طلب الوزير الأول، أحمد أويحيى، من مصالح الإدارات المحلية للولايات النظر في الآلاف من شكاوى المقاولين الذين لم ينالوا مستحقاتهم لحساب المشاريع العمومية، وبتسوية وضعياتهم حتى لا تؤثر على مسار إنجاز البرنامج الخماسي الجديد. تسعى الحكومة للتخلص من المستحقات المالية للمقاولين العالقة، على إنجازهم المشاريع العمومية، وعلى رأسها تلك الداخلة في البرنامج الخماسي السابق 2004 إلى 2009، حيث يشتكي آلاف المقاولين من عدم حصولهم على مستحقاتهم. وقال مصدر على صلة بالملف أن الوزير الأول طلب من الولاة الإيعاز لمصالحه الإدارية دراسة وتسوية الوضعية المالية للمقاولين تحسبا لتسديد مستحقاتهم. وأثارت المستحقات المالية العالقة إشكالا كبيرا بالنسبة للقطاعات المسجلة للمشاريع العمومية، جراء عزوف عدد منهم عن المشاركة في المناقصات المطروحة الخاصة بالمنشآت والمرافق العمومية، بسبب تأخر حصولهم على مستحقات مالية متأخرة عن مشاريع قاموا بها في السابق. وسجل غياب العديد من المقاولين عن مناقصات المشاريع الجديدة بعد أن درجوا على المشاركة في المناقصات في إطار البرامج التنموية، خاصة في قطاعات السكن والصحة والإدارة العمومية ومرافق قطاع التعليم. وعرفت بعض الولايات، خلال الأشهر الأخيرة، احتجاجات من قبل أصحاب شركات المقاولة بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم، كان آخرها احتجاج نحو 200 مقاول من ولاية خنشلة أمام مقر مديرية التعمير والبناء، مطالبين السلطات بحل مشاكلهم المالية العالقة. وتتخوف الحكومة من آثار الإشكال المالي الخاص بالمقاولين، على البرنامج الخماسي الجديد المخصص له 286 مليار دولار، خاصة وأن قسطا كبيرا منه يذهب إلى قطاع المنشآت العمومية التي تحتاج إلى شركات مقاولة تنجز المشاريع في آجالها المحددة. واستفيد بأن الإشكال كان مطروحا بالنسبة للبرنامج الخماسي السابق، الذي لم تكتمل مشاريعه، واقتطعت الحكومة غلافا ب133 مليار دولار من البرنامج الجديد لإتمام المشاريع السابقة المتوقفة، حيث أن من بين الأسباب التي أدت إلى تعثر تلك المشاريع، انسحاب مقاولين من إنجازها، بسبب تأخر الإدارة في تسوية وضعياتهم المالية، واضطر العديد منهم إلى رفع دعاوى قضائية ضد الإدارة القطاعية المكلفة بالتسوية الإدارية لملفات التخليص لدى المراقبين الماليين، عبر الولايات، والذين يحوزون على صلاحية التأشير على ملفات التخليص لفائدة المقاولين بعد مسار إداري طويل تشتكي منه شركات المقاولة، ويؤدي في النهاية إلى تعثر إنجاز المشاريع العمومية في آجالها. وتتخذ عملية تسديد مستحقات المقاولين مسارا يبدأ من المديرية القطاعية صاحبة المشروع، التي تبعث بفواتير إنجاز المشروع إلى المراقب المالي، حيث يدقق بدوره في الملف، قبل أن يحيله على مصالح الخزينة العمومية وبعد أن تبدي فيه مصالح المراقبة التقنية للبناءات رأيها، بناء على عملية تفقّد للمشروع للنظر في مدى مطابقته المعايير المتعارف عليها، لتتم عملية التسديد. وتتبادل الجمعيات المهنية للمقاولين والإدارة الاتهامات بشأن أسباب تعثر المشاريع، فبينما تشتكي شركات المقاولة من البطء في تسديد مستحقاتها، وتأثير ذلك على إتمام الأجزاء المتبقية من المشاريع، تتهم الإدارة المقاولين بعدم الالتزام بالقانون الذي يفرض على المقاول البدء في المشاريع المحصل عليها من ماله الخاص في انتظار ضخ مستحقاته للجزء الأول. وقال متحدث إداري تتصل مهامه بهاته الإشكالية إن ''العديد من المقاولين ينتظرون الإدارة لضخ أموال المشروع من أولها وبالتالي لا ينطلقون في الأشغال إلا بعد ذلك''.