السؤال الصعب والمخجل في آن واحد، والذي يبرز عند قيام أي ثورة عربية، هو: ''من البديل''؟! تخيلوا، بلادا عدد سكانها بالملايين، فيهم الأكاديمي والسياسي والمثقف والحائز على جوائز عالمية، ويجرون معهم عشرات الآلاف من سنوات التاريخ والحضارة.. تخيلوا بلادا كهذه لا يوجد فيها بديل له ''كاريزما'' قيادية! وإن وجد البديل، فهو على الأغلب من داخل دائرة النظام نفسه، أو ممن عملوا في هذه الدائرة سابقا، كمنشق عن النظام، أو مسؤول سابق فيه، وكأن الشريحة الحاكمة في هذه البلاد وحدها المؤهلة سياسيا. هذه الندرة في القيادات يرجع السبب فيها، ربما، إلى أن معظم الذين حكموا البلاد العربية بقوا في مناصبهم لعقود من الزمن، مما أدى إلى تكريس صورة نمطية معيّنة في أذهان الشعب بأن الزعيم يجب أن يكون: متجهما وحادا ورسميا، لا يعارضه أحد.. ولم يتقبلوا بعد كل هذه العقود من السنوات أن يكون زعيمهم ''كاجوال''! الصورة النمطية الأخرى التي تكرّست في أذهان بعض الشعوب العربية، هي أن الزعيم عندهم محاط برهبة قمعية وأمنية وسجون وزنازين، وبالتالي، فهيئة الزعيم المدني غير مألوفة لديهم بعد.. وربما لا هيبة له! حسنا، ماذا لو مات الزعيم فجأة؟ كيف سيتصرفون؟ مع أن الدكتاتوريين لا يموتون فجأة، فإما أن يتم إخراجهم من حفر، أو يفرون بالطائرات.