فتحت تصريحات اللاعب السابق للمنتخب الوطني للثمانينيات محمد قاسي السعيد، مؤخرا، بفرضيته التي ربط بها إنجاب أولاد معاقين، رفقة لاعبين يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، بما كانوا يتناولونه من مواد طبية كيميائية من قبل أطباء من أوروبا الشرقية في تلك الحقبة، باب التأويلات على مصراعيه، بين مساند هذا الطرح، ومعارض للفكرة جملة وتفصيلا. تصريحات قاسي السعيد تثير الجدل ظهور حالات مشابهة يضاعف الشكوك يحمل المساندون للقضية التي يرافع عليها قاسي السعيد في جعبتهم أدلة واقعية، خاصة وأن قاسي يعاني من هذه المعضلة رفقة زملائه في المنتخب في تلك الفترة، من أمثال ثنائي شبيبة القبائل صالح لرباس وجمال مناد، ولاعب رائد القبة محمد شعيب، ولاعب اتحاد بلعباس عبد القادر تلمساني، وابن تموشنت تاج بن ساولة، في حين أن الذين رفضوا تقبل هذه الفكرة يملكون أيضا أمثلة واقعية، ويقودهم ابن النصرية شعبان مرزقان، الذي خضع لاختبارات ضد المنشطات في تلك الفترة من قبل هيئات عالمية بطلب من الاتحادية الدولية لكرة القدم، أثبتت كلها ألا شيء محظورا كان يتناوله صاحب''المقصية''، وهو ما يعني أن فرضية قاسي السعيد مستبعدة. ''الخبر'' وبغية تسليط الضوء على هذه القضية، لم تكتف باستطلاع آراء المعنيين بالأمر من لاعبين وأطباء ومدربين، ممن شكلوا المنتخب في تلك الحقبة الزمنية، وممن يحق لهم التحدث في هذا الموضوع، بل اتصلت برياضيين من اختصاصات أخرى، باعتبار أن فترة السبعينيات والثمانينيات، عرفت نزوح مدربين وأطباء من أوروبا الشرقية إلى الجزائر، بطلب من الهيئات الرياضية الوطنية آنذاك لأسباب رياضية، وفقا لاتفاقيات مبرمة تدخل في إطار التعاون الرياضي، ولأسباب أخرى سياسية لا داعي لسردها حاليا. وإذا كان قاسي السعيد قد خص بالذكر، في تصريحه، لاعب المنتخب الوطني لكرة اليد للثمانينيات عازب، الذي قال عنه إنه يعاني هو الآخر من هذا الإشكال، حيث أنجب طفلا معاقا، فإن التاريخ الرياضي الجزائري دوّن أن بطل الجزائر وإفريقيا في رياضة رفع الأثقال أحمد تاردي، في الألعاب الأولمبية لسنة 1984 التي أقيمت بمدينة لوس أنجلس الأمريكية، أثبتت تحاليل تعاطي المنشطات في تلك الدورة تعاطيه لمادة منشطة، وهو ما كلفه الإقصاء لمدة عام ونصف. ابن مدينة باتنة، أحمد تاردي، البالغ من العمر حاليا 57 سنة، أكد في تصريحه ل''الخبر'' هذه المعلومة، وقال ''مدربي الروسي إيكتوف، آنذاك، منحني مادة محظورة في نهاية الألعاب الأولمبية بلوس أنجلس، وعليه تم إقصائي. لكن هذا لا يعني أن النتائج التي حققتها كانت بسبب المنشطات، بل بالعكس حصدت العديد من الألقاب في مختلف الدورات بفضل عرق جبيني''. البطل الجزائري تاردي، بالمقابل، أشار إلى نقطة هامة، وهي أن أولاده في ''صحة جيدة والحمد لله''. العارفون بعالم المنشطات من أطباء، أكدوا ل''الخبر'' أنه من حق قاسي السعيد وزملائه فتح تحقيق في هذا الموضوع، مستندين إلى مبدأ علمي، وهو أن كل تركيبة طبية كيميائية قد تكون لها أعراض ثانوية. وذهب بعضهم إلى حد الغوص في التاريخ الرياضي، وبالأخص في فترة تألق رياضيي أوروبا الشرقية في مختلف المنافسات الرياضية خلال سنوات الثمانينيات، رغم أن المحققين أو المشككين في تلك الحقبة من العصر الذهبي لرياضيي أوروبا الشرقية اتهموا بالعمل لحساب القطب الرأسمالي، على حساب الاشتراكي في ظل الحرب الباردة. وانطلاقا من أن الفرضية عبارة عن تفسير معقول قابل للتجربة والاختبار، وقد تكون خاطئة وقد تكون صحيحة، حسب نتائج الاختبارات والتجارب المتكررة، فإن الجميع ممن اتصلت بهم ''الخبر''، سواء كانوا مساندين لطرح رفاق قاسي أو ضدهم، أجمعوا على ضرورة فتح تحقيق في الأمر، لعل وعسى تظهر نتائج التحقيق مطابقة لما ذهب إليه ابن القبة، وحتى وإن جاءت النتائج معاكسة فإنها ستضع حتما حدا لمثل هذه الشكوك التي قد تؤثر سلبا على الهرم المعنوي الذي وصل إليه المنتخب الوطني للثمانينيات، الذي لا يزال يحظى باحترام الجميع، سواء في الداخل أو في الخارج، ويكفي رفاق بن ساولة وزملاءه فخرا أنهم فازوا في يوم من الأيام على منتخب ألمانياالغربية بنجومه اللامعة التي لا تزال تتذكر الهزيمة.