لماذا ينظر الناس إلى استقبال السعودية للرئيس التونسي بن علي، ومن بعده الرئيس اليمني عبد الله صالح، على أنه قرار صائب ويساهم في حل الأزمة في كل من تونس واليمن؟ ولماذا سكت الجميع عندما استقبلت الأردن رغد ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عشية سقوط بغداد، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد لمجرد أن أفرادا من عائلة القذافي دخلوا الجزائر، وبينهم سيدتان، إحداهما حامل، وهناك الكثير من الأطفال المرعوبين من هول الحرب في ليبيا؟ وهل من الشهامة- والليبيون أهل شرف ونخوة- أن يتم الاستقواء على الضعفاء، وخصوصا النساء، حتى ولو كانوا من عائلة العقيد؟ الإجابة بكل بساطة هي أن حالة الشحن الإعلامي ضد الجزائر هي التي جعلت الناس يفهمون في هذا الموقف الإنساني عملا ''عدائيا''، كما جاء على لسان بعض قيادات المجلس الانتقالي الليبي. لكن نظرة متأنية في حادثة دخول أفراد من عائلة القذافي، تبين أن الجزائر أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كما أبلغت محمود جبريل رئيس حكومة المجلس الانتقالي الليبي بالأمر، قبل اتخاذ القرار، ولو كان هناك اعتراض من الجانبين لما دخلوا الجزائر. فهل في وجه بان كي مون ومحمود جبريل حياء وإنسانية، بينما تفتقدهما الجزائر. الحقيقة الأخرى التي يجب أن ينتبه إليها قادة ليبيا الجدد هي أنه لا مفر من بناء علاقات جيدة مع الجزائر، ولن يتم ذلك بكل تأكيد من خلال التصريحات الانفعالية لأعضاء المجلس الانتقالي، كل واحد يقول ما يحلو له باسم الشعب الليبي. فخلال الساعات القليلة التي تلت إعلان خبر دخول أفراد من عائلة القذافي للجزائر سمعنا عضو المجلس محمود شمام يتحدث عن عمل عدائي يستوجب ردا قاسيا، وسمعنا مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس يثمن السلوك الإنساني للجزائر، لكنه يطالب بتسليم اثنين من أبناء القذافي، في حين بدا محمود جبريل رئيس الحكومة أكثر وعيا بحقيقة الموقف الجزائري، لأنه أولا وأخيرا على اتصال مع السلطات الجزائرية. وطبعا لا يعفي هذا التناقض الحاصل في المجلس الانتقالي الليبي، الجزائر من أن تبدي شفافية أكثر في تعاطيها مع الأزمة الليبية، وتمكن الصحفيين من الوصول للمعلومة في حينها، بدل الاكتفاء بدبلوماسية ردود الفعل. [email protected]