هل ينبغي أن نخاف من الغرب؟ وهل ينبغي أن نخاف على '' الربيع العربي'' من السطو الغربي؟ سؤالان مطروحان بحدة من قبل عدد من الكتاب في بعض الصحف الجزائرية وعدد من الصحف العربية. على كل لا يخشى الغريق من البلل! أما الذين يوحون أن ''الربيع العربي'' هو مؤامرة وهو حدث جاء ب ''التليكوموند'' (الريموت كونترول) فذلك تقليل خطير من شأن الحدث ومن وعي الإنسان العربي، وذلك أمر قد يكون رد فعل من بقايا الأنظمة الساقطة أو الآئلة للسقوط. الواقع إذا كان يمكن للغرب أن يحمي الأنظمة الديكتاتورية ثم يمكنه أن ينظم الشعوب العربية ويحركها، فعلينا ليس الثورة والانتفاضة ولكن الانتحار والانسحاب من على وجه المعمورة تماما لأننا لا نستحق الحياة أبدا. ويبدو أن على النخب أن تتعلم شيئا بسيطا وهو الثقة في الشعوب والخروج من ثقافة العجز ''الجيني''!! التي عممتها الأنظمة وحلفاؤها في الداخل والخارج. نعم هناك هجمة غربية منظمة للحد، على الأقل، من آثار الثورات الاجتماعية العربية على مصالحها وعلى تغيير معطيات إدارة الوضع في المنطقة بصورة عميقة. بل والعمل حتى على تشويه ما يمكن تشويهه من صور أخرى فيها شيء مما يمكن الافتخار به، مثل المقاومة والممانعة. ومع ذلك ينبغي القول: الخوف من الغرب ينبغي أن يؤخذ من زاوية أن الغرب جار قوي وزاده سطوة وقدرة حال أنظمتنا التي تستمد شروط استقرارها من رضاه عليها وله مصالح ضخمة في بلداننا وهو لن يتوانى في الدفاع عنها وحمايتها بكل ما يملك من قدرات. خاصة أنه يخسر من نفوذه على الاقتصاد العالمي لصالح الصين والهند والبرازيل وغيرها من البلدان النامية فعلا. إن سقوط الأنظمة في تونس وفي مصر، وكانت أنظمة حليفة للغرب، قد لا يكون ثورة تحدث قطيعة عميقة وجذرية مع ما سبقها ولكنها لن تكون أسوأ من الوضع الرديء السابق. لم تعطنا الأنظمة ما بعد الكولونيالية، على الرغم من محاولات عبد الناصر وبومدين وغيرهما، إلا دولا، صدقت فيها النوايا وغابت المؤسسات، ثم سارت بنا من سيء لأسوأ، وانتهت إلى دول تقوم على أجهزة بيروقراطية وأمنية، حكمتنا بالظلم والتسلط ورمت بنا، في عصر الحرية والديمقراطية، في الذل والمهانة بين الأمم. أما الخوف من قيام أنظمة أخرى ضعيفة تكون لقمة صائغة للمصالح الغربية فهو أمر قائم ولكن التعويل هو على وعي الإنسان العربي. إن الصراع الملاحظ في تونس ومصر ومصاعب التحول هي دليل على دخول عنصر جديد للسيستام ووجود مقاومة من بقايا سدنة المعبد ومقاومة أخرى من القوى الجديدة الطامحة في الإصلاح. والسؤال المهم الآن هو: هل نحن قادرون على بناء علاقة تبادل مصالح متوازنة مع الغرب أو على الأقل أفضل من سابقتها؟ وللإجابة لا بد أن نتساءل ما هي عوامل القوة التي نملكها للاضطلاع بذلك؟ مؤكد أنه لم يكن ممكنا في الوضع السابق إعادة تنظيم عوامل القوة أو تحسينها، وقد لا يكون ممكنا بالطريقة التي نأملها بعد التحولات الحادثة. من بين عوامل القوة الأساسية تغيير معادلة الحكم في هذه البلدان وجعل الشعوب طرفا فيها، لأن التحول في هذه المعادلة ومهما كان ضئيلا يعد أفضل من (الستاتيكو) المدمر الذي دام أكثر من نصف قرن. أما الحديث عن التبعية والهيمنة على منابع النفط كما يقول البعض فهذه بيد الشركات الغربية الكبرى أمريكية وأوروبية، في الجزائر وليبيا والخليج وغيرها، ولا أعتقد أننا سنخسر شيئا إضافيا. أما المواجهة مع إسرائيل، فقد عشنا نتابع التراجع العربي ومواصلة إسرائيل زيادة نفوذها وتوسيعه في الولاياتالمتحدة وعلى القرار الأمريكي والغربي عامة ومواصلتها التهام أراضي فلسطين بالاستيطان. لقد هُوِّدَت القدس فعلا وتكاد القضية الفلسطينية أن تقبر، بالعجز العربي والفلسطيني. وتصور أن الانتفاضات العربية ستضيّع فلسطين أو أنها مؤامرة لاستكمال قبر القضية الفلسطينية أمر لا يستقيم منطقيا. نعم إن الرهانات كبيرة وهي في حاجة لتحسين عوامل القوة. وما دمنا غير قادرين على عوامل القوة العسكرية فينبغي التركيز على التأسيس من جديد لدول تقوم على تحرير الإنسان. فهل الربيع العربي بداية نهضة فعلا؟ لا بد من الاعتقاد في ذلك من غير أوهام. [email protected]