لقد تميّز تعامُل سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع النِّساء بمستوى راقٍ من التّقدير والاحترام، بدأه بقوله: ''خَيْرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي''، أخرجه الترمذي. فجعَل تمايز الرجال في خيريَّتهم وتقدير مقامهم منوطًا بإحسان كلّ منهم لزوجته وأهل بيته، ثمّ شجّعهم على المسابقة إلى الإحسان إلى الزوجة. ثمّ بدأ بنفسه تطبيق ذلك المبدأ الّذي رفعه، فإذا هو يعلن بين النّاس أنه خير مَن يحسن معاملة زوجته وأهل بيته، وأنّهم يجب أن يقتدوا به في ذلك. لقد كان معظم الرجال في عصر سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يعدّون أنّ رجولة الرجل لا تتحقّق إلاّ بسيطرته على المرأة، وربّما تفاخر البعض بذلك، وعدّوا احترامها نوعًا من الضعف أمامها والمهانة. فجاء سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فأعلن أنّ احترام المرأة وتقديرها هو أمرٌ رباني ومبدأ نبوي من مبادئه، لا يحق لأحد أن يتجاوزه. فيقول عليه الصّلاة والسّلام: ''اتّقوا الله في النِّساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله''، أخرجه مسلم. وتقول زوجته السيّدة عائشة رضي الله عنها: ''ما ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة بيده قط''، أخرجه مسلم.