أحدثت الخسارة غير المتوقعة للمنتخب الوطني أمام منتخب جمهورية إفريقيا الوسطى أول أمس بالعاصمة بانغي بملعب ال20 ألف مقعد، صدمة كبيرة في صفوف الوفد الجزائري، الذي لم يتوقع أن يجد منافسا عنيدا وجمهورا عريضا لمنتخب غير مصنّف ولم يشارك في تصفيات كأس أمم إفريقيا منذ عشرين سنة كاملة. ما حدث للمنتخب الوطني ببانغي جعل كل الوفد الجزائري يقف مشدوها، بعدما تحوّلت التشكيلة الوطنية في ظرف سنة واحدة من النقيض إلى النقيض، حيث أطاحت بأبطال إفريقيا وتألقت في كأس أمم إفريقيا ومثّلت العرب في المونديال، ثم لبست ثوب الأبطال وأصبحت تسقط أمام منتخبات صغيرة وفقيرة على غرار إفريقيا الوسطى وحتى مالاوي في كأس أمم إفريقيا الأخيرة. اللاّعبون التزموا الصمت المطبّق ولزم كل لاعبي المنتخب الوطني الصمت عقب نهاية المباراة، ورفض الجميع الحديث إلى الصحافيين بفندق ''لوسونتر''، رغم أن الموفدين الإعلاميين الجزائريين مكثوا لأكثر من أربع ساعات أمام الفندق، حيث تحاشى كل واحد منهم تبرير الهزيمة ''لأنه لا يوجد أي شيء جدير بذكره بعد الذي حدث''، حسب خالد لموشية الذي اكتفى بهذا القول، وهو يعتذر لنا عن امتناعه عن الإدلاء بأي تصريح. وحين اقتربنا أيضا من الظهير الأيسر، نذير بلحاج، حين التحق بالحافلة التي أقلّت ''الخضر'' من الفندق إلى المطار، بادرنا بالاعتذار بمجرد طلبنا منه الإدلاء بتصريح ولو مقتضب، حيث لوّح بيده وهو يقول ''أعذروني، ليست لدي القدرة على الكلام''، وأمام إلحاحنا عليه بالقول بأن الخسارة لا تمنع أي لاعب من تقديم انطباعاته، أردف لاعب السدّ ومحياه يوحي بأنه متأثر لما حدث في بانغي ''أعلم بأن الخسارة ليست نهاية العالم، وبأننا لم نخرج بعد من السباق، لكنني أفضّل عدم الكلام، وأنا آسف على ذلك''. خروج بقية لاعبي المنتخب الوطني من فندق ''لوسونتر''، عقب تناولهم لوجبة العشاء، ميزه صمت جنائزي، وبدا عنتر يحي ومجيد بوفرة ورفيق زهير جبّور وآخرين على أهبة الاستعداد للاعتذار لأي صحفي يريد أخذ الانطباعات، فكانت ملامح الجميع متشابهة تقريبا، وكأنهم ارتدوا جميعهم قناعا واحدا يرسم نظرات ثاقبة وبسمة غائبة وعيون غير متأملة فيما حولها، وساروا جميعا بخطوات ثابتة نحو الحافلة، بشكل قدّم رسالة واضحة لكل الحضور بأن لا رجاء في الظفر بأي تصريح يحمل تبريرات الخسارة القاسية، دون أن يتلفظ أحدهم بأية كلمة. رئيس الفاف يواسي نفسه وخلافا للاّعبين الذي التزموا الصمت المطبّق واتفقوا على عدم الخوض في أسباب سقوط منتخب مونديالي أمام منافس مغمور، جاء رئيس الاتحادية ليلقي بكلمات متناثرة بين الحين والآخر، في الملعب وأمام الفندق، ويقول لجمع الإعلاميين الجزائريين، وهو على وقع الصدمة أيضا وفي قمة الغضب بسبب الإخفاق وظروف إجراء المباراة، بأن المنتخب الجزائري لم يخرج من السباق، وقال محمّد روراوة وهو يواسي نفسه والصحافيين الجزائريين وبعض الفضوليين من الجالية الجزائرية في إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية الذين تابعوا المباراة بالملعب، بأن الحظوظ لا تزال قائمة، مشيرا في وقت لاحق بلهجة حملت في طياتها التأكيد على أن القائل واثق من كلامه ''يجب أن نعلم بأن ثمة 12 نقطة في المزاد، ست نقاط داخل القواعد وست خارج القواعد، وعليه، فالأوراق في هذه المجموعة لم تحسم لأي منتخب، ولا تنسوا بأننا سنستقبل المنتخب المغربي وعلينا تحقيق الفوز، وبعد ذلك يمكن لنا التفاوض من موقع قوة مع نظرائنا من المغرب في لقاء الإياب، ولدينا أيضا تنقلا إلى تانزانيا قد يكون أقل صعوبة، قبل أن نستقبل منتخب إفريقيا الوسطى''.