق أي أحزاب سياسية حسبه أن تتحالف، مؤكّدا أن ما تشهده البلاد في الوقت الراهن يُحتّم علينا الدخول في تحالفات استعدادا للرئاسيات. نعمان لعور: التقارب بين الأحزاب السياسية يمدها بالقوة أكد رئيس المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء، نعمان لعور، أن التحالفات التي تشهدها الأحزاب السياسية هي أمر طبيعي وإيجابي، موضحا أن هذا التقارب بين الأحزاب يمدها بالقوة، أن الهدف من هذا التقارب، هو إيجاد القواسم المشتركة بين الأحزاب، منوّها إلى أن الأمور المتفق عليها يتم التعاون فيها، والمختلف عليها يتم طرحها للحوار، كما أضاف ذات المتحدث، فيما يتعلق بالتحالفات بين الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي والعلماني، أن معظم الشعب الجزائري مسلم، سني، كما أنه لا توجد طوائف وهذا شيء متفق عليه، والاختلاف يكمن في البرنامج وكيفية إدارة منظومة الحكم، بالإضافة إلى شكل الديمقراطية، منوّها إلى أنه يجب الاتفاق والتعاون عليها حتى لا يكون هناك أي إشكال. بلعيد:استبعد أي تحالف مع أحزاب أخرى تحسبا للانتخابات الرئاسية القادم استبعد رئيس حزب جبهة المستقبل بلعيد عبد العزيز التحالف مع أحزاب سياسية أخرى بمناسبة الانتخابات الرئاسية القادمة. و أشار بلعيد في ندوة صحفية نشطها سابقا على هامش يوم تكويني لفائدة مناضلي حزبه أن تشكيلته السياسية ''توجد في مرحلة بناء'' و أن فكرة التحالف مع حزب أو مجموعة أحزاب ''ليست في جدول أعمالها حاليا على الأقل فيما يخص انتخابات 2014''. و أضاف في هذا السياق أن أولوية الحزب في الوقت الحالي هي ''ضمان تواجده في كل بلديات الوطن'' متمنيا ''إجراء الانتخابات القادمة في ظروف عادية'' حاثا على ''ضرورة احترام الأخلاقيات في ممارسة النشاط السياسي''. و أعتبر أنه " لا يعقل" اقتصار نشاط الأحزاب على المواعيد الانتخابية فقط و عدم وجود برامج واضحة بحوزة بعض الأحزاب. و فيما يخص الجانب الاقتصادي أشاد بلعيد بمساعي الحكومة الحالية المتعلقة بإعادة تأهيل و عصرنة المؤسسات العمومية معتبرا أن تسيير النفقات العمومية يكتسي أهمية قصوى باعتبار أن الاستثمار لا يمكن أن يأتي بمردود إذا لم يتم بشكل عقلاني.