يدير طرفا القتال في ليبيا حربا إعلامية شرسة لا تقل ضراوة على الحرب التي تدور على الأرض بين المقاتلين الثوار وكتائب القذافي، وساهمت القنوات الفضائية والصحف والأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك واليوتيوب وتويتر في تأجيج نار الحرب الإعلامية. بدأ نظام معمر القذافي يخسر الحرب الإعلامية لصالح الثوار يوما بعد يوم، ولم يستطع مسايرة الثوار الشباب الذين استلهموا من ثورة تونس ومصر حرب الأنترنت والتلفزيون، وبدا نظام القذافي عاجزا بسبب افتقاده إلى منظومة إعلامية تتماشى مع التطورات التقنية، والى إطار إعلامي يفهم متغيرات الإعلام الجديد، عن خوض الحرب الإعلامية التي يستخدم فيها الثوار الأنترنت والمواقع الاجتماعية كالفايسبوك بشكل متقن، حيث يوزعون عليها وعلى مواقع المعارضة في النت الفيديوهات والصور والبيانات والنداءات. كما انتصر الثوار الليبيون على القذافي فيما يتعلق بالتواصل المكثف مع القنوات التلفزيونية، ومساعدة مراسلي القنوات التلفزيونية على القيام بتغطية الأحداث وتأمينهم خلال ذلك، بهدف كشف ما يعتبرونه ''جرائم حرب يقوم بها القذافي''، كما يتواصل الثوار بشكل مستمر مع القنوات الفضائية والصحف ووكالات الأنباء عبر توصيل أشرطة فيديو تم تصويرها خلال المواجهات مع كتائب القذافي، وتسهيل اتصالات وسائل الإعلام بصحفيين ليبيين أو قيادات محلية والثوار في أي مكان في ليبيا. ويستعين الثوار في الحرب الإعلامية الدائرة ضد القذافي بوجوه المعارضة التي تتواجد في الخارج، بحكم قربها من مقرات وكالات الأنباء والقنوات الفضائية ومواقع صنع القرار فيها، لتمرير الأخبار والتقارير والصور عما حدث ويحدث في ليبيا. في المقابل ارتكب النظام الليبي أكبر أخطائه الاستراتيجية في بداية الأحداث في ليبيا، عندما أغلق القذافي ليبيا أمام وسائل الإعلام، واتهم الصحفيين بالعمالة والتجسس، غير أن نجله، سيف الإسلام القذافي، اعترف بفشل وسائل الإعلام الليبية في الرد على ما يصفه ب''الحرب الإعلامية المغرضة''، وأعلن فتح ليبيا أمام كل وسائل الإعلام الأجنبية، ودعا 100 صحفي إلى زيارة طرابلس واستطلاع الأوضاع، وأعلن عن وضع كل وسائل النقل بما فيها الطائرات العسكرية تحت تصرف الصحفيين الأجانب للتنقل إلى أي منطقة يشاؤون. وجاءت هذه الخطوة ردا على ما تردد من قصف طائرات ليبية لحي تاجوراء في طرابلس في بنغازي، ونظم قبل يومين جولة لنحو 100 صحفي ومصور أجنبي في مناطق على الحدود مع تونس، كما زار الوفد مصفاة النفط بمدينة الزاوية التي تقع على بعد 40 كلم غرب طرابلس. وإضافة إلى ذلك خفف العقيد معمر القذافي من خرجاته الإعلامية الحادة التي كان يتهجم فيها على الثوار الليبيين، وفتح المجال للحوارات الصحفية مع عدد من القنوات التلفزيونية، كما بات نجله سيف الإسلام القذافي ووكيل وزارة الإعلام خالد كعيم أبرز الوجوه الإعلامية التي تتحدث باسم نظام القذافي وتتواصل بشكل مستمر مع القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء. ثورة تونس ثم مصر كشفتا عن حرب على الأنترنت والتلفزيون، كثيرا ما لعبت دورا فاعلا في حسم الموقف على الأرض، أو تغيير مواقف وسياسات، ويتكرس ذلك في أحداث ليبيا التي بدأت وسائل الإعلام بعد كشف مخلفات القصف الجوي على بنغازي تلعب الدور نفسه.