بلقاسم كريم وأعمر أوعمران يتحملون مسؤولية إبعاد المصاليين من الثورة المصاليون ساهموا في الثورة وتسعة منهم أعدموا بسجن سركاجي كشف المجاهد أرزقي باسطا أن المصاليين شاركوا في حرب التحرير منذ قيامها يوم الفاتح نوفمبر، بدليل أن تسعة منهم أعدموا بسجن سركاجي. وأوضح أن كثيرا من المصاليين التحقوا بجبهة التحرير منذ سنة 1956، وكوّنوا خلايا الفدائيين في القصبة. وحمّل كلا من: محمد بوضياف، وبلقاسم كريم وأعمر أوعمران مسؤولية إبعاد المصاليين من الثورة. قال أرزقي باسطا، مسؤول أول كوموندو مسلح استعد للثورة بالقصبة باسم مصالي الحاج، إن محمد بوضياف يتحمّل مسؤولية إقصاء المصاليين من الثورة؛ فهو الذي أوصى الثنائي كريم بلقاسم وعمر أوعمران بعدم الاعتماد على الخلية المسلحة التي تكونت بالقصبة استعدادا للثورة باسم مصالي الحاج، وتركهم كقوات احتياط، وعدم الاعتراف بهم كجزء من قوات جبهة التحرير الوطني التي فجرت الثورة. وعاد أرزقي باسطا إلى خلفيات هذه القضية، بحيث توقف عند الخلافات والانقسامات التي برزت داخل صفوف حزب الشعب انتصار الحريات الديمقراطية وتفاعلاتها على مستوى القصبة. موضحا أن بوضياف بقي متأثرا بالشجار الذي حصل بينه وبين اثنين من المناضلين المصاليين في شهر رمضان ,1954 وكان حينها رفقة رابح بيطاط. ما تسبب في ظهور تنافر بين بوضياف وبين أتباع مصالي من مناضلي القاعدة. وذكر باسطا، الذي صدرت مذكراته عن دار الهدى بعنوان ''مواقف وشهادات عن الثورة الجزائرية''، أن أحد المركزيين هدده قائلا ''ستدفع الثمن غاليا بسبب ما فعله مناضلوك''. وكشف أرزقي باسطا أن محمد بوضياف وكل أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل، كانوا يتظاهرون بالحياد، لكنهم في الأصل كانوا يعملون مع المركزيين جنبا إلى جنب، وجاء ردهم عنيفا بحيث اعتدوا سوية على مقر الحزب، كرد فعل عن الشجار الذي وقع بساحة الشهداء. وأرجع ضيف ''الخبر'' تمسك المناضلين على مستوى القاعدة بمصالي الحاج، لمعرفتهم أنه لم يكن ضد خيار الثورة والعمل المسلح، على خلاف أعضاء اللجنة المركزية، الذين اعتمدوا على سياسة التسويف؛ بحيث قال مزغنة لكريم بلقاسم يوم 19 جويلية 1954 ''إن إطلاق الثورة يتطلب وقتا كبيرا ورجالا وبالخصوص كثيرا من المال''. ويعتقد باسطا أن بلقاسم كريم أصيب بالخيبة، وأصبح يشك في مصداقية المركزيين في ما يخص بخيار العمل المسلح، فاقترب من اللجنة الثورية للوحدة والعمل. وأوضح ضيف ''الخبر'' أنه التقى في أكثر من مناسبة بكل من عمر أوعمران وكريم بلقاسم، واجتمع معهما في بيته بالقصبة، وأخبرهما باستعداد المصاليين للثورة، وذلك ما أدركه بوضياف لاحقا لما اجتمع بهم في القصبة. وقال باسطا: ''لقد كان كريم وأوعمران على معرفة أننا كنا على أتم الاستعداد لخوض غمار العمل المسلح. لقد كانا يعلمان أن لدينا ست مجموعات، مجموع عناصرها ستون رجلا، يضاف إليها مجموعات أخرى بمجموع ثلاثين رجلا، هم على أتم الأهبة للقتال. وإن كانوا متحلين باليقظة ومحافظين على برودة أعصابهم، كان هؤلاء الرجال ينتظرون فقط صدور الأوامر ليهبوا للقتال. لكن للأسف الشديد، فقد كان اندلاع الثورة قد بدأ في جو من الشك والريبة والفرقة''. وذكر أرزقي باسطا أن الكوموندو المسلح الذي كوّنه وأشرف عليه خطط لتنفيذ عدة عمليات اختطاف على مستوى العاصمة، تستهدف شخصيات فرنسية، وأعلم كريم وأوعمران بذلك، وقال ''هذا دليل كاف لإبراز مدى استعدادنا للعمل المسلح منذ الساعات الأولى لقيام الثورة''. وأضاف ''كانت النتيجة التي وصل إليها مناضلونا أنهم مع العمل المسلح، لكن دون الانضمام إلى لجنة يتحكم فيها المركزيون''. واتضح ذلك للمصاليين من خلال كلام الأمين العام الجديد لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، مولاي مرباح لكريم بلقاسم، الذي كلّف من قبل اللجنة الثورية للوحدة والعمل لجس نبض إدارة الحزب ومدى استعداده للثورة، وهذا نصه ''قل لهؤلاء المناضلين أن يعودوا للحزب لا أكثر ولا أقل''. ويمكن إدراك نفس التردد والمماطلة بالنسبة لخيار العمل المسلح لدى المركزيين، من خلال ما جاء على لسان حسين لحول ''في عام 1950 وبوجود ألفي رجل مسلح (أعضاء المنظمة السرية) باءت المحاولة بالفشل، نحن نرفض المغامرة''. ويعتقد باسطا أن مواقف المركزيين وتماطلهم هي التي دفعت القبائل للانضمام إلى اللجنة الثورية للوحدة، والعمل في السرية التامة في أوت .1954 وكشف باسطا، بالمناسبة، عن وجود ثلاثة تيارات كانت تستعد للثورة، وتتحين الفرص، وهم أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل، جماعة البربريست على مستوى بلاد القبائل والتي تضم: بناي واعلي، عمر أوصديق وآيت حسين، والمصاليين الذين بقوا أوفياء للزعيم مصالي، إضافة إلى بعض قدماء ''لوس''. مضيفا ''لقد أخبر كريم بلقاسم، الذي اتصل بجميع الأطراف، أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل باستعدادات المصاليين وجماعة ''البربريست'' لإعلان الثورة، فجاء قرار تفجير الثورة يوم 1 نوفمبر من قبل أعضاء اللجنة حتي يسبقوا الجميع''. وقال ''استغربت من الكلام الذي سمعته من عمر أوعمران يوم 31 أكتوبر في حدود الساعة العاشرة ليلا، حيث قال لي: عليك بتوخي الحذر يا أرزقي''. وبعد ساعتين قامت الثورة، دون أن يخبرنا أحد بذلك. علما أنني أعطيت لأوعمران في نفس اليوم كمية من الأسلحة، وعشرة لترات من مادة الكلوروفورم، وقدمت له أحد الكيميائيين المختصين في صنع القنابل، وكان على علم باستعداداتنا للسير معهم، لكنه أخفى علي أمر قيام الثورة.. كم كانت الخيبة كبيرة حين شرحت ذلك للمناضلين ما أقدم عليه كريم بلقاسم وأوعمران وتفجيرهما للثورة دون الاعتماد علينا، حيث لم يكونا يثقان بنا لظنهما أننا لسنا مع العمل المسلح''. ورغم هذا، يقول أرزقي باسطا، إن المصاليين ساهموا بشكل كبير في المجهود الثوري، ونفذوا عدة عمليات ضد العدو الفرنسي على مستوى القصبة، وهم من اغتال رئيس جمعية رؤساء بلديات الجزائر أميدي فروجي. وهذه العملية بالذات نفذها مناضل مصالي من بوسعادة يدعى حمدي باديس يوم 28 ديسمبر .1956 موضحا أن تسعة من المناضلين المصاليين الذين نفذوا عمليات ضد العدو الفرنسي أعدموا بالمقصلة في سجن سركاجي، من بين سبعة وستين إعداما. وخلص إلى أن المصاليين التحقوا بجبهة التحرير الوطني، وهم من شكل النواة الأولى لخلايا الفدائيين بالقصبة لما قامت معركة الجزائر. وبخصوص مساره الشخصي، أوضح أنه انضم لجبهة التحرير الوطني في فيفري 1955 بالقاهرة التي لجأ إليها فارا من ملاحقات الشرطة الفرنسية، وقد كلفه أحمد بن بلة بإيصال شحنة من الأسلحة إلى الولاية الأولى، بعد أن أدرك (بن بلة) صحة نواياه الثورية. ومنذ هذا التاريخ، كلف أرزقي باسطا بعدة مهمات صعبة منها تحقيق المصالحة بين العقيد أوعمران من جهة والمناهضين لقرارات مؤتمر الصومام بالولاية الأولى من جهة أخرى. كما كلّف بمهمة المصالحة بين العقيد هواري بومدين وأعضاء الحكومة المؤقتة سنة .1961 أما آخر مهمة كلف بها كانت سنة 1963 حيث انتدبه محساس للاتصال بالعقيد محند أولحاج والصلح بينه وبين الرئيس أحمد بن بلة. لكنه رفض عدة مهام أخرى، منها مهمة قتل أحمد محساس بسويسرا، بأمر من العقيد عمر أوعمران، عقب الخلافات التي نشبت بين لجنة التنسيق والتنفيذ والثنائي بن بلة محساس. يذكر أن أرزقي باسطا تناول جوانب جد مثيرة من تاريخ الثورة في مذكراته المتوفرة الآن في المكتبات.