تنظيم القاعدة تدعم بصواريخ ''أرض - جو'' مع الانتصارات المتتالية التي يحققها الثوار الليبيون على الأرض، بدعم من قوات التحالف، وأصبحت أيام القذافي على رأس القيادة في ليبيا محدودة، يبرز إلى السطح ملف القاعدة بجدية والتحديات التي ستواجهها المنطقة على مدار السنوات القادمة، بسبب استفادة التنظيم من الأسلحة التي تم تهريبها من الثكنات العسكرية، أو تلك التي وقعت بين أيدي عناصر القاعدة عبر المرتزقة الذين قاتلوا إلى جانب كتائب القذافي وعادوا إلى بلدانهم. تغذي هذه التخوفات من تحول ليبيا إلى مخزن للبارود يقوي شوكة القاعدة في منطقة الساحل وما سينجر عنه من اختلال أمني تدفع ثمنه الدول المكونة لمنطقة الساحل، الأخبار المتواترة التي تحدثت عن حصول تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على صواريخ أرض - جو وأسلحة ثقيلة تجعل منه أحد أكثر الجيوش تسليحا في المنطقة، وفق ما صرح به الرئيس التشادي إدريس ديبي، ما سيجعل منه تهديدا مباشرا لكل دول المنطقة التي تشترك في منطقة الساحل وعلى رأسها الجزائر. وآخر التقارير الإعلامية تحدثت عن عودة المئات من توارف مالي من جبهة القتال في ليبيا حيث كانوا إلى جانب قوات القذافي في محاربة الثوار، وهم محملون بأسلحة مختلفة تراوحت بين صواريخ أرض - جو من نوع سام ,7 وقذائف آر بي جي 7 المضادة للدبابات. هذه المعطيات يزيد من صدقيتها ما ذهب إليه الرئيس التشادي، إدريس ديبي، في حواره مع مجلة ''جون أفريك'' الذي أكد خلاله بأن ''مقاتلي القاعدة استغلوا نهب مخازن الأسلحة في مناطق التمرد للتزود بأسلحة، بما فيها صواريخ أرض - جو، نقلت لاحقا إلى معاقلهم في تينيري، صحراء التشاد''. وأضاف أنه ''من الخطير جدا أن تنظيم القاعدة يكاد يتحول إلى جيش حقيقي من أفضل الجيوش تجهيزا في المنطقة''، مضيفا أنه ''متأكد 100 بالمائة من معلوماته''. ووصف الزعيم التشادي ب''القرار المتسرع، التدخل الذي بدأه السبت الماضي الائتلاف العسكري الدولي الذي قادته فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا''، مؤكداً أنه ''قد تنجم عنه تداعيات خطيرة تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي''. وقد التحق شباب من توارف مالي إلى ليبيا عبر النيجر، تم تجنيدهم عبر وسطاء، بسبب إغراءات مالية. ويقول رئيس المجلس الجهوي لكيدال بشمال مالي، عبد السلام آف أسلات، لوكالة الأنباء الفرنسية: ''من التحق بقوات القذافي تحصلوا على ألف دولار خلال أيام قليلة، لقد دفعوا لهم مبلغا جيدا''. ويعبر المتحدث لوكالة الأنباء الفرنسية عن تخوفه مما سيحدث مستقبلا حيث يقول: ''لكن هناك خطرا يداهم الجميع، هناك العديد ممن أخذوا الأسلحة التي كانت بحوزتهم في ليبيا وعادوا بها من أجل بيعها لتنظيم القاعدة''. ويضيف: ''هذه الأسلحة الثقيلة سوف تتسبب في عدم استقرار كل منطقة الساحل، والقاعدة سوف تكون أكثر فأكثر سيدة المنطقة، خاصة أمام محاولة بعض شباب توارف مالي الالتحاق بصفوفها''. وتحدث السيد عبد السلام عن عودة قوية لشباب التوارف ممن شاركوا ضمن كتائب القذافي، مشيرا إلى أن حوالي 40 منهم فقد أثرهم في جبهة القتال، ويعتقد أنهم قد قتلوا سواء خلال المعارك أو القصف الذي تنفذه قوات التحالف. هذه المعطيات ستجعل من القاعدة أول مستفيد من انهيار الوضع في ليبيا بهذه الطريقة، خاصة أمام التكهنات بأن الحرب ستطول، الأمر الذي يفسح المجال للقاعدة لكي تتسلح أكثر فأكثر من مخازن السلاح التابعة للقذافي الثرية بمختلف أنواع الأسلحة، سواء عبر المرتزقة العائدين من جبهات القتال، أو تلك التي نهبت في المناطق التي أصبحت معزولة بسبب الحرب. وهي الوضعية التي يعرف تنظيم القاعدة كيف يتعامل معها للحصول على هذه الأسلحة مقابل المال الذي تحصل عليه عبر الفديات المقدمة من دول أوروبية مقابل إطلاق سراح رعاياها المختطفين من قبل التنظيم في الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا. وكان مستشار الرئيس لقضايا مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، عبد الرزاق بارة، قد أكد في وقت سابق أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جمع أكثر من 30 مليون أورو من الفديات التي دفعتها دول أوروبية مقابل إطلاق رهائن غربيين كان يحتجزهم التنظيم الإرهابي منذ أول عملية خطف رهائن في منطقة الساحل في فيفري .2003 والأحداث الجارية في ليبيا مكنت القاعدة من الحصول على مصدر مهم للتزود بالأسلحة الثقيلة التي كانت تحلم بالحصول عليها منذ سنوات، ما سيجعل من الأمن فيها مختلا ويصعب من جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. وأول من يتحمل هذه المسؤولية هو عدم حكمة القذافي في التعامل مع الحركة الاحتجاجية حيث لجأ مباشرة إلى السلاح من أجل قمعها واستعانته بمرتزقة، إلى جانب تدخل قوات التحالف على الخط، ما يجعل لتنظيم القاعدة الحجة الكافية لتجنيد المزيد من العناصر في صفوفه ويسهل عليه عملية الحصول على الأسلحة والدعم.